أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

متطوعة في الدفاع المدني رأت جثة شقيقها أمام عينيها فقررت مساعدة المصابين في درعا

سارة.. رغم كونها خريجة كلية الإعلام، إلا أن عملها في الدفاع المدني هو الأحب إلى قلبها

"جائزتي وصلت كاملة" هكذا عبّرت "سارة الحوراني" إحدى متطوعات الدفاع المدني في درعا على صفحتها في" فيسبوك" تعليقاً على خبر عدم فوز أصحاب القبعات البيضاء في سوريا بجائزة "نوبل" للسلام كما كان متوقعاً.

سارة ابنة درعا البلد التي انضمت إلى فريق الدفاع المدني منذ سنوات، فقدت شقيقها أمام عينيها بعد إصابته برصاص قناص عام 2013، ولم تستطع إنقاذه بينما ظلت نظراته محفورة في روحها حتى هذه اللحظة وكانت تلك الحادثة- كما تقول لـ"زمان الوصل" السبب الاكبر في التحاقها بالدفاع المدني.
في أواخر عام 2014 التحقت سارة بعملها التطوعي في هيئة الدفاع المدني التي تأسست أواخر العام 2012 وسُميت فيما بعد بالدفاع المدني، وخضعت لدورات إسعافية متطورة تمكّنت من خلالها من اكتساب خبرات أهّلتها للمشاركة في إنقاذ المدنيين الذين يتعرّضون لقصف قوّات النظام.

ومنحتها هذه التجربة –كما تقول- القدرة على مساعدة الآخرين، والتعامل مع كافة المواقف الإسعافية مهما بلغت خطورتها، وازدادت ثقتها بنفسها وقدرتها على المساعدة بعد أن عجزت سابقاً عن مساعدة أعز الناس وما رافق ذلك من رحلة تأنيب ضمير شاقة.

وتستعيد سارة لحظات استشهاد شقيقها في بداية العام 2013 عندما كان عائداً من قطف ثمار الزيتون مع أهلها، وأصيب معه ابن أختها أيضاً، الذي لا يزال يعاني من الإصابة حتى هذه اللحظة بعد أن استهدفهما قناص من حاجز قريب، وحاولت مع أهلها –كما تقول–إسعافهما، إلا أن القناص كان يستهدف أي شيء يتحرك. 

بقي شقيق سارة ممدداً بين أفراد أسرته وهم عاجزون عن فعل أي شيء لعدم توفر الخبرات الطبية وكانت والدتها تحتضنه، بينما احتضنت هي طفلته التي كانت تصرخ على والدها، وبعد أقل من ساعة تمكنوا بخطورة بالغة من نقله إلى المشفى الميداني وكان القناص يطلق رصاصه على السيارة بحقد لا يُوصف.

وتضيف محدثتنا: "بعد ساعتين وصلنا خبر استشهاد شقيقي بعد أن نزف كثيراً وعلى الرغم من محاولات الأطباء إنقاذه، إلا أن أحشاءه كانت قد تفجرت ونزف معظم دمه حيث استُهدف برصاص متفجر.
وتضيف سارة بنبرة مؤثرة: "ودّعناه على عجلٍ خوفاً من اعتقال جثمانه من قبل قوات الأسد" ولكنها –احتفظت بقطعة من الشاش عليها دمه لا تزال تصطحبها معها أينما ذهبت، وكان لهذه الحادثة الأثر الأكبر في التحاقها بالدفاع المدني.

ورغم كونها خريجة كلية الإعلام، إلا أن عملها في الدفاع المدني هو الأحب إلى قلبها –كما تؤكد- مضيفة أن "العمل التطوعي يمنحني شعور بالإنسانية وبعدم العجز وبأنني قادرة مع زميلاتي على مساعدة الناس والتخفيف عنهم، وهناك -كما تقول –العديد من الأخوات في الدفاع المدني بدرعا ممن نذرن أنفسهن لهذه المهمة الإنسانية كالمتطوعة "إنعام" و"أم فارس" وهن-حسب قولها- يمثلن قدوة لعملهن الجبار في الإسعاف وإنقاذ الأرواح.

ولفتت محدثتنا إلى من أسمته الجندي المجهول في الدفاع المدني السوري الدكتور "جهاد المحاميد" فهو حسب وصفها "الأب الروحي وقدوة المتطوعين والمتطوعات في العمل والتفاني والتضحية، ومن أكثر الناس الذين بذلوا جهوداً جبارة لمساعدة الدفاع المدني من حيث التشكيل والعمل".

عندما تعود سارة إلى منزلها بعد يوم شاق لا تغيب عن ذاكرتها مشاهد الجثث والدماء ولكن أكثر ما تخشاه –كما تروي- أن ترى أهلها بين الأشلاء والجثث، وتقول إنها كانت عائدة ذات يوم من مركز الدفاع، فشاهدت أحد البراميل وهو ينزل فوق منزلها تقول: "فكرت تلك اللحظات بالهروب، ولكنني قررت الموت مع أسرتي لأنني لا أريد رؤيتهم بين الأنقاض أو كأشلاء".

ضمن 22 فتاة موزعات على 15 مركزاً في مناطق درعا المحررة تعمل سارة مع زميلاتها بحماس عالٍ وهمة لا تعرف الفتور، ويتمثل عملهن في التوعية الصحية للنساء والأطفال والسلامة وكيفية التعامل مع القصف بالإضافة لإقامة دورات تدريبية في الإسعافات الأولية للنساء ودعم الأطفال نفسياً، بالإضافة إلى تقديم الإرشادات لسكان المخيمات كـ"الشياح" و"العجمي" و"زيزون" لتخفيف آثار الحرب.

ولفتت محدثتنا إلى العديد من الصعوبات والعقبات التي تواجه مراكز الدفاع المدني في درعا وريفها ومنها –كما تقول- ضعف الإمكانيات المالية والتجهيزات والآليات وارتفاع أسعار الوقود، والأهم القصف اليومي من قبل قوات الأسد واستهداف كافة المرافق بشتى أصناف الأسلحة.

وحول عدم فوز الدفاع المدني في سوريا بجائزة "نوبل" -كما كان متوقعاً- أشارت سارة إلى أن "أصحاب القبعات البيضاء لم يخسروا شيئاً بل ربحوا محبة العالم وتلك أكبر جائزة".

واستدركت المتطوعة الشابة أن " بعض الحكومات الغربية والعربية ليس من مصلحتها أن ينجح أي شيء في جسد الثورة بل على العكس يريدون تصوير السوريين على أنهم مجرد إرهابيين إسلاميين ودواعش".وبالمقابل هناك دول تدعم الدفاع المدني بالتدريب والتأهيل والمعدات.

واعتبرت أن "الجائزة الحقيقية لنا كمتطوعين في الدفاع المدني هي إنقاذ أرواح الناس والباقي تحصيل حاصل".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(125)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي