أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بالدلائل الدامغة.. "زمان الوصل" تثبت بطلان قائمة قتلى النظام في الغارات الأمريكية على دير الزور

هل لتزوير لائحة القتلى علاقة بالحديث عن "تعويضات" محتملة؟

• 12 ضابطا تم الادعاء بأنهم قتلوا في غارات واشنطن الأخيرة، بينما هم قتلى منذ عام وأكثر
• هناك من بين القتلى من وثقوا ضمن منظمات "حقوقية" تتبع للنظام وأخرى ترفع علم الثورة، بوصفهم "ضحايا"

في صيف عام 2013، كتبت -على ما أذكر- مقالا حول الضربات الإسرائيلية العنيفة التي هزت دمشق وأحالت ليلها نهارا (كنت حينها أقطن قرب دمشق وعاينت شدة الانفجارات وضخامتها بنفسي)، واستهدفت عدة مراكز حيوية للنظام في جبل قاسيون وجمرايا (مركز البحوث).. وقتها تساءلت باستهجان لماذا لايكشف النظام أسماء الضباط والمجندين الذين قتلوا في الغارات، وينعاهم بالاسم بوصفهم "أبطالا وشهداء" سقطوا في مواجهة "العدو الصهيوني"، وهل هناك فرصة مؤاتية لتسويق نظرية "مقاومته" أفضل من هذه الفرصة.. تساءلت وكان الجواب –أو جلّه- حاضرا لدي ولدي كثير من السوريين.

نفس السؤال تقريبا دار في خلدي بعد مرور 3 سنوات ونيف، عندما سارع النظام ومن قبله الروس لنعي 62 عنصرا سقطوا في قصف أمريكي على مواقع للنظام في جبل ثردة بدير الزور، فقد انتظرت أياما وأنا أحاول الحصول من وسائل إعلام النظام وصفحاته على لائحة –ولو جزئية- بأسماء هؤلاء "القديسين والأبطال" كما اعتاد النظام تسمية قتلاه، فلم أعثر على شيء، لأن تلك الوسائل والصفحات لم تنشر شيئا بالأصل حول من تلك اللوائح.


*"نفخ الروح"
كان سلوك التجاهل والتعتيم مستهجنا إلى أبعد حد، فالنظام لايفوت فرصة لاستدرار العطف وإظهاره بمظهر المعتدى عليه إلا ويستغلها، فما باله يضيع فرصة تلميعه وتقديمه عدوا "للأمبريالية الأمريكية" عبر نشر قائمة من "قاوموها" وسقطوا في "غاراتها الغادرة"؟!.. بقي السؤال يدور، حتى مرت 4 أيام، وظهرت للعيان قائمة مؤلفة من أسماء 47 عنصرا، منهم 12 ضابطا، بوصفهم "القديسون" و"الشهداء"، الذين سقطوا في "العدوان الأمريكي".

ورغم أن العدد المدرج في القائمة (47)، لايجاوز كثيرا ثلثي القتلى الذي روجت له روسيا (62 قتيلا)، كما لايزيد عن كثيرا عن نصف الرقم الذي اعتمده "المرصد السوري" (90 قتيلا)، واعتمدته وسائل الإعلام المختلفة حول العالم، بوصفه رقما لايقبل الجدال ولا التشكيك.. أقول رغم نقصان قائمة القتلى واقتصارها على 47 اسما، فقد كدت أرسل رسالة لنفسي بأن تطمئن، فها قد وجدت جوابا أو بعض جواب لما كانت تبحث عنه قبل أيام.. لكن نظرة إلى القائمة ولاسيما أسماء الضباط، أثارت مزيدا من التساؤلات سرعان ما تحولت إلى شكوك، لم تلبث حتى باتت وقائع دامغة بأن لائحة الأسماء التي تداولتها صفحات موالية كثيرة –وبعضها كبيرة جدا- ما هي إلا لائحة مزورة.. لائحة "نفخت الروح" في ضباط قتلوا منذ سنة أو أكثر، ليقتلوا من جديد يوم 17 أيلول/سبتمبر الجاري، يوم الغارة الأمريكية –المفترضة- على جبل ثردة في دير الزور.

صفحات موالية كثيرة، لايمكن حصرها، تناقلت القائمة المزعومة لقتلى دير الزور، منها على سبيل المثال: صفحة تتبع لمكتب الأمن لدى ماهر الأسد، اللاذقية الآن، أخبار حماة والغاب، أخبار حلب والريف الشرقي، أخبار البهلولية، شبكة أخبار طرطوس، فضلا عن صفحة تسمى "قائد المقاومة السيد الرئيس بشار الأسد" يتابعها قرابة 220 ألف شخص، وصفحة أخرى تسمى "النمر وفهوده" يتابعها أكثر من 326 ألف شخص.



*ماتوا قبل إماتتهم
اُستهلت القائمة بذكر اسم 12 ضابطا قتلوا في الغارة الأمريكية، دققت "زمان الوصل" في أسمائهم وراجعت تواريخ وبيانات مقتلهم، فتبين لها أن جميع هؤلاء –جميعهم بلا استثناء- قتلوا وأهيل عليهم التراب قبل الغارة الأمريكية بسنة وأكثر، ما يثبت بطلان القائمة، ويوسع دائرة الشكوك حول حقيقة رواية الروس والنظام بشأن الغارة، وعدد القتلى الفعليين الذين سقطوا فيها.

وسنبدأ في عرض أسماء القتلى من الضباط، كما عرضتهم القائمة، ونضع بجانب كل اسم بياناته وتاريخ ومكان مقتله الحقيقي.. لا المزور، وسننشر مع أغلب البيانات صورا تثبتها وتؤكدها.

1- اللواء الطيار سهيل إبراهيم عمران، ورد في رأس لائحة "شهداء العدوان الأمريكي" على دير الزور، بينما تقول الوقائع إن "عمران" قتل في أواخر حزيران/يونيو 2015 في إسقاط أو سقوط طائرته، حيث اختلفت الروايات حول ملابسات مصرعه، بين مدع أن الطائرة سقطت من تلقاء نفسها (النظام)، وقائل إنها أسقطت على يد تنظيم "الدولة"، وزاعم أنها بواسطة الدفاعات الجوية التركية.

ورغم اختلاف روايات مصرع "عمران" فإن "مصرعه" ثابت لايقبل الجدل، وهناك صور له تنعاه منشورة ومنثورة على الشبكة منذ أكثر من عام، كما إن هناك صفحة خاصة به، تعود أولى منشوراتها إلى شباط 2016.

2- اللواء ياسين عبدو معلا، زج النظام باسمه في لائحة قتلى الغارة الأمريكية، في حين أنه قتل في شهر أيار/مايو 2015، إبان شغله منصب قائد لواء الدفاع الجوي في مطار دير الزور العسكري.
وصور الملصق الذي ينعى "معلا" بوصفه "الشهيد البطل اللواء الركن"، منشورة في الشبكة منذ صيف 2015. 

3- العقيد طالب خير بيك، ثالث الأسماء في قائمة قتلى الغارة الأمريكية التي يفترض أنها وقعت في أيلول الجاري، علما أن "خير بيك" لقي مصرعه أواخر كانون الثاني 2015، وهذا مقطع مسجل في تأبينه منشور في شباط/فبراير 2015.


والملاحظ من المقطع أن نعي " العميد طالب عقل خير بيك" الملقب "أبو جعفر"، تم في أحد "المراكز الإسلامية" في أستراليا، على ما يبدو من العلم المرفوع، وهو بالتحديد مركز تابع للشيعة، من خلال ما يظهر على اللوحة المعرفة به، حيث دوّن لفظ لجلالة "الله" وتحته دون اسما "محمد" و"علي" متجاورين.
4- العقيد علي دندش خيربيك، تمت تسميته كأحد "شهداء العدوان الأمريكي"، فيما الحقيقة أنه قتل في دير الزور مطلع 2015، وكان يخدم في قوات حرس الحدود (الهجانة).

يتحدر القتيل من قرية "اللقبة" في ريف مصياف بحماة، و"اللقبة" مسقط رأس أشهر ضباط نظام الأسد.. محمد ناصيف خير بيك (أبو وائل) الذي أعلن عن وفاته في حزيران 2015، وتاريخ "ناصيف" في الإجرام وتثبيت دعائم آل الأسد أوسع من أن يتم استعراضه هنا، فضلا عن كونه رجل الثورة الخمينية الأول في سوريا.

5- العقيد "غـيث محمد إسماعيـل"، قدم بصفته من ضمن الضباط الذي سقطوا في غارات واشنطن –المفترضة- على جبل ثردة في دير الزور، لكن الوقائع تقول إنه لقي مصرعه في المريعية قرب مطار دير الزور أواسط أيار 2015، وتم نعيه بصفة "الشهيد العميد".
ورد في بيانات نعوة "إسماعيل" أنه من مواليد 1964، وأنه قاتل في دير الزور، وأصيب 5 إصابات متتالية، أقعدته الأخيرة قرابة 10 أشهر، قبل أن يعود إلى القتال، ويقوم بتشكيل "كتيبة الشهداء".
ويتحدر "إسماعيل" من قرية "بيت العلوني" في ريف جبلة (محافظة اللاذقية).



*ضحايا في عرف "منظمات حقوقية"
6- الرائد فادي محمود شيحة، تم نعيه على أن قتل في الغارة الأمريكية يوم 17 أيلول الجاري، فيما لقي مصرعه بدايات كانون الثاني 2015، ونعي بصفة "الشهيد البطل المغوار المجاهد الرائد فادي محمود شيحا"، مع التنويه بأنه من قرية "البرجان" التابعة لمنطقة جبلة.
"شيحا" نعته بتاريخ 14 شباط/فبراير 2015 ما تسمى "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وهي هيئة تتبع للنظام وتتدثر بغطاء حقوق الإنسان، حيث ورد اسم "شيحا" فيما دعته الشبكة "بيان مشترك حول تواصل القصف العشوائي والتدمير والتفجيرات الإرهابية في سورية"، واستهلته بالكلام عن قلقها البالغ وإدانتها واستنكارها لـ"تواصل الاشتباكات المسلحة العنيفة الدموية في عدة مدن سورية، وتواصل عمليات الاغتيال والتفجيرات الإرهابية".
وأدرجت الشبكة مجموعة من أسماء "الضحايا" في صفوف "المدنيين" وصفوف "الجيش والشرطة"، من بينهم "شيحا"، الذي قالت إنه قضى في دير الزور.



7- النقيب "أنس محمد بكار"، نعته الصفحات الموالية مدعية أنه من "شهداء" الغارات الأمريكية، علما أن هذه الصفحات نعته في صيف 2015، ناعتة إياه بـ"الشهيد النقيب شرف"، مركزة على كونه من أبناء "دوما"، وأنه لقي مصرعه في دير الزور، وهو يقاتل في صفوف مجموعة تدعى "نافذ أسد الله"، وهو الاسم الذي يلقب به العميد عصام زهر الدين.
قتل "بكار" في دير الزور، في حزيران 2015، واللافت أن اسمه ورد في بيان بتاريخ تموز 2015 لما تسمى "اللجنة السورية لحقوق الإنسان"، بوصفه من بين "ضحايا العنف التدميري في سورية"، ولكن اللافت أكثر أن هذه "اللجنة" ترفع علم الثورة على شعارها!
وتضمن البيان -إلى جانب اسم "بكار"- نحو 30 اسما لضباط من مختلف الرتب، قتلوا في أنحاء مختلفة من سوريا يومي 12 و13 تموز/يوليو 2015، كلهم بوصفهم "ضحايا".

8- النقيب بشار رجوح، قتل في دير الزور، ولكن ليس في الغارة الأمريكية الأخيرة قبل أيام، حسب زعم الصفحات الموالية، بل في شهر أيار/مايو من عام 2015. يتحدر "رجوح" من بلدة "سلحب" في ريف حماة.

9- النقيب عدنان عمران، نعته الصفحات الموالية مطلع عام 2015 باسمه الكامل "عدنان حامد عمران"، لكنه عاد ونعي بوصفه من قتلى الغارات الأمريكية على دير الزور بتاريخ 17 أيلول 2016، علما أنه يتحدر من قرية عين بستان (طرطوس).
وتثبت صورة لقبر "عمران" وفاته، وأن تاريخ مصرعه هو 3/1/2015، علما أنه ولد في أيلول/سبتمبر 1988.

10- الملازم أول أمجد علي منصور قتل في آب/أغسطس 2015، وليس في الغارة الأمريكية الأخيرة.
"منصور" المتحدر من بلدة "حمام واصل" بريف طرطوس، لقي مصرعه قبل نحو سنة إبان خدمته في مطار دير الزور.

11- الملازم أول زاهر حيدر، تم نعيه –الحقيقي- في أيار/مايو 2015، حيث ورد اسمه الثلاثي "زاهر أحمد حيدر"، وهو يتحدر من قرية "الزللو" بريف بانياس (طرطوس)، وقد خر صريعا في دير الزور، ثم عاد الموالون فادعوا انه من بين "ضحايا" الغارات الأمريكية.

12- الملازم أول محمد فارس شاهين، نعته الصفحات الموالية كـ"شهيد" سقط في الغارة الأمريكية الغادرة، علما أن قتل في دير الزور أواخر 2014.
وكتبت صحيفة "البعث" الرسمية عنه مقالة تمجيدية مطولة، تحت عنوان الشهيد الملازم أول فارس محمد شاهين، عند دمه تلاقى الله والبشر"، مستلهمة عنوان المقال من قصيدة لسليمان العيسى.
وأبانت جريدة "البعث" أن شاهين من مواليد 1/7/1986 قرية خربة الجوزية في شمال اللاذقية، مشيدة بعدم "توانيه" عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية، بل وبتقديمه طلب "استعجال" من أجل تسريع التحاقه، فور أن أتم دراسته الجامعية (كلية الحقوق، جامعة حلب).



*ما سر التأخر والتزييف؟
أما الجنود فيبدو أن لائحتهم لم تسلم من التزوير كذلك، فخلال بحث خاطف، تبين لـ"زمان الوصل" أن حال بعض الجنود الذين قيل إنهم قتلوا في الغارة الأمريكية لا يختلف عن حال الضباط، حيث قضى هؤلاء –أي الجنود- في تواريخ سابقة، ونسب مقتلهم زورا إلى الغارة الأمريكية، ومنهم مثلا: إيهاب ناصر رقية الذي قتل صيف 2015. 
ومن القتلى الواردين في القائمة المزيفة أيضا مجد محمود دوابة، الذي قتل في أواخر 2014 بدير الزور، ومثله أيضا علاء محمود الديك الذي قتل في صيف 2015.. ما يوحي بأن معظم الأسماء الباقية -إن لم يكن كلها- مزيفة من حيث تاريخ ومكان وظروف مصرعها.
وأخيرا، لابد لـ"زمان الوصل" أن تثير التساؤل عن سبب انخراط النظام وصفحاته في تعميم قائمة "مزيفة"، وتأخرهم في إصدار ونشر هذه القائمة على غير المعهود، إذ إن الإعلان عن قتلى النظام ممن هم أهم وأعلى رتبة لايستغرق كل هذا الوقت ولا التعتيم.. كما لا بد أن نتساءل إن كان إصدار القائمة المزيفة على علاقة بحديث "التعويضات" الذي ألمح مسؤول أمريكي إلى إمكانية دراسته، تمهيدا لدفع تعويضات مالية لذوي قتلى الغارات الأمريكية.



إيثار عبدالحق - زمان الوصل
(156)    هل أعجبتك المقالة (156)

عبد الباسط االسيسي

2016-09-22

إلى ماذا أوصلت سوريا أيها االرئيس المزيف أبن الرئيس البائد؟.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي