
منذ أن "لمع" اسمه كواحد من أشد رجال النظام بذاءة ووحشية وأسبقهم لقمع المتظاهرين السلميين، لم يعد الكثيرون يسمعون باسم الضابط "أمين هواش"، ولا بأي أخبار عنه وعن المصير الذي آل إليه، أو المهام التي وسدها النظام له، حتى تبين قبل أيام أن "هواش" ما يزال يمارس "هوايته" في التسلط والبذاءة والدوس على كرامات الناس، ولكن هذه المرة بحق الموالين وليس المعارضين للنظام.
*من فرقة ماهر
فـ"هواش" الذي كان ضابطا برتبة رائد يخدم في فرع الأمن الجنائي وسط دمشق (باب مصلى) عندما اندلعت الثورة، بات اليوم وبعد سنوات قليلة "سيادة العقيد أمين حسن علي هواش" قائد وحدة المهام الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، والتي كان لها -وما زال- مشاركات واسعة في قمع ثورة السوريين واقتحام بلداتهم والتنكيل بهم، بدرجة لا تقل همجية عن أي من وحدات جيش ومخابرات النظام.
التصفيق الذي كان يحظى به "هواش" من قبل المؤيدين، وهو يواجه طلاب الحرية بالركل والضرب والشتائم النابية، تحول إلى استياء عندما واجه بنفس الأسلوب فئة من الموالين، الذين حملوا السلاح وإياه وصوبوه إلى صدور السوريين، دفاعا عن بشار الذي يمثل مصالحهم ويحميها.
وجاء الاستياء على خلفية التعامل الشرس والمهين، الذي تعرض له أكثر من عنصر وصف ضابط في المهام الخاصة على يد "هواش"، وآخرهم الرقيب أول "علي جورية" الذي يتحدر من مصياف، إحدى أكبر معاقل التأييد الطائفي، وأهم روافد الدعم البشري لجيش النظام ومرتزقته.
وبحسب رواية تبنتها صفحة موالية تهتم بشؤون وحدة المهام الخاصة، فقد تلقى "جورية" جرعة من الضرب و"الدعس" مع وصلة من الشتم على يد "هواش"، عندما توجه الأول ليطلب "إذنا" للمغادرة من أجل ظرف طارئ يمر به.
وبحسب الرواية فإن "جورية" المنتدب من الفرقة الرابعة (فرقة ماهر الأسد) إلى وحدة المهام الخاصة، خاطب "هواش" -كالعادة المتبعة- بلفظ "سيدي" طالبا منه الحصول على مغادرة، فرد عليه قائد وحدة المهام: "انقلع من هون"، فعاد صف الضابط لرجاء العقيد "هواش"، الذي كرر نفس الجملة مضيفا إليها شتيمة "عر..".
*ليس أولهم
حاول "جورية" أن يدفع عنه الإهانة، طالبا من العقيد أن لا "يغلط"، وهنا ثار "هواش" وبدأ بشتم "جورية" وضربه، ولم يكتف بذلك بل داس على رقبته بالحذاء العسكري (البوط)، الذي يعده الموالون "رمزا" يقتضي فخرهم وتمجيدهم.
ويبدو أن ميول "هواش" العدوانية لم ترتو كما ينبغي، فوضع القيد (كلبشات) بيد "جورية" بينما بادرت مرافقة العقيد لطرح صف الضباط أرضا، حتى يستطيع "المعلم" أن يدوس عليه بلا مزيد عناء، ودون أن يحس بأي بوادر مقاومة قد تعكر صفو "كبريائه".
وختم "هواش" حفلة الهمجية بأن أمر بوضع "جورية" في زنزانة انفرادية، مع التوصية بعدم تقديم الطعام والشراب له، حسب الرواية التي تؤكد أن "جورية" لم يكن الضحية الأولى ولا الوحيدة، فقد سبق لقائد وحدة المهام الخاصة أن اعتدى بأسلوب مشابه على عدد آخر من منسوبي الوحدة.
*تزكية
ذاع صيت "الرائد أمين هواش" عقب ما عرف بـ"مظاهرة المثقفين" في حي الميدان الدمشقي أواسط تموز/يوليو من عام 2011، فقد ساهم عناصره –ربما بحكم قربهم من حي الميدان- في قمع التظاهرة، وضرب واعتقال العشرات من المشاركين فيها، كان بينهم صحافيون وفنانون، ومن أبرزهم الممثلة "مي سكاف"، التي ظهرت عقب اعتقالها على إحدى الشاشات متعهدة بمحاسبة "هواش" على الانتهاكات التي شاهدتها بأم عينها أثناء اعتقالها في فرع الأمن الجنائي.
وتناقل بعض من اعتقلوا -حينها- روايات متواترة عن وحشية "هواش" وبذاءته ودناءته، ومبادرته لضرب بعض المعتقلين بصورة انتقامية بالغة، فضلا عن شتمهم بأقذع الألفاظ، وكأنما كان يمهد لمنحه صك براءة لدى النظام، يتيح ترفيعه وإسناد مهام أعلى له، ويبعد عنه "شبهة" الانتماء إلى طلاب وداعمي الحرية، خصوصا وأنه لا يمتلك غطاء طائفيا، كونه يتحدر من دير الزور، التي وضعت بصمة دامغة في مجال الحراك السلمي على مستوى سوريا كلها.
ويبدو أن ظن "هواش" كان في محله، حيث "زكته" وحشيته وانحطاط أخلاقه لدى النظام، فنقله إلى مراتب أعلى، حتى وصل إلى قيادة وحدة المهام الخاصة، ذراع وزارة الداخلية الأكثر تدريبا والأهم تسليحا والأشد فتكا.
لكن هناك عاملا آخر لم يكن ليقل أهمية في تقريب "هواش" وترفيعه، إلا وهو فساده العريض الذي يعلم به الموالون أكثر من المعارضين، ومن ذلك "الشبكة" التي شكلها بمشاركة ضباط من ملاك وزارة الداخلية وأشخاص يمتهنون تجارة المخدرات.
وشاعت أخبار هذه الشبكة قبل نحو عام، ومفادها أن العميد "ع.ش" والرائد "م.ح" وإلى جانبهما "هواش" شكلوا مع تاجري المخدات "م.ر" و"م.ن" ما يشبه "عصابة مرخصة" تولت تسهيل تهريب المخدرات بين لبنان وسوريا، عن طريق جرود القلمون.
وتقول الرواية الشائعة إن "هواش" كان محرّك هذه العصابة، عطفا على علاقاته الواسعة والعميقة، التي نسجها مع كبار تجار المخدرات عندما كان مسؤولا عن مكافحتها في "الأمن الجنائي".
ويبدو أن "هواش" نسج بنفس القدر خيوط شبكة المخدرات الجديدة، فضم إليها العميد "ع.ش" بحكم عمل زوجته طبيبةً في "القصر الجمهوري"، والرائد "م.ح" بحكم أنه قريب لـ"هواش" نفسه، حسب ما تفيد الرواية.
وأخيرا.. فقد ورد القائد الحالي لوحدة المهام الخاصة ضمن أرشيف النظام المخابراتي الذي بحوزة "زمان الوصل".. باسم "أمين هواش بن حسن العلي" ممنوعا من السفر، بموجب مذكرة صادرة عن إدارة الهجرة والجوازات عام 2012، كونه يخدم ضابطا في شرطة النظام برتبة مقدم.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية