أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العـــدوان الأمـــريكي على سوريـــــــــــــــــــــــة

 دكتوراه في الإعلام - فرنسا

منذ فترة قصيرة، دخل صحفيان الأراضي السورية متسللين غير آبهين بدولة ذات سيادة. وقامت الحكومة السورية بتسليمهما إلى السفارة الأمريكية في دمشق دون أية إساءة ولو حتى بكلمة واحدة.

وبعدها بعدة أيام، أعلنت دمشق أنها لا تقبل أن تكون سورية ممراً لتهديد العراق، وك لنا يعلم أن سورية زادت من نقاط المراقبة الحدودية، و كثفت دورياتها في المنطقة وأنشئت حاجزاًُ ترابياً على طول الحدود مع العراق.

واليوم، قامت القوات الأمريكية البربرية بمكافأة سورية على إحسانها بهجوم إرهابي، على منطقة البوكمال لتقتل من خلاله ثمانية رجال وامرأة، وتدعي بعدها على الفور أنها ضربت مركزاً للقاعدة. ويسقط الشهداء ويرى العالم كله أن الذين قضوا في هذه الجريمة كلهم مدنيون من عمال البناء وربما لا يهتمون بالسياسة وأخبارها ركضاً خلف لقمة العيش.

قامت الحكومة السورية عل ى الفور بإدانة هذه العمل الإرهابي، وقرر مجلس الوزراء، مشكوراً، إغلاق المركز الثقافي والمدرسة الأمريكية في دمشق. ولا شك أن هذه الخطوات على تسامحها لا تزال دون ما يطلبه أي سوري مهما كان توجهه السياسي أو العقائدي.

إننا نأمل من الحكومة السورية، أن تغلق السفارة الأمريكية في دمشق فوراً وتطرد كل من فيها، عاجلاً غير آجل، وهل دمشق قلب العروبة ومهد الأمويين أقل حجماً وشجاعة من بوليفيا وفنزويلا وهندوراس.

ولماذا لا تفعل الحكومة السورية ذلك، وهل يتوقع السياسيون في سورية وهم من أمهر الساسة في العالم كله، خيراً من أمريكا، أو تفهماً لمواقفها. بالطبع هم لا يتوقعون ذلك، ويعلمون علم اليقين أن الإدارة الإرهابية في واشنطن لن تقدم خيراً لأي عربي ومسلم مهما كانت الظروف. فهذه الإدارة، وكلنا يعلم، ما هي إلا دمية في يد الصهيونية العالمية تحركها كما تشاء.

إن إغلاق السفارة الأمريكية في دمشق لهو أقل القليل تجاه هذا العمل الإجرامي، ولا شك فإننا نتمنى ونحلم أن ترد سورية بالعنف المطلوب على هذا الاعتداء البربري، ولدى سورية الكثير من الأوراق لتفعل ذلك. فمن يستطيع أن يسيطر على الحدود السورية فترسل المجاهدين إلى العراق ليذيقوا أمريكا ويلات ما اقترفت يداها، خاصة وأن أمريكا اليوم مهزومة أمام ضربات المجاهدين في العراق، ضعيفة أمام أزمتها المالية المتعاظمة.

صحيح أننا في أعماقنا نعتقد أن الحكومة في دمشق ترسل المجاهدين إلى العراق أو تغض الطرف عنهم، ولكننا نريد افتخاراً سورياً بذلك. فسورية بلد القومية العربية، تعلم كما نعلم أن العراق بلد محتل وأن أمريكا دولة إرهابية، تعتدي على بلد عربي عظيم، بل وتغتال رئيسه الشهيد في وضح النهار ويوم العيد، فمن الطبيعي، وأقل من الطبيعي، أن ترسل سورية المقاتلين المناضلين إلى العراق ليساهموا في تحرير هذا البلد مع إخوانهم المجاهدين في أرض الرافدين.

والحق، وإنني لا أخفي إعجابي بالقيادة السورية، ومواقفها المتوازنة، لكنني أبدي استغرابي أو على الأقل قصور فهمي، من محاولة سورية إثبات أنها بريئة من إرسال المجاهدين إلى العراق. فمن يدافع عن العراق إذاً إن لم تدافع عنه سورية وهي شقيقته وأقرب.

إنني أعتقد أنّ على سورية مراجعة سياستها فوراً في الموقف من أمريكا ومن الحكومة العراقية العميلة، فلا شك أننا صدمنا، ولا نزال، من إرسال سفير سوري إلى العراق، أفلا يعني هذا أن سورية بثقلها القومي، وموقفها الرافض لغزو العراق، تغير من سياستها نحو الاعتراف بحكومة المنطقة الخضراء التي جاءت مستمتعة بدم الأطفال وتشريد النساء.

بالطبع، إنني لا أتصور أن تقبل دولة كسورية بحكومة وضعها الاحتلال وتتحرك بأمر أمريكا والصهيونية. وقد يكون الأمر بالنسبة لدمشق تكتيكياً، لكن المسألة اليوم زادت عن حدها، فبعد كل ما قدمته سورية قامت أمريكا بالاعتداء على سيادتها وقتلت مواطنيها، ليس فحسب بل رحبت الحكومة العراقية بالجريمة على أنها عملية مبررة لملاحقة عناصر القاعدة.

ولو رأيتم تصريح السيد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، لعرفتم أنه يتطابق إلى حد كبير مع ما أقوله هنا، فالسيد الوزير، استبعد أن تكون الدماء التي تجري في عروق "الدباغ" عربية. وأنا أؤكد للسيد الوزير أن دماء هذا الدباغ، صهيونية نجسة، وأن الأولى لحكومة قومية عدم التعامل مع حكومة عميلة تضم بين أطرافها مثل هذا الرجل، وأسوأ من هذا الرجل أيضاً.

فلا الحكومة العراقية ولا أمريكا تستحق من سورية أن تتعامل معها، وما أجمل أن نعود فنشعر بكرامتنا من جديد، ونشعر أننا مستعدون لمواجهة أمريكا كما واجهها شعب العراق العظيم.

أعتقد، وأرجو، أن الحكومة السورية ستقوم بعمليات سرية جهادية لضرب الأمريكيين في العراق، وأرجو ألا يخيب ظني، فإن حذاء كل مدني استشهد في البوكمال أغلى من ألف جندي أمريكي. ولا بد أن يدفع الأمريكيون ثمن هذه الجريمة وأعتقد أن الرد يقع على عاتق الحكومة السورية دون غيرها.

كما نأمل أن تقوم الحكومة السورية برفع دعوى جنائية أمام الجهات المختصة ضد هذه العملية التي راح ضحيتها المدنيون فقط والتي انتهكت فيها حرمة دولة ذات سيادة، وأرجو أن يكون واضحاً أنني لا أطمع في قرارات تلك الجهات، ولكن من باب عدم السكوت على هذه الجريمة.

بقي أن نذكر حكومتنا الغالية بما علمتنا إياه، بأننا لا نعول على العالم أن يأخذ لنا حقنا، بل نعول على أنفسنا، ولقد رأيتم كما رأينا مواقف الدول الغربية بل والعربية من الغارة، فلم يدنها صراحة إلا عدة دول، بينما ذهبت الدول الأخرى التي لا تقل إجراماً عن أمريكا، إلى التعبير عن أسفها لسقوط مدنيين ولم تسأل عن انتهاك أراضي دولة ذات سيادة، وحتى الأشقاء العرب، عبروا عن القلق لكن ليس عندهم قدرة على إدانة أسيادهم في البيت الأبيض.

إلى حكومتي العزيزة، هذا قول الله "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين".

د . عوض السليمان - فرنسا
(106)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي