يرصد فيلم "سيلفي" للمخرج الشاب "جوان إيبش" قصة عدد من اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا ورحلتهم من تركيا إلى ألمانيا عبر البحر المتوسط وعبورهم العديد من الدول الأوروبية، والصراع الداخلي الذي عاشوه بين المضي إلى ألمانيا أو العودة إلى وطنهم المدمّر.
وشارك الفيلم، وهو التجربة الأولى لمخرجه في مجال الأفلام الوثائقية في 5 مهرجانات عالمية، اثنان في الولايات المتحدة الأمريكية، اثنان في اندونيسيا وآخر في بولندا، ومن المقرر أن يشارك في مهرجانات أخرى تنظمها مؤسسات ومنظمات حقوقية.
ولد "جوان محمد نور ايبش" في منطقة "عفرين" السورية عام 1994 وأتم مراحله الدراسية الثلاث في مدينة حلب ليدرس في جامعتها فيما بعد الهندسة المعمارية ومع بداية الثورة ونتيجة الضغوطات الأمنية، اضطرر "جوان" إلى ترك الجامعة والعودة إلى مدينته "عفرين"، وهناك بدأ العمل الإعلامي كمراسل لقناة "أورينت نيوز"- النشرة الكردية لمدة 3 سنوات وكمدير للمكتب الإعلامي لجمعية "بهار" الإغاثية.
في نهاية العام 2015 وكحال بقية السوريين اضطرر الشاب السوري إلى أن يسلك طريق الهجرة إلى ألمانيا.
يقول المخرج "جوان" لـ"زمان الوصل" إن وصوله من سوريا إلى ألمانيا عبر تركيا استغرق 15 يوماً، وبعد وصوله اصطحبته الشرطة الألمانية مع عائلته إلى كامب قرب مدينة "فرانكفورت"، حيث بدأ المرحلة الأولى من إنتاج الفيلم الذي أخذ اسم "سيلفي" فيما بعد.
ويضيف:"لجأت لاستعارة لابتوب صديقي وبدأت بفرز وترتيب المقاطع التي صوّرتها أثناء الرحلة، ثم بعد ذلك بدأت بمرحلة المونتاج، حيث تطلب تجهيز الفيلم كاملاً حوالي السبعة أشهر".
ويضيف محدثنا أن تصوير الفيلم كان بمثابة تحدٍ بالنسبة له، حيث تم تصوير معظم اللقطات سراً عن طريق كاميرا الهاتف وكاميرا منزلية، معتمداً على تجربته السابقة في إنتاج عدة "فيتشرات" قصيرة أثناء عمله الإعلامي في سوريا.
وحول اختياره لاسم "سيلفي"، أوضح مخرج الفيلم أن الاسم مستوحى من طريقة التقاط الصورة المعروفة بهذا الاسم والتي تجسد صورة الحياة بوجوه وخلفية مملوءة بالتفاصيل.
وروى "إيبش" أن أحد أصدقائه قال له في نهاية الفيلم بعد وصولهم إلى ألمانيا: "قم بأخذ سيلفي لنا"، وهنا التقط الصورة في ألمانيا ثم أظهر بعد ذلك صور سيلفي من سوريا ملتقطة في معظم المناطق المدمرة مثل: حلب -دمشق -كوباني -ريف حلب -درعا -إدلب، وتلك الصور -كما يقول- تتحدث عن نفسها، وتفسر بشكل كبير سبب لجوء رفاق الرحلة ومجيئهم إلى ألمانيا.
اختار "جوان إيبش" تقديم فيلمه باللغة الكردية مع ترجمته إلى الإنكليزية، وهو الأمر الذي لجأ إليه العديد من المخرجين السوريين الأكراد ضمن الموجة السينمائية الجديدة، وحول مسوغات هذا الاختيار يوضح المخرج الشاب أن "جميع لقطات الفيلم حقيقية ووثائقية تُظهر معاناة اللاجئين، وما تعرضوا له من مصاعب وأثناء التصوير –كما يقول- كانت لغة المحادثة هي الكردية بينه وبين أصدقائه، لذلك تم تقديم الفيلم باللغة الكردية، أما ترجمته للإنكليزية، فكان بهدف ضمان وصول الفلم إلى شريحة أكبر.
ولفت محدثنا إلى أن "الهدف الأول والرئيسي من الفيلم هو نقل صورة المعاناة التي يتعرض لها اللاجئ للضمير العالمي"، مضيفاً أن "الطريق الذي قطعه مع اللاجئين الآخرين كان صعباً للغاية، لكن ذلك -كما يقول- لا يُعدّ شيئاً أمام الأشخاص الذين دفعوا حياتهم ثمناً على هذا الطريق".
ووجه "إيبش" الشكر للمخرج "هوزان عبدو" الذي كانت له -كما يقول- بصمات رائعة في هذا الفيلم، ولمترجمي الفيلم "نور الدين باكير" و"روزين ايبش" و"آرين ايبش" وكل من ساهم في إخراج فيلمه إلى النور.
واعترض مخرج "سيلفي" على تسمية "الموجة السينمائية" موضحاً أن "هذا المصطلح ظهر في فرنسا على أيدي مجموعة من النقاد الفرنسيين الذين غيّروا من شكل الفيلم في السرد والمحاكاة".
وأردف "أما في سوريا فنحن لم نصل إلى ما يسمى بـ(الموجة الجديدة)، لأننا لم نغير من الشكل، وما تغير هو الوضع الاجتماعي الذي أدى تالياً لتغيير التفكير".
ورأى المخرج الشاب أن "التجارب الجديدة في السينما السورية، وبخاصة تلك التي ظهرت بعد الحرب وأهوال اللجوء صنعت أفلاماً بوجهة نظر مختلفة عن الشكل السوري السينمائي الذي اعتدنا عليه".
وفيما يتعلق بوصف أفلام الحرب بأنها "شاهد زور على ما حدث في سوريا" بحسب ما قال المخرج "محمد عبد العزيز"- وإلى أي حد تصدق هذه الرؤية على ما تم إنجازه من أفلام سينمائية وبخاصة "سينما اللجوء"، أوضح المخرج "جوان إيبش" أن هذا الأمر طبيعي، ففي أي صراع -كما يقول- نجد هناك طرفين، فالداعم أو المخرج من أي طرف سوف يدعم طرفه وقضيته في الفيلم، ويغض النظر عن الطرف الآخر".
وأكد "إيبش" أنه لم ير على الصعيد الشخصي فلماً يتحدث عن واقع اللجوء الحالي وعن الأسباب الرئيسية والحقيقية التي أدت لذلك.
وعن تفسيره لغزارة ما أُنتج من أعمال سينمائية على يد مخرجين سوريين شبان في دول أوروبية عدة، فيما كانت هذه التجارب شبه مقموعة أو كامنة داخل سوريا، أوضح مخرج "سيلفي" أن هذا الأمر صحيح، فقبل الثورة كان الشبان السوريون يقضون جلّ وقتهم في العمل وذلك لتأمين لقمة العيش، وبعد الثورة انخرطت نسبة جيدة منهم في العمل الإعلامي، واستطاعوا أن يخلقوا لأنفسهم خلفية جيدة في هذا المجال"، مشيراً إلى أنهم "اكتسبوا خبرة لابأس بها من العمل الإعلامي، ما ساعدهم على إخراج وإنتاج الأفلام وهو –كما يقول- واحد من هؤلاء الشبان.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية