لا مؤشرات حاسمة بشأن تنفيذ ما رشح عن بنود اتفاق جديد في حي "الوعر" الذي يطلق عليه رسميا "حمص الجديدة"، بينما يسود انطباع لدى الكثيرين، معارضين وموالين، بتكرار سيناريو "حمص القديمة" بإجلاء ثوار المدينة التي وصفها السوريون بـ"عاصمة الثورة".
حينها خرج الثوار بعد حصار سنتين بالباصات الخضراء التي تركت انطباعاً سيئاً وذكرى مشؤومة لدى جمهور الثورة السورية، ليس لخسارة جزء عزيز من "عاصمة الثورة" فقط، وإنما أيضا لأن القوافل الخضراء نفسها أقلت الكثير من شباب المدينة وسوريا عموماً، إلى جحيم المعتقلات لدى مخابرات الأسد، عندما كانت تقتحم ساحات المظاهرات أيام الحراك السلمي محملة بعناصر المخابرات و"اللجان الشعبية -الشبيحة لاحقا" مزودين بسلاحهم الكامل لقمع المظاهرات وتوزيع المشاركين بها بين قتيل ومعتقل وجريح أو لاجئ.
باصات استوردتها الحكومة من الصين "الصديقة"، قبل الثورة بسنوات قليلة بعد الترويج لها في الصحافة الرسمية على أنها الحل السحري لأزمة النقل المزمنة في كبرى المدن السورية، قبل أن يحوّل النظام مسارها لتنقل السوريين إلى معتقلات معروفة وسرية صارت تغص بأكثر من ربع مليون معتقل بحسب تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية.
قضية هؤلاء المعتقلين نفسها التي طالما عرقلت إنجاز الاتفاق من جانب النظام وبالتالي تأجل قدوم الباص الأخضر الذي صار مؤشرا على "المصالحة الوطنية".
ووسط أنباء متضاربة من داخل الحي المحاصر، فإن قدوم "باص الصين العظيم"، كما وصفه السوريون حين استقدامه من بلد ارتبط الكثير من بضائعه وسلعه بالغش والأداء الرديء والسمعة السيئة، -قدومه- ليس بعيدا ليحط الرحال في محطة جديدة على طريق "المصالحات الوطنية" خلال فترة عيد الأضحى (بعده أو قبله)، حسب ما صرح أحد أعضاء لجنة المفاوضات في الحي لـ"زمان الوصل" مؤخرا، مؤكدا العودة إلى اتفاق وقعته اللجنة القديمة مع النظام في كانون الأول ديسمبر/2015، رغم تراجع النظام عن الالتزام بالإفراج عن قائمة بأكثر من 7300 معتقل من أهالي حمص المحسوبين على الثورة، واختزالها بعدد يتراوح بين 140 -200 معتقل.
وضمن السياق نفسه كشف تقرير نشرته وزارة الدفاع الروسية، يوم الأحد أنه "خلال الـ24 ساعة الماضية، تم توقيع اتفاقات مصالحة مع ممثلين عن 9 تجمعات سكانية محلية، بواقع 5 اتفاقات في محافظة حمص، و4 في اللاذقية، وقد ارتفع عدد التجمعات التي التحقت بعملية المصالحة إلى 548".
ومن المتوقع أن يكون اتفاق "الوعر" واحدا من الاتفاقات الخمس التي تتحدث عنها وزارة الدفاع الروسية بعد أخبار عن زيارة أعضاء من اللجنة مؤخرا إلى مطار "حميميم".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها "إن عدد اتفاقات "المصالحة" التي تم توقيعها في سوريا وصل إلى 548 اتفاقا، وإن العمل جار على إنجاز المزيد منها، وفق ما أفادت نشرة دورية يصدرها ما يسمى "المركز الروسي للمصالحة" الذي يتخذ من مطار حميميم (ريف اللاذقية) مقرا".
*الدور الإيراني وهدنة العيد
على عكس اتفاق "حمص القديمة" والمفاوضات الأولى حول حي "الوعر"، فإن الدور الإيراني تلاشى في الوساطة للتوصل إلى الاتفاق الجديد.
معلومات متقاطعة من داخل الحي تؤكد أن الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران لم تكتفّ بإعلانها رفض اتفاق هدنة يجري في حي "الوعر"، وإنما تسعى جاهدة لإفشاله بعدة طرق.
"أبو الحارث" أحد أبناء الحي يقول إن الميليشيات الطائفية الإيرانية أفشلت الاتفاق بخرقه مرات كثيرة، ولم تقف عن حدود استهداف الحي بالقذائف من مواقعها في قريتي "المزرعة" و"الرقة" وبعض الحواجز التي تسيطر عليها، وإنما أصبحت تطلق قذائف إلى مناطق سيطرة النظام في الأحياء الموالية لاتهام ثوار "الوعر" وإحداث ردة فعل تزيد من حقد الموالين تجاه أهالي الحي.
كما ذكر الشاب بعدة حوادث إعاقة تلك الميليشيات لقوافل الإغاثة الداخلة إلى الحي، حيث تركز الأمم المتحدة على طريق بعيد عن دوار "المزرعة" القريب من مقار ميليشيات "لواء الرضى"، وتعتمد طريق "الشؤون الفنية" الواقع تحت سيطرة جيش النظام في الفترات الماضية.
مصدر مطلع من داخل الحي يعزو رفض الميليشيات للاتفاق إلى مطامع تتجسد باقتحام الحي واحتلاله وتفريغه من أهله في متابعة لخطة التغيير الديمغرافي الذي يعتقد بتنفيذه في بلدات بريفي حمص ودمشق.
بينما يكشف المصدر أن النظام لا يستهدف إلا إخراج "المسلحين" من الحي، وليس الأهالي، حسب ما نقل ممثلو النظام، في توجه مخالف للمطامع الإيرانية وبوساطة روسية ظهرت جليا في دور مطار "حميميم" بالاتفاق.
غير أنه نقل هواجس يجمع عليها الكثير من أهالي الحي، وأهمها أن يكون حديث ممثلي النظام فخا للتوصل إلى اتفاق سرعان ما ينقض عهده عند تنفيذها، كما سبق وفعل، إضافة إلى مخاوف من الميليشيات الطائفية غير المضبطة، لاعتمادها أوامر من طهران وليس من النظام.
ونقل المصدر عن عضو في لجنة المصالحة أن الهدنة التي بدأت بوقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة جرى تمديدها للفترة نفسها قبل أن يتجدد تمديدها حتى بعد العيد كما نقل العضو عن ضابط مخابرات رفيع المستوى اعتبرها "بادرة حسن نية"، لتبقى "الوعر" آخر معاقل المقاومة السورية في مدينة حمص "عيونها حمر" حتى الآن، في وصف يحاكي ما يطلقه الموالون على كل منطقة يدخلها جيش النظام، الذي لم ينص أي من بنود الاتفاق المسربة على دخوله إلى الحي.
حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية