أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عيون زرقاء ووقطة بيضاء ومرشح اسود .... محمد العرب

الساعة تعلن انتصاف الليل ، المطر يغزو الشوارع والبرد يعلن سطوته الأزلية على الأجساد المتوارية خلف المعاطف ، سيارات الأجرة تبخرت بردا ، قليلون هم من يقاومون ال مطر والبرد كون الغزاة لم يمهلوهم الوقت للاختباء ، مشهد مناخي يتكرر في بقاع عدة من العالم ، ولكن المشهد لم يكتمل بعد أمامي ، مشهد أخر تحدثه المصادفة أمام مطعم أمريكي في عاصمة عربية يحرك في داخلي شيء ، ليتحول الشيء الى لا شعور يحرك قدمي لتداعب الكوابح وتتوقف السيارة ، فتاة شقراء عيونها الزرقاء تمطر دمعا ينافس المطر ، تخلت عن ملابسها الثقيلة وتقف بقطعة واحده مبتلة تحت المطر ،ترتجف باكية ، الفتاة لم تتعرض للاعتداء ولم يجردها احد من ملابسها بل تخلت عنها رفقة مظلتها بإرادتها لصالح قطة بيضاء صغيرة ووحيدة ، منظر قد يحاكي معاني إنسانية لسنا في وارد ذكرها ، فمن العيب أن نتباكى على قطة وملايين المسلمين والعرب يموتون بردا ، اقتربت منها ولكني لم أفكر أن أتنازل عن معطفي لأجل العيون الزرقاء أو القطة البيضاء لأني وبصراحة لم اشعر اتجاههما بتعاطف ، فالفتاة أمريكية والتعاطف هنا بالنسبة لكاتب عراقي مشرد بسبب أمريكا هو غير ورد وغير مقبول ، فأمريكا من ساسها لرأسها حكومة وشعبا وحيوانات غير أهل للتعاطف ولا الرحمة أو الشفقة وليقولوا عني إرهابي لأني أكرههم ، تكلمت معها لإرضاء شيء في داخلي ، وسألتها سؤال مباشر لماذا لا ترتدين شيء يقيك البرد متظاهرا أني لم أر القطة ملفوفة بمعطفها المزين بالعلم الأمريكي ومحتمية تحت مظلة مكتوب عليها أنا أحب أمريكا ، فقالت لي وهي ترتجف بردا ودموعها تنهمر : لقد تخليت عن معطفي ومظلتي من اجل هذه القطة المسكينة هل يمكن أن تنقلنا إلى حيث اسكن لعدم وجود سيارة أجرة ، لا اعرف لماذا أمتعني منظر ارتجافها تحت المطر بينما انعم أنا بالدفء تحت معطفي السميك ومظلتي الفرنسية الصنع ؟ تجاهلت طلبها وقلت لها لمن ستصوتين في الانتخابات الأمريكية ، فردت باستغراب : سأصوت لصالح اوباما ولكن هل ستوصلني للمنزل ؟ تجاهلت طلبها وقلت لها ولماذا اوباما ؟ فردت بعصبية : لأنه ما كان سيقف يسألني هذه الأسئلة وهناك احتمال ان تموت القطة ! ضحكت طويلا واعتذرت وقلت لها هنالك من يستحق مني المساعدة أكثر من أمريكية مهتمة بقطة شوارع ! فلما أدرت محرك سيارتي صرخت بي من أين أنت ؟

فقلت لها أنا من بلد فيه خمسة ملايين يتيم اغلبهم يعانون من برد العراق المعروف بقسوته بسبب بوش وماكين واوباما ، توجهت للبيت وأعددت حساء ساخن وجلست اكتب إلى جوار مدفئتي ولم يبق في وجداني شيء يذكر اتجاه هذه الفتاة أو قطتها ، واعتقد انه حتى لو قرأت خبر موتها صباحا فلن يزعجني الخبر ولن اشعر بالذنب ، لان الأمريكيين هم من صوتوا لقاتل الأطفال بوش وهم من أوصلوه لسدة الحكم والمصوتون ضده كانوا اضعف من إيقاف وصول سفاح مثله إلى البيت الأبيض ، لذا لن يستحقوا مني التعاطف مصوتين ومعارضين هم وأولادهم وأحفادهم ولتذهب كل منظمات حقوق الحيوان والإنسان إلى الجحيم التي ستقف متعاطفة مع صاحبة العيون الزرقاء والقطة البيضاء ضد رجل غير أنساني مثلي رفض مساعدة قاتليه ، ولكن لنترك القطة وصاحبتها ونتمعن بمقولة الفتاة عندما سألتها عن سبب منح صوتها لصالح اوباما قالت (لأنه لما كان سيقف يسألني هذه الأسئلة وهناك احتمال أن تموت القطة ! ) يعني ان هناك من يعتقد ان اوباما أنساني الى درجة انه لن يقوم بقصف مدن العراق بالأسلحة المحرمة دوليا لو استدعت المصلحة الأمريكية ولن يقصف الآمنين في سورية لمجرد التحذير ولن يذبح المسلمين في أفغانستان وسيوقف اليهود عن قتل الفلسطينيين ولن يزج بالمزيد من الأبرياء في سجون أمريكا السرية ، وان اوباما أكثر إنسانية من ماكين ؟!

وكأن الشعب الأمريكي هو من سيختار مرشحه ، اشعر بالغثيان الحقيقي من مدى العفن الذي أصاب عقول المعتقدين بان هنالك مسمى اسمه الديمقراطية ، الديمقراطية تلك الكلمة الأسطورية التي سيضحك عليها أحفادنا ضمن سلسلة مقالب أفلام كارتون ، أمريكا تثقلها الديون لأثريائها اليهود وهؤلاء الأثرياء هم من يصنعون التاريخ ويرفعون الأسود على حسب الأبيض والعكس ربما يكون واردا ، لعبة الشطرنج هذه بشقيها اوباما - ماكين ، محسومة لصالح من يزيد ثراء اليهود ، أما ما يقال ويحكى عن ديمقراطية الفرد الأمريكي وحريته فهو أحلام يقضان في تعلم استخدام الانترنيت ، لعله من الواجب علينا كعرب ومستضعفين فوق هذه المخروبة أن نتعلم الحقد ، تصوروا ان هذه الفتاة الأمريكية البلهاء التي من الممكن ان يصيبها المرض من اجل قطة هل كانت ستتخلى عن معطفها لصالح طفل عراقي او فلسطيني كانت هي وأبوها وعائلتها ومدينتها وبلدها سببا في إيصال من حرم أطفالنا من طفولته الى سدة القرار العالمي ؟
أما أجمل ما في الموضوع هو الأعلام الأمريكي فيمكن ان يجعل من هذه البلهاء الشقراء بطلة قومية وسفيرة نوايا حسنه ويمكن ان يجعل من اوباما الأسود صاحب اكبر قلب ابيض في الدنيا او ماكين الأبيض صاحب اكبر قلب اسود على ظهر البسيطة ، لذا لنؤسس لأنفسنا منهجا جديدا يتلاءم مع ما يتحرك نحوه العالم وهو مقابلة محاولة تصفيتنا كجنس وعرق بشري بكره يقينا على الأقل من ان نصبح بلهاء في أعين أعدائنا ، فكم هو منظر الخروف المبتسم لذابحيه مثير للضحك والشفقة ، فلا الذابح عفا عنه أكراما لابتسامته ولا الخروف قاومه ففاز بشرف المقاومة او ربما نصر الإفلات لذا تعالوا نكره أمريكا .....

ش

(122)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي