اعتاد النظام على إنكار ما يجري في سوريا بطريقة باتت مستهجنة ليس من قبل المعارضين وحسب، وإنما بين الموالين أيضا.
وطالما حرص النظام على إظهار محافظات الساحل كمناطق آمنة يعيش فيها الناس حيواتهم الطبيعية، بينما تحترق حلب وحمص ودرعا ودير الزور والحسكة وإدلب، تحت ضربات قوات الأسد وميليشياتها وحلفائها الروس.
وطالما تفنن السوريون، معارضين وموالين، بوصف كذب وافتراءات وتجاهل إعلام النظام للحقائق على الأرض، فلم تعد رمال الفبركة كافية لطمر رأس نعام الإعلام الموالي، لتفرض استقرارا وهميا على الأرض وفق المثل الشعبي "عنزة ولو طارت".

ومهما بلغت درجة النكران، فلا بد أن تطال الساحل "الآمن المستقر" شرارة من النيران، فتوابيت القتلى تتقاطر بالعشرات محملة بجثثهم من الجبهات في الداخل، بيد أن ذلك لا يهم النظام على ما يبدو أيضا، فيتجاهل أحزان مواليه لفقد أبناء دفنوهم للتو على مذبح الأسد، وينصرف إلى نقل صورة أقل ما يقال فيها إنها مهينة لأرواح من يقتل دفاعا عن الأسد.

ضمن هذا السياق كان ما يسمى "أسبوع الموضة في اللاذقية" آخر موضات التجاهل والمهانة بحق قتلى النظام، الذي تضمن عروضا لمصممي أزياء على أنغام موسيقى منفصلة تماما عن واقع الموسيقى الجنائزية والأناشيد "الوطنية" التي ملّ الموالون سماعها وهم لا يزالون يوارون شبانهم التراب.

وزارة السياحة في حكومة النظام التي رعت قيام مجموعة تسمي نفسها "مجلس الشباب السوري" أسبوع الموضة في اللاذقية، هي نفسها من أعلنت السبت الماضي عن إطلاق "احتفالية حلب عاصمة للسينما السورية 2016"، بالتعاون مع وزارة الثقافة، في الفترة بين 22 و30 من الشهر الجاري.
وقالت وكالة إعلام النظام "سانا" إن هدف "الاحتفالية" هو "دعم صمود مدينة حلب وإعادة الألق إليها"، منوها بأن البداية ستكون بعرض عنوانه "صندوق الدنيا"، يعقبه "تكريم لعدد من الشخصيات السينمائية التي تركت أثراً في تاريخ الفن السابع في سوريا".
كما سيتم خلال "الاحتفالية" افتتاح معرض الكتاب والمجلات والمنشورات السينمائية الصادرة عن وزارة الثقافة ومؤسسة السينما، مع "حفل موسيقي غنائي تحية للموسيقار الراحل فريد الأطرش".
ويأتي الإعلان عن "الاحتفالية السينمائية" في وقت تشهد حلب قصفا جنونيا غير مسبوق من قبل النظام وحلفائه، أودى بحياة المئات، وأسفر عن دمار واسع في الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام، حول كثيرا من أبنيتها إلى ركام، وأوصل الوضع الإنساني داخل المدينة المحاصرة إلى شفير الهاوية.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية