أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

زينب الحصني.. خرجت من السجن وتزوجت ورزقت بطفل

أجرت "زينب" المقابلة في 14 تشرين الأول/ أكتوبر/2011، في مكتب اللواء علي مملوك

ربما اختلفت العقيدة وإن تشابه الغناء، فكل على "زينبه" يغني، وليس كل غناء بشير فرح، كل على "زينبه" يغني من على شفا شرفة لا يبدو أنها بعد الآن ستواصل إطلالتها على ذلك الوطن الذي كان يسمى يوما سوريا.

فما بين "زينب" الهاشمية سليلة آل البيت رضي الله عنهم، و"زينب عمر الحصني" المنحدرة من حي "باب السباع" الحمصي الثائر، ضمير مستتر غائب، وفاعل مبني للمجهول، عرف جيدا كيف يحول الثأر للعبة والقتل لهواية واستغباء الشعوب لحرفة أطلق عليها النظام حينها على شاشات تلفزته الحمراء "التضليل اﻹعلامي".

"زينب عمر الحصني" كانت الحالة الأولى لمعتقلة يجري الحديث عن قتلها في سجون النظام تحت التعذيب، بدا حينها أن المخابرات قررت استخدام سياسة (اقتل نفسك بنفسك) في نية مبيتة منها لتوجيه طعنتها النجلاء لجمهور المعارضة وإعلامها، وذلك بأن أوهم يومها (فتاة ملوك) والدة "زينب الحصني" عندما قصدت المستشفى العسكري في حمص، بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر/2011، لاستلام جثة ابنها "محمد الحصني"، الذي قضى تحت التعذيب بعد مرور 3 أيام على اعتقاله في فرع الأمن السياسي، وقد ظهرت على جثته آثار التعذيب والحروق، وطلقات أصيب بها في صدره.

أدركت الأم حينها أن كم التشوه الهائل الذي طال الجثة الأخرى لابنتها "زينب" جراء التعذيب هو هين وهزيل أمام حجم التشوه والقبح الذي خطته الجريمة والتعطش للقتل على وجه ذلك النظام الذي لم تثنه وحشيته عن اللعب بغريزة الأمومة وطهارتها لتحقيق مكسب إعلامي هزيل، وتسجيل نقطة (تفوّق) وهمية على جماهير معارضته التي كانت تمضي وقتها في توثيق جرائمه وانتهاكاته الفاضحة لحقوق الإنسان.
*المقابلة المسرحية

في الرحلة المكوكية التي قامت بها "زينب الحصني" بين أفرع الأمن كان ثمة عملية تحضير لـ"زينب"، حسب تصريحها لموقع "جيرون"، لتطل في لقاء تلفزيوني يكون بمثابة الضربة القاضية للرأي العام الذي راح يكيل اتهامات ويظهر مدى وحشية نظام اﻷسد في تعذيبه لـ"زينب" وتشويه (جثتها الافتراضية).

"زينب" التي خرجت من منزل أختها في حي "كرم الزيتون" في حمص، لإحضار الدواء لوالدتها، اعتقلتها المخابرات العسكرية في حمص على خلفية تنظيم أخيها "محمد" المظاهرات ضد نظام الأسد في حي "باب السباع".

استمر اعتقالها لديهم حوالى الشهر، تعرضت خلاله في معتقل المخابرات العسكرية للضرب الشديد من المحققين، للإدلاء بمعلومات عن إخوتها المطلوبين للأجهزة الأمنية، ضُرِبت خلالها بكابلات الكهرباء، والعصي والأرجل، وتعرضت للتهديد بالاغتصاب في حال لم تدل بالمعلومات التي يريدونها، كما أفادت "زينب".
ظهرت على شاشات تلفزيون النظام بعدما تم ترويضها والضغط عليها في مكتب اللواء "علي مملوك"، لتقول إن ما يجري هو عمل عصابات إرهابية مسلحة تقوم بقتل الناس.

تقول "زينب": "تم تلقيني ما سأقوله في اللقاء من العميد أحمد ديب، الذي عرّفني بنفسه، والذي أشرف بنفسه على إجراء المقابلة".

أجرت "زينب" المقابلة في 14 تشرين الأول/ أكتوبر/2011، في مكتب اللواء علي مملوك، بعد أن قام بتهديدها بأنه في حال لم تتجاوب ستتعرض لتعذيب أكثر مما لاقته في فرع المخابرات العسكرية بحمص، وفق قولها.

تم بُث اللقاء الذي أحاطت به شكوك كثيرة آنذاك، وقالت فيه "زينب": إنها هربت من منزل أهلها، ولم تكن معتقلة أصلًا، وأنها لا تريد العودة إلى منزل أهلها، ثم نُقلت -في اليوم التالي- لإجراء لقاء تلفزيوني، إلى ملجأ للأيتام في منطقة "البرامكة" بدمشق، وبقيت فيه مدة شهر.

*طعنة ذوي القربى
وبعد أن أُطلق سراحها بعد شهر، قضته في ملجأ الأيتام، دون أن تُوجّه لها أي تهمة، ودون المثول أمام القضاء دخلت "زينب" في فصل جديد من فصول الخيبة مع أهلها وأقاربها الذين رأوا فيها الخارجة عن الشرف والفتاة التي جلبت لهم العار بما طالها من دنس خلال فترة اعتقالها، القدر ساق لـ"زينب" زوجا من درعا، تعرّف إليها بعد أن كان شاهدها في اللقاء التلفزيوني، وعرض عليها الزواج، وتزوجا فعلا، وأقاما في منطقة "السبينة" في دمشق.

زوج لم ينقذها من ألسنة الناس التي بدأت تلوك شرفها وحسب.. بل وأنقذها من محاولة اغتيال كادت تودي بحياتها من قبل شابين جاءا لمكان سكنها، فكانت طعنة السكين في ظهره.

وجدت "زينب" وزوجها بعد تلك الحادثة أنهما لم يعودا بمأمن، ولم يكن أمامهما من خيار سوى مغادرة البلد واللجوء إلى إحدى دول الجوار، وفي 23 كانون الثاني/ يناير 2013، غادرت وزوجها إلى الأردن، وهناك بدأت حياتهما من جديد، بعد أن رزقوا بطفلهم الأول، وقالت: "كانت ولادة عدي سببا بتغيير مجرى حياتنا بشكل كامل".

*زينب الافتراضية
"زينب عمر الحصني" فبركة إعلامية عرف كيف يستفيد منها النظام إعلاميا. لكن هل هناك من سأل من هي تلك الفتاة صاحبة الجثة المتفحمة المشوهة التي سلمت للوالدة فتاة ودفنت على أنها "زينب عمر الحصني".

هي واحدة من آلاف المعتقلات اللاتي قضين تحت التعذيب في أقبية النظام وسجونه، وليس أمر من ظلم النظام أمام تلك الشريحة القاسية من أبناء جلدتنا التي قتلت ثقافة الغفران والرحمة، حين عجزت عن الصفح عن بنت هتك قدسية جسدها نظام مجرم، وجاءت لتكمل جريمته من بعده بإزهاق روحها التي كان كل ذنبها يوما الخروج لإحضار علبة دواء من قرب حاجز من حواجز الجيش.

زمان الوصل - جيرون
(233)    هل أعجبتك المقالة (224)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي