أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لاجئون عراقيون في الحسكة.. أمراض بلا دواء وسط تفاقم المعاناة والأعداد

خلال الانتظار قرب رجم الصليبي على الحدود العراقية السورية - نشطاء

في خيمة صغيرة بمخيم "الهول" شرق الحسكة، تجلس فاطمة، 31 عاماً بين طفليها المرضين بمرض جلدي، وتحرص على إبراز أجزاء من جسدي الصغيرين لكل من تظنه مسؤولاً إغاثياً في إحدى المنظمات، وتشرح بكل دقة حالتهما للزائرين.

السيدة فاطمة، التي أرادت الفرار بأطفالها من جحيم الحرب في العراق إلى بر الأمان، تقول: أصيبت ابنتي (4 سنوات) بداء الصدف، وكنّا نعالجها، وظلت بحالة صحية جيدة، لا شيء يذكر، حتى وصلنا إلى حاجز "رجم الصليبي"، وبقينا شهراً كاملاً هناك، وبسبب التلوث مرضت من جديد، نتيجة إقامتنا بالعراء قرب الحاجز في بيئة ملوثة.

ويستمر وصول مجموعات من العائلات الهاربة من مدينة الموصل ومحيطها في محافظة نينوى العراقية، التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ حزيران/يونيو 2014، إلى حاجز "رجم الصليبي" التابع لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، ويعيشون ضمن ظروف غاية في السوء، وذلك منذ بداية الحملة العسكرية للقوات العراقية والميليشيات المساندة لها ضد التنظيم في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

هذه السيدة من بين آلاف العراقيين الفارين من مدينة الموصل ومحيطها، أيضاً لديها طفل آخر بعمر عامين، مصاب بالمرض ذاته، (الصدف) منذ شهرين، وتفاقمت حالته خلال انتظارها السماح لها مع مجموعة من المحتجزين بعبور الحاجز، وأثّر عليه التلوث هناك، وقلة الماء، والدواء، ونقص الغذاء المناسب، وحتى بعد انتقالهم إلى مخيم "الهول" لم يجدوا أدوية لهذا المرض.

وتتابع فاطمة حديثها، المحاصر بالحسرة والألم: "عندما آخذهم إلى الطبيب في المخيم يحولهم إلى منطقة أخرى للوقوف على حالتهم، ويعطينا تقارير تشخص الحالة وأوراقا، لكن الأدوية غير متوفرة".

ومن اللاجئين المصابين بأمراض صعبة، السيد خضر 70 عاماً، يقول: "صحتي ليست جيدة، لأنني أعاني من أمراض عدة أولها فقر الدم والسكري، دخلت مخيم الهول منذ أكثر من شهر، ولم ألقَ عناية طبية مناسبة".

لم يذهب خضر، صاحب العائلة الكبيرة، إلى طبيب خارج المخيم، لأنه لا يملك المال اللازم للذهاب لعيادة خاصة، واللجان التي تسجل اسمه في قوائم تعدها بغرض مساعدة اللاجئين، تذهب ولا تعود.

ويصف الرجل المسن: "أشعر بأن أقدامي قطعة من نار، لا أستطيع المشي عدة أمتار حتى اضطرّ للجلوس".

وخلال الشهرين الماضيين، ازداد عدد اللاجئين العراقيين الساعين للنجاة بأطفالهم مثل فاطمة والحاج خضر، إلى جانب النازحين السوريين من دير الزور، في مخيم "الهول" لأكثر من 10 أضعاف ليصل إلى نحو 16175 شخصاً، وتقيم كل أربع عائلات في خيمة واحدة دون فرش وأغطية تدفع عنهم برد الشتاء، وفق "فرحان صالح التركي"، مدير مكتب المنظمة العالمية لحقوق الإنسان في سوريا.

وأضاف "التركي" في تصريح لـ "زمان الوصل" إنه "تمت الموافقة على نقل دفعة ثالثة من اللاجئين العراقيين اليوم الاثنين من مخيم "الهول" إلى شمال العراق، ثم إلى محافظة صلاح الدين، مشيراً إلى وفاة عدد من الأطفال وكبار السن على الساتر الحدودي الأسبوع الماضي العالقين ضمن مجموعات النازحين قرب حاجز "رجم الصليبي" التابع لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" دفنوا هناك لصعوبة الوصول إليهم، فتدخلت الأمم المتحدة وتكفلت بالنقل وعملت على إدخال جميع العالقين إلى مخيم "الهول"، لكن العدد يزداد في كل يوم بوصول نازحين جدد إلى الحاجز.

وقال "التركي" إن العائلات الهاربة، تسلك طرقاً محفوفة بالمخاطر ومزروعة بالألغام والمتفجرات وقطاع الطرق، مع دفع مبالغ طائلة للمهربين حتى يصلوا إلى حاجز "رجم صليبي"، حيث يعيشون ضمن أوضاع إنسانية حرجة جدا ويعانون من أمراض جلدية متنوعة أهمها الجرب واللاشمانيا والصدفية، إضافة لانتشار مرض الإسهال والجفاف في تلك المنطقة الصحراوية كثيرة الغبار بين قضاء "البعاج" العراقي وبلدة "الهول" السورية.

وعند الوصول إلى مخيم "الهول" بعد نقلهم من الحاجز تزداد المعاناة أكثر فأكثر، بسبب الإهمال الصحي داخل المخيمات، وغياب دور المنظمات الإغاثية والطبية، وعدم توفر العلاج اللازم والأدوية الجيدة، حسب "التركي".

وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد النازحين العراقيين نتيجة المعارك هناك بحوالي 70 ألفا، وكانت أعلنت مع بداية الحملة العسكرية على الموصل أنها تخطط لإنشاء 11 مخيماً بالإجمال، بما في تلك المخيمات الخمسة التي أنشئت أساساً بالعراق، وهي قادرة على استيعاب 120 ألف شخص، إلى جانب توسيع مخيم "الهول" في الحسكة، حالياً، لتعزيز قدرته الاستيعابية.

محمد الحسين - زمان الوصل
(85)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي