أحرز اللاجئ السوري الشاب "نور زياد صطوف" المركز الأول في بطولة ألمانيا الاتحادية في لعبة الشطرنج للمستوى (C) الذي يضم لاعبي الدوري الألماني المحترفين بعد أن تمكن من إزاحة 7 لاعبين ألمان محرزاً 7 نقاط ليصل إلى المركز الأول بكل جدارة.
وتتكون بطولة الشطرنج في ألمانيا من عدة مستويات وهي المستوى (a) الذي يضم اللاعبين الدوليين، والمستوى (b) الذي يضم لاعبي المنتخبات، أما المستوى (c) فيضم لاعبي الدوري الألماني للمحترفين.
يقيم "نور" في مقاطعة "تورينغن"- مدينة "لاينافيلد" منذ 8 أشهر محاولاً نسيان تجربتي الاعتقال المريرتين اللتين تعرض لهما في مدينته إدلب، وأديتا إلى كسر أصابع يديه وقدميه وتضرر بصره وفقدان إحدى كليتيه بسبب التعذيب الشديد في أقبية المخابرات السورية. وبعد الإفراج عنه خرج إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا، ونظراً لأنه يعشق لعبة الشطرنج التي برع بها وحقق بطولات على مستوى سوريا من خلالها كان لابد للشاب المثقل بآلام الماضي أن يبحث عما يثبت وجوده، فاهتدى إلى ناد للشطرنج قريب من المقاطعة التي يسكن فيها، والتحق به بعد أن خضع لاختبار من النادي دام لمدة شهر ونصف، وبعدها وقّع عقداً نسبياً، أي أن الأجر مرتبط بحالة الفوز فقط بمباريات الدوري الألماني، وتمكن "نور" من خلال مشاركته ببطولة "الماسترز" بألمانيا من الحصول على المركز 39 فيها مما أهله للعب بكأس ألمانيا الاتحادية للشطرنج للمستوى (c).
ويشرح "نور" لـ"زمان الوصل" مراحل البطولة التي خاضها والتي تألفت من 7 أدوار أولها عبارة عن قرعة كمبيوتر، وبعد انتهاء الجولة الأولى فاز 20 لاعباً وخسر 20 آخرون ولعب الفائزون مع بعضهم البعض، وتصدّر محدثنا مع 3 لاعبين ألمان -كما يقول- الجولة الثالثة ولعبوا مع بعض لكسر التعادل، وفي الجولة الخامسة انفرد "نور" بالصدارة على 5 لاعبين، ولكنه كان يشعر بشعور وصفه بـ"رهيب" لا يتعلق بنيل البطولة لأنه كان قد ضمن خوض البطولة دون أي خسارة لثقته بنفسه، ولكنه كان يواجه ضغطاً نفسياً كبيراً تجاه الشعور بالانتماء، ولكونه السوري الوحيد فيما البقية ألمان.
وكشف محدثنا أن القائمين على البطولة رتّبوا اللاعبين المشاركين من الأقوى إلى الأضعف على الورق وكان ترتيبه 26 –كما يقول– والمفاجأة كانت لكونه لاجئاً سورياً لم يخسر أي دور ولم يكن مرشحاً للفوز نهائياً، وأضاف "نور" أن اسمه بات متداولاً داخل صالة البطولة في الجولة الثالثة ولقي ترحيباً رائعاً من اللجنة المنظمة وحكام البطولة.
ويدين "نور" بما حققه لرضا الله والوالدين والشعور بالانتماء للوطن سوريا ودعم كل الأصدقاء له بكلماتهم -كما يقول- دون أن ينسى السيدة "ريجينا هيسي" 49 سنة التي ساعدته في إجراءات التسجيل بنادي "برايتن فوربيس" الذي يلعب له حالياً، فكانت خير مساعدة ومترجمة نظراً لأنه لم يكن يتقن اللغة الألمانية.
ويشبّه اللاعب الشاب لعبة الشطرنج بـ"الدستور المدني" الذي تسير حياته على أساسه، فهي أشبه بالحياة التي تفترض على الإنسان السوي احترام الآخرين وعدم الاستهانة بقدراتهم، ودراسة أي خطوة في اللعب والحياة وحساب سلبياتها وإيجابياتها وآثارها القريبة والبعيدة وقبل كل ذلك احترام الوقت.
ومن جانب آخر لفت محدثنا إلى أن "الفروقات في لعبة الشطرنج بين الأوربيين والعرب بسيطة جداً لأن هذه اللعبة عالمية، وإن كان الأوروبي يمتلك فكرة أكبر على صعيد التكتيك والانتشار باللعب وخبرة أوسع بسبب الاهتمام باللاعب سواء نفسياً أو على صعيد التدريب ومعسكرات التدريب".
ويتأهب "نور" لخوض بطولة مقاطعة "تورينغن" بمشاركة 3 مقاطعات شرقية ضمن ما يُسمى ببطولة الدور السريع بغض النظر عن المستوى سواء كانوا لاعبين دوليين أو على صعيد محلي.
ويطمح البطل الشاب إلى تحقيق إنجازات في لعبة الشطرنج على المستوى الأوروبي، ولكنه يأمل قبل ذلك أن يلتقي بأهله الذين لا زالوا في مدينة إدلب.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية