أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عائلة "الخضر" السورية تتصدر غلاف أشهر مجلات العالم.. فما حكايتها وعلاقتها بملف "الأوروبيين الجدد"؟

عائلة "الخضر"

• "ناشونال جيوغرافيك".. الألمان الذي حمّلوا اليهود بالقطارات إلى معسكرات الاعتقال استقبلوا اللاجئين المسلمين
• "يمكننا إنجاز ذلك" شعار "ميركل" المفضل الذي يمكن أن يُكتب يوما ما على شاهدة قبرها
• صناع القرار في ألمانيا مجمعون على حاجة البلاد لنصف مليون مهاجر سنويا حتى عام 2050.
• غالبية الألمان ينكرون في قلوبهم استقبال اللاجئين وخاصة من الدول المسلمة.

نشرت مجلة "ناشونال جيوغرافيك" الذائعة الصيت في أحدث أعدادها ملفا عن من سمتهم "الأوربيون الجدد"، وهم "اللاجئون السوريون وغيرهم ممن تدفقوا إلى أوروبا منذ عام 2015"، حسب تعبير المجلة التي رأت أن هذا التدفق شكل إرباك لسياسة أوروبا واختبارا لتسامحها.

الملف استعان بقدر ملحوظ من الصور والفيديوهات والقصص، ملحقة بتقرير مطول، تولت "زمان الوصل" الاطلاع عليه، وترجمة أهم ما تضمنه.

وإلى جانب صور عائلات وأشخاص من مختلف الجنسيات، يشكل السوريون جزءا منهم، وتتوسطهم لقطة مؤثرة جدا لعائلة "الخضر" السورية" التي لجأت إلى ألمانيا.. إلى جانب صور هؤلاء، كتبت المجلة إن موجة التدفق الجيدة ليس سوى "الموجة الأخيرة من المهاجرين التي انطلقت منذ الحرب العالمية الثانية، حيث الهنود في بريطانيا، الجزائريون في فرنسا، الصوماليون في السويد"، منوهة بأن معرض الصور الذي أتاحته يمكن أن يكون فرصة لـ"الاجتماع ببعض من المهاجرين الذين يعيدون تشكيل قارة أوروبا".

*رهانات مرتفعة
"الأوربيون الجدد.. أصوات من القارة المتغيرة".. هكذا عنونت "ناشونال جيوغرافك" ملفها، لتدلف منه إلى المقدمة التي تشير إلى أن ألمانيا التي تحمل أسوأ سجل في مجال كراهية الأجانب، استقبلت معظم اللاجئين أكثر من أي بلد أوروبي، لكن يبدو أن "رهانات التجربة مرتفعة"، حسب ما ترى المجلة.

وقالت المجلة في مطلع الملف: إذا كنت أوروبيا، وألمانياً بالذات، فلابد أنك تعيش نقاشا محتدما منذ عام حول معنى الهوية، وكيف يمكن لأشخاص ولدوا في أماكن أخرى أن يكونوا متوائمين مع هذه الهوية. 

واستعرضت المجلة شريط بعض الأحداث التي ترتبط بكراهية اللاجئين، من قبيل: العثور على 71 جثة لاجئ ضمن شاحنة مقفلة في النمسا، وهجوم أشخاص من "النازيين الجدد" على الشرطة التي تحرس مخيما للاجئين قرب "دريسدن"، وعندما زارت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" نفس المخيم لإظهار دعمها للاجئين، استقبلها متظاهرون غاضبون بصيحات الاحتجاج مثل: "نحن الشعب!"، "أنت عاهرة"، "وقحة وغبية"، و"خائنة الشعب."

وتطرق تقرير المجلة إلى إصرار "ميركل" على استقبال مزيد من اللاجئين، عملا بشعارها المعروف: "يمكننا إنجاز ذلك"، وهو الشعار الذي يمكن يوما ما أن يكتب على شاهدة قبر "ميركل"، حسب ما يقول كاتب التقرير.

وتابعت المجلة: على مدى عقود كانت الهجرة العالمية ترتفع بمعدل أسرع من السكان، وفي عام 2015، وفقا للأمم المتحدة، ضم العالم 244 مليون مهاجر، ممن يعيشون في بلد آخر غير الذي ولدوا فيه. وبلغ عدد اللاجئين الذين أجبروا على الخروج من بلادهم 21 مليونا، وهو رقم غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية. ويتوقع العلماء أن يسهم تغير المناخ في زيادة هذا العدد، و"يقول البعض إنه (التغير المناخي) ساهم في الحرب الأهلية السورية، التي سببت موجة النزوح الحالية إلى أوروبا".

ونوهت "ناشونال جيوغرافيك" بأن أوروبا ومنذ الحرب العالمية الثانية أصبحت موطنا لثلث المهاجرين في العالم. الدول الكبرى في أوروبا، مركزة على الحوادث التي شهدتها ألمانيا ضد اللاجئين خلال السنة المنصرمة، حيث عمت مسيرات ليلية ضخمة مصحوبة بخطب حماسية لذوي التوجهات المناهضة للأجانب، وحدثت مئات الهجمات على مخيمات اللاجئين، ولا تزال هذه الهجمات مستمرة.

*ينفقون ما يتلقون
وفي مقاربة ومقارنة تحمل أكثر من إيحاء، قالت المجلة الأمريكية إن الألمان الذين كانوا منذ نحو 75 سنة يحمّلون القطارات باليهود ويرسلونها إلى معسكرات الاعتقال في الشرق، هم الآن يحيّون -في محطة ميونيخ- القطارات المحملة بلاجئين المسلمين مع زوادتهم من الغذاء والماء.

يقول وزير الدولة الألماني للشؤون الأوروبية "مايكل روث" عن الاتحاد الأوروبي إنه "في حالة هشة جدا جدا.. آمل أن يدرك الناس ذلك"، ويعقب كاتب التقرير معتبرا أن تدفق اللاجئين، إلى جانب عجز ألمانيا على إقناع بقية بلدان القارة على أن تحذو حذو برلين كان السبب الرئيس لهذه الهشاشة، ففي 23 حزيران/يونيو الفائت، صوت البريطانيون بـ"نعم" على خروج بلادهم من نطاق الاتحاد الأوروبي، لم يكن اللاجئون السبب المباشر في ما آل إليه التصويت، بحسب ادعاءات لندن، لكن استطلاعات الرأي أوضحت أن قضية الحد من الهجرة، من داخل وخارج الاتحاد الأوروبي، كان المحرك الرئيس في التصويت على الخروج من الاتحاد.
ومن هذه الحالة البريطانية، يدلف كاتب التقرير إلى قصة شخصية يحكي فيها عن تجربته مع معلم ألماني درسه في "المدرسة الألمانية ببروكسل (بلجيكا)"، حيث تلقى الفتى على يدي هذا المعلم ولأول مرة معلومات عن "الهلوكوست" (المحرقة).

ويقول كاتب التقرير إن والد معلمه الألماني كان أحد قيادي الحزب النازي في قرية بمقاطعة "هيس"، وإنه لم يعلم هذا الأمر حينها، لافتا إلى أنه استطاع التواصل مع معلمه من جديد بعد انقطاع دام نحو 40 عاما، حيث بات متقاعدا، لكنه اختار إعطاء دروس للاجئين الجدد.

وقال كاتب التقرير إن معلمه القديم دعاه إلى بلدة "هيسن" (وسط البلاد) حيث يقطن أكثر من 13 ألف شخص، معتبرا أن البلدة تتعاطى مع اللاجئين بشكل جيد إلى حد ما.

أما قرب مدينة "روتنبرج" فتتربع قاعدة للجيش على تلة مشرفة فوق واد جميل الطبيعة، وقد تم إنفاق نحو 40 مليون يورو على القاعدة ثم أغلقت، قبل أن تقرر السلطات فتها لإيواء نحو 700 لاجئ من مختلف الجنسيات (سوريون، أفغان..)، ريثما يتم النظر في طلبات لجوئهم ونقلهم إلى مساكن دائمة.

لكن في "روتنبرج" هناك من يتساءل بانزعاج عمن سيدفع "ثمن" استقبال اللاجئين، حيث وصف كاتب التقرير موجة اللاجئين بـ"تدفق جنوني"، لاسيما أن لا "أحد في ألمانيا كان مستعدا لها"، كما يقول "أنسلم سبرانديل" منسق شئون اللاجئين في هامبورغ.
وفي"هامبورغ" كان على المدينة أن تستوعب خلال العام الماضي 35 ألف لاجئ (وهو نصف الرقم الذي تستقبله كل الولايات المتحدة من المهاجرين سنويا)، وهكذا تم إسكان الوافدين يف المنازل الفارغة والمستودعات وحتى في مستوعبات الشحن (حاويات) والخيام، علاوة على من تم إسكانهم في مباني المدارس وفي حظيرة (هنكار) إحدى المطارات.، حيث لايفصل بين العائلة والأخرى سوى حاجز بلاستيكي (هناك صورة مرفقة توضح المشهد مع تعليق يوضح أن البادية في مقدمة الصورة هي "السورية الكردية زينب البالغة 55 عاما).
ويقول التقرير إن اللاجئين أصبحوا معلما أساسيا في شوارع "روتنبرج"، وفضلا عن المساعدات العينية فإن كل لاجئ بالغ منهم يتلقى مخصصات شهرية تصل إلى 112 يورو، مقابل 63 يورو لكل طفل، وهذه الأموال التي يتلقاها اللاجئون ينفقونهم "في أرضها" –أي ضمن المدينة-، ما يحرك دورة الاقتصاد فيها، لكن ذلك لايحول دون إبداء أهل المدينة امتعاضهم من بعض التصرفات، مثل إلقاء القمامة في الحديقة أو قيادة الدراجة على رصيف المشاة وليس على المسرب المخصص لها.

*البطالة في الانتظار
وتعرض المجلة باختصار لقصة السوري "أحمد" الذي لم يرغب بالكشف عن كامل اسمه، مخافة أن يسبب الأذى لأقربائه الذين ما زالوا في سوريا.. كان أحمد تقنيا في الكهرباء بدمشق، قبل أن يفر وعائلته إلى مصر، حيث لم يجد الترحيب كما يقول، بينما منحتهم ألمانيا اللجوء والرعاية الاجتماعية وشقة وسط المدينة، ولكنه لايزال عاطلا عن العمل منذ سنتين، وهو أمر لايمكن تحمله.

ويروي أحمد: "أذهب إلى السوبر ماركت وأرافق ابني إلى المدرسة، وغير هذين المشوارين لا أخرج من البيت.. لأنني سأشعر بالخجل إذا ما بادر شخص وسألني "ماذا تعمل؟"..أكنس أمام باب بيتنا، فقط لأقوم بأي شيء".

منذ الحرب العالمية الثانية، استقبلت ألمانيا نحو 50 مليون مهاجر، وهناك 1 من بين 8 أشخاص في البلاد، ولدوا خارج ألمانيا!، ومن هؤلاء نحو 12 مليونا تدفقوا من شرق أوروبا، و3 ملايين تقريبا من تركيا، نصفهم فقط يحمل الجنسية الألمانية.. والخلاصة التي تكشفها الأرقام أن ألمانيا هي اليوم أمة من المهاجرين، وإن كان البعض يحاول إنكار الأمر.

وتعلق إحدى التركيات على حالة عدم تقبل الألمان لها رغم أنها وصلت في سن 11 ومازالت تعيش في ألمانيا منذ 36 عاما وتزوجت وأنجبت أولادا.. تعلق: إنه لجنون أن تبقى "ضيفا" في بلد تقيم فيه منذ عدة عقود.. أولادي الذين لم أخبرهم يوما أنهم أتراك، بدؤوا يقولون: "نحن أتراك"، لأنهم عانوا الإقصاء، وهذا ما يؤلمني.

هناك إجماع لدى صناع القرار في ألمانيا أن بلادهم تحتاج إلى المهاجرين، فمعدل الوفيات تخطى نسبة الولادات، وبرقم يناهز 200 ألف سنويا!، وهذا العدد آخذ في الارتفاع، وبدون الهجرة واستمرارها، فإن عدد السكان سوف يتقلص. ويقدر معهد السكان والتنمية في برلين،أن الحفاظ على سن العمل المستمر (العاملون الذين يمولون المعاشات التقاعدية للعدد المتزايد من المتقاعدين) يتطلب حوالي نصف مليون مهاجر سنويا، حتى عام 2050.

ولكن صفوف اللاجئين لا تضم في بعضها العمالة المدربة التي تحتاجها ألمانيا، أو حتى المؤهلة لتلقي التدريب، لاسيما مع وجود نسبة من الأميين بينهم تزيد عن 15%.

ويشكل اللاجئون الشباب في النهاية إضافة اقتصادية لألمانيا، رغم أن وكالة العمل الاتحادية تقدر أن نصف اللاجئين سيبقون عاطلين عن العمل خلال السنوات الخمس القادمة، وربع اللاجئين سيبقون عاطلين طوال 12 سنة!

لكن غالبية المجتمع الألماني ليست مقتنعة بالذرائع الاقتصادية التي يتم سوقها لتبرير قبول هذا العدد من اللاجئين، ورغم أن قليلا من الناس مستعدون للقيام بأفعال عدوانية (رمي زجاجات حارقة على مخيمات اللاجئين أو شتم ميركل"، فإن هؤلاء القلة يشكلون رأس جبل الألمان السلميين والصامتين، ممن ينكرون في قلوبهم ولا يريدون استقبال الكثير من المهاجرين في ألمانيا، خصوصا من الدول المسلمة، والكلام لـ"ناشونال جيوغرافيك".

تقول أستاذة العلوم السياسية "نايكا فوروتان" إن الغالبية العظمى من الألمان يقبلون الهجرة والإسلام، ولكن بشكل عاطفي، وليس أبعد من ذلك، وقد قام فريق متخصص تابع لها باستطلاع آراء نحو 8 آلاف ألماني في عام 2014، قبل هجمات باريس أو بروكسل وقبل الزيادة الملحوظة في عدد اللاجئين.

*موقف مسبق
وخلصت نتائج الاستطلاع وقتها إلى أن ما يقرب من 40%، يعتقدون أنه لا يمكن لك أن تكون ألمانياً إذا كنت ترتدي غطاء للرأس (حجاب)، و40% يريدون الحد من بناء المساجد، وأكثر من 60% يدعون إلى حظر الختان، ونحو 40% يعتقدون أن الألماني هو من يتكلم الألمانية بدون لكنة.

وتتابع المجلة: "حتى قبل وقوع الهجمات الإرهابية، وحتى قبل حدوث مجموعة غريبة من الأمور خارج محطة قطار كولونيا ليلة رأس السنة الميلادية، عندما قام مهاجرون، أكثر من نصفهم من شمال أفريقيا، بالتحرش بمئات من النساء.. حتى قبل هذا كله، الكثير من الألمان ينظرون إلى المسلمين كتهديد، وقد غذى هذا الشعور صعود اليمين السياسي".

"بيورن هوكه" قيادي في حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AFD)، وهو حزب شعبوي يميني، له ممثلين في المجالس التشريعية في الولايات الألمانية.. عبّر –أي هوكه- عن رفضه لإمكانية دمج المهاجرين واللاجئين، حيث يقدم الحزب نفسه بصفة "الفرصة السلمية الأخيرة" لألمانيا (وكأنه يلوحون بعودة هتلر والنازيين للقضاء على كل ما هو غير ألماني).

ولكن أسهم " AFD" ترتفع باستمرار، ففي انتخابات ولاية "هيس" الربيع الفائت، اختار ثُمن الناخبين في "روتنبرج" التصويت للحزب، وربع المصوتين في ولاية "سكسونيا أنهالت" وضعوا ثقتهم بنفس الحزب، ما يعني أن مزيدا من الألمان يندفعون إلى "الركن النازي".

أما "أريكا شتاينباخ"، التي هي للمفارقة لاجئة سابقة، لكنها تنتقد سياسة "ميركل" المتسامحة مع اللاجئين، فتقول إن الألمان يجب أن يحافظوا على هويتهم، في وجه تدفق اللاجئين.

ويذكر كاتب التقرير عينات من اللاجئين السوريين الذين التقاهم، منهم أحمد الذي يكنس أمام باب منزله في "روتنبرج"، واثنان من الفتيان كانا يبكيان في ملجأ ببرلين، لاشتياقهما إلى أمهما في دمشق، و"شريف" صاحب مطعم من حلب، الذي تعلق بألمانيا كطوق نجاة أخير، علما أن أطفاله لم يذهبوا إلى المدرسة منذ عام 2011.

وفي نفس المكان، هناك امرأة سورية حامل تناهز 20 عاما، وترتدي حجابا أبيض اللون، لم تكد تبدأ حديثها حتى انفجرت باكية بفعل حنينها لعائلتها في سوريا، وبفعل تذكرها لمدى تعامل الألمان اللطيف معها، ولكن أيضا بفعل ما تعرضت له في إحدى الليالي حين اجتمع حشد "غاضب" في أحد الشوارع، ولكم كانت تود إخبارهم بأنه ليس لديها ما يستحق احتجاجهم.

وهنا يعلق محرر التقرير: كانت الكراهية مروعة، ولكن يمكنني أن أتفهم تخوف الكثير من الألمان، حتى "أحمد" يمكنه وهو يقول: "الألمان على حق في أن يخافوا على بلدهم.. ألمانيا اعتادت على الأمن والنظام، والناس يخافون من أن يتغير ذلك".

ولكن "إريكا شتاينباخ" التي تقود اليوم النقاش المناهض للاجئين، تقر بملء فمها أنها لم تحتك باللاجئين ولم تلتق بهم!

هامش: في عام 2015، عبر البحار المؤدية إلى أوروبا نحو مليون شخص، منهم 850 ألفا وصلوا إلى اليونان –كمحطة أولية- و150 ألفا وصلوا إيطاليا، وقد توفي من بين هؤلاء العابرين للبحر قرابة 3800 شخص.


*نماذج سورية
وبالعودة إلى مجموعة الصور والمقاطع التي نشرتها "ناشونال جيوغرافيك" فإن أبرز صورة فيها، والصورة التي تم اختيارها للغلاف، كانت عائلة "الخضر" السورية، التي ضمت 5 أشخاص، حيث يظهر في مقدمة الصورة شيخ كبير يسمى "محمد الخضر" جالسا على كرسي، قالت المجلة إنه يرعى أسرة مكونة من 16 شخص.

وتظهر العائلة في مقطع مصور، حيث يتحدث أحد الشباب عن الدموية التي بات تتربى عليها الأجيال في سوريا، نتيجة ما يرونه من مشاهد القتل والذبح، بينما يتحدث العجوز الطاعن في السن (88 عاما) بعبارات متهدجة وبحنين طفل، واصفا سوريا بالأم التي لا يمكن لأطفالها إلا أن يشتاقوا لها ويعودوا إلى حضنها، وهنا تخنقه العبرات، وينتحب كالصغار، وجسده يهتز بالكيلة، من أثر مرض الشلل الرعاشي الذي يعانيه، موضحا أن لديه 5 أولاد "تشردوا" في ألمانيا، حتى إنهم لايستطيعون الاجتماع بأولادهم.

وتعيش عائلة "الخضر" في ملجأ جماعي ضمن إحدى المدارس في برلين، تضم نحو 1500 لاجئ.

وفي مقطع آخر يظهر الأطفال: بيلسان، أحمد وعمرو، ليتحدثوا عما يشعرون به في ألمانيا، حيث يرى أحد الإخوة أن بعض الألمان يعبرون عن حبهم، وآخرون يظهرون كرههم، بينما تبدي "بليسان" رضاها لتمكنها من الذهاب إلى المدرسة، لكنها سرعان ما تتذكر والدها الذي ما زال في سوريا، فتبكي وهي تتمنى أن تجتمع به قريبا مع باقي الأقارب.

وفي أشد المقاطع تأثيرا، يظهر ياسر مع شقيقه "أيمن"، الذي لايستطيع التعبير عن مشاعره نتيجة الصدمة التي خلفتها غارة للطيران الحربي، حيث أفقدته الذاكرة وجعلته يتعثر في نطقه وأصابته بشلل نصفي.

ويظهر "أيمن" وهو يحاول تذكر حادثة القصف وتجميع ولو بعض الكلمات المترابطة، لكنه يفشل، ويظهر ذلك في تلعثمه وهزة رأسه والدمعة الجارية على خده.

ويعبر "أيمن" عن عجزه حتى على الذهاب إلى الحمام دون مساعدة، فنصف جسمه كما يقول ويشير مشلول.

"أيمن" و"ياسر" فقدا 3 أشقاء، اثنين قضيا برصاص القنص، والآخر قضى خلال الغارة التي أصيب فيها "أيمن"، علما أن أيمن رب أسرة ولديه 4 أطفال.

ترجمة: إيثار عبدالحق-زمان الوصل
(275)    هل أعجبتك المقالة (276)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي