لم يتوقف "صلاح قيراطة" عن السعي لرضا نظام البعث طوال ثلاثة عقود من المديح والهتاف، والبحث عن دور له في مؤسسات النظام الموازية حتى لو كان شبيبة الثورة وحزب البعث في صفوفه الدنيا.
فمن هو "قيراطة" الذي يقدمه فيصل القاسم في برنامج "الاتجاه المعاكس"، ومن هي الجهة التي تسعى لتشكيل صورة عن الرجل من صفة باحث إلى ضابط سابق في الجيش السوري.
مدرسة المدفعية أولاً
16 حزيران عام 1979 نفذ الضابط السني النقيب "إبراهيم اليوسف" عملية في مدرسة المدفعية تسمى في أبجديات حزب البعث "مذبحة المدفعية"، ففي صباح اليوم المذكور جمع "اليوسف" كل الطلبة الضباط قاعة ندوة مدرسة المدفعية مع نائبه "عدنان عقلة" ومعه مجموعة من العناصر، وبدؤوا بإطلاق النار ما أدى إلى مقتل عدد كبير من المجتمعين، وحينها قيل أن "اليوسف" و"عقلة" حيّدوا الطلبة السنة.
قتل "اليوسف" بعد فترة في اشتباكات مع النظام بينما فرّ "عقلة" إلى العراق، ونفت وقتها جماعة الاخوان المسلمين تورطها بالحادثة، واتهمت البعث بأنه دبر المذبحة لتشويه صورتها، وأن المنفذين ليس لهم أي علاقة بتنظيم الطليعة، بمن فيهم "إبراهيم اليوسف" العضو العامل في حزب البعث، حسب قول الجماعة.
"صلاح قيراطة" كان أحد الناجين من واقعة المدفعية، وهو بالمناسبة من "السنة"، وقد تم اعتقاله والتحقيق معه لفترات متتالية، ومن ثم أطلق سراحه ليبدأ مرحلة جديدة من حياته.
اتحاد شبيبة الثورة
شبيبة الثورة كانت المنظمة التي تحتكر الحضور في أوساط الفتيان السوريين في ثمانينات القرن الماضي؛ ما جعلها منبراً للباحثين عن وظيفة لا تكلف أكثر من التصفيق والثرثرة المطولة عن مواصفات "القائد البطل" حافظ الأسد، ومرونة كبيرة في التعامل مع الأجهزة الأمنية، فالرفيق الشبيبي أو البعثي الذي يضطلع بمنصب قيادي، عليه أن يقدم تقريره الأمني خدمة للبعث والدولة القومية وهذا ما يعلمه أغلب السوريين.

"صلاح قيراطة" انخرط في أوساط الشبيبة باحثاً عن صك براءة أمام الأجهزة الأمنية التي اتهمت كل الناجين بالعمالة والخيانة، وهذا ما كان يعرفه كل المطلعين على قصة صلاح، وبعضهم وجد في البداية مبررات لهذا النفاق الغريب منه، ونشاطه المحموم وانتقاله من موقع لآخر، لكن البعض بدأ يراجع تلك "المبررات، وتحدث كثيرون في ريف دمشق حيث كان يقيم صلاح وأسرته عن ارتباطاته الأمنية وقبوله بأن يعمل مخبراً لأجهزتها المختلفة.
كل جهود "صلاح قيراطة" ونفاقه ومحاولاته في التقرب من القيادات الحزبية والأمنية، لم تجد إلا في وصوله إلى فرع دمشق لاتحاد شبيبة الثورة، ونقل عن بعض زملائه أنه تابع دراسته في الحقوق.
محلل ثم ضابط
السنوات الأولى من عمر الثورة لم تشهد أي نشاط سياسي أو اجتماعي لـ"قيراطة"، فيما يبدو أنه يتحين الفرصة للظهور أو أنه كان يهيئ لدور ما من قبل جهة ما محلية أو دولية.
فجأة وعلى قناة الجزيرة ثمة من اقترح "صلاح قيراطة" على فيصل القاسم وكرر استضافته، ولعب خلالها دور المحلل السياسي المؤيد لنظام البعث، والذي يرى في الثورة خدمة لإسرائيل، فضلا عن نعتها بالإسلامية والمخترقة والمتخاذلة، والثورة التي استغلت حاضنتها الشعبية لحمايتها.
الدور الثاني وهو ضابط في الجيش السوري، والكل يعرف أنه طرد بعد حادثة المدفعية، وبدأ ينظر في العسكرة وامتداح جيش النظام وشتم الفصائل الثورية.
كل من شاهد حلقات "الاتجاه المعاكس" من معارف "قيراطة" يبتسمون لأنهم يدركون الدور الجديد الذي يمثله.. ومهما كانت الجهة التي "تدعمه"، يبدو الرجل كمن يبحث عن موطئ قدم في الأيام القادمة، فسنوات "التربية" في أحضان البعث صنعت رجالات يصلحون لكل المراحل والسلطات.
ناصر علي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية