اعتاد المغترب السوري "رامي أدهم" على إدخال الفرحة إلى قلوب أطفال سوريا في الداخل، حاملاً إليهم آلاف الألعاب لتنسيهم جزءاً من هموم ووطأة الحرب ومشاهد الرعب والموت التي يعيشونها كل يوم، وذلك من خلال تهريب هذه الألعاب عبر طرق خاصة بعد أن أغلقت الحكومة التركية حدودها مع سوريا في العام 2015 حتى نال لقب "مهرب الألعاب".
في النصف الثاني من عام 2011 كان الألم يعتصر قلب الشاب الحلبي على ما آلت إليه أحوال السوريين وبخاصة الأطفال منهم، وفي عام 2012 قرر أن يذهب ليرى بنفسه ما الذي يمكنه فعله كوالد لـ 6 أطفال، وكيفية مساعد هؤلاء الأطفال وهكذا اتخذ قراره بالذهاب، وفي جلسة مسائية مع عائلته وأولاده تحدث "رامي" معهم عما يجري في سوريا لافتاً إلى أن هناك آلاف الأطفال الذين فقدوا منازلهم ومدارسهم وألعابهم، وعندها -كما يقول لـ"زمان الوصل" أرادت ابنته "ياسمين" ذات الثلاث سنوات أن تتبرع بألعابها لأطفال سوريا وإرسالها لهم مقابل شراء دمية جديدة لها عوضاً عن الـ80 لعبة التي تنازلت عنها.
في أول زيارة له قدم أدهم المساعدة للأهالي القابعين تحت أشجار الزيتون وتأمين كل يستطيع تأمينه لهم من حفر بئر للماء وحرامات وسلال غذائية وطعام للأطفال وبعدها –كما يقول- جاء دور الألعاب، ولدى إحضاره لأول مجموعة من الألعاب انبهر من ردة فعل الأطفال الرائعة لدى رؤيتهم للألعاب.
وحرص "رامي أدهم" في كل زيارة أن يكون بحوزته مئات الألعاب التي يقوم بتوضيبها في منزله بمساعدة عائلته وأطفاله داخل كيس بلاستيكي واضعاً الألعاب الصغيرة داخل الألعاب الكبيرة كي يُتاح له حمل أكبر كمية منها، بالإضافة إلى المئات من الألعاب المرنة التي يمكن حشوها في الأماكن الفارغة من الكيس دون أن تتعرض للكسر.

وكان يحمل الكيس متسللاً إلى حلب تحت القصف والقنص والاستهداف غايته الوحيدة إدخال الفرح والسعادة كـ"بابا نويل" إلى قلوب الأطفال الذين نسوا طعمهما.
وبعد أن قررت السلطات التركية إغلاق كافة الحدود مع سوريا سنة 2015 لم ييأس رامي، ولم يتوقف عن هذا العمل الذي يعتبره واجباً إنسانياً، ولذلك دأب على حمل أكثر من 80 كيلو جراماُ من هذه الألعاب على ظهره عابراً بها المناطق الجبلية الحدودية لعدة كيلو مترات مشياً على الأقدام.
ويحصل "مهرّب الفرح" على الألعاب من آلاف الأطفال في فنلندة ولديه في المستودع الذي خصصه لتخزين عشرات الآلاف من الألعاب التي تنتظر ذهابها إلى أطفال سوريا.
وأنشأ "رامي" الذي يعيش في مدينة "هلسنكي" الفنلندية منذ عام 1989 منظمة إنسانية تُدعى "الرابطة السورية الفنلندية" يجمع من خلالها التبرعات التي يموّل بها مشاريعه التي لم تقتصر على تأمين الألعاب، بل شملت مجالات عدة في التعليم كان آخرها مدرسة ثانوية داخل أحد مخيمات للجوء، وكذلك كفالة الأيتام والمشاريع الموسمية من خلال حملات لجمع الأموال من فنلندا لهذا الهدف.
زار "أدهم" سوريا خلال 5 سنوات 28 مرة وفي كل مرة ينتهي من عمله هناك يشعر بأنه لم يفعل شيئاً- يقول: "بمجرد أن تنتهي زيارتي كل مرة أشعر بأنني أخذل شعبي كباقي العالم عندما أدير ظهري لهم وأعود إلى فنلندة الآمنة وأتركهم تحت رحمة البراميل والقصف والقتل".
وينحدر "رامي" الذي هاجر إلى فنلندا في الـ17 من عمره عام 1989، من مدينة حلب، ويعمل حالياً كتاجر في الاستيراد والتصدير ووكيلاً لشركة ألمانية في الشرق الأوسط، كما اختص المشاريع المائية ومد جسور سدود أنابيب بترول لحام تحت الماء وكل ما له علاقة بالمشاريع المائية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية