تواجه المستشفيات العامة والخاصة في مدينة الحسكة مشكلات جسيمة، دفعت بعضها للتوقف عن استقبال المرضى، بعد تعرضها للقصف وللسرقة أو حتى استقبال أعداد تفوق طاقتها من المصابين، خلال المواجهات بين قوات النظام وبين مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي في أحياء المدينة.
وذكرت مصادر محلية أن "مشفى الحسكة الوطني" بات خارج الخدمة ولا يستطيع استقبال المرضى أو المصابين نتيجة سرقة مجموعات مسلحة تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي على معداته وأجهزته، وسط غياب للكوادر الطبية والتمريضية، لوجود المشفى في حي "العزيزية" الواقع تحت سيطرة الحزب، الذي شنّ خلال أيام المواجهات حملة اعتقالات طالت رؤساء الدوائر وموظفي المؤسسات التابعة للنظام في مناطق سيطرته.
كما خرجت مشافي "شابو" و"الحكمة" و"الحياة" عن الخدمة نتيجة الأضرار، التي لحقت بها نتيجة المعارك أو نتيجة غياب الكوادر الطبية والتمريضية عنها، فبعضهم يعمل في مشافي ميدانية يتبع لأحد طرفي النزاع بينما يحجم الآخرون عن الدوام نتيجة لما حصل، حسب المصادر ذاتها.
وقال الناشط "محمود الأحمد"، أن غالبية الحالات الحرجة تحول إلى مشافي القامشلي لتلقي العلاج، بعد الشروع بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين النظام والحزب، والذي نص على بقاء القوات الأمنية والشرطة فقط بالمدينة، وتبادل الأسرى على دفعات، وإعادة السكان إلى منازلهم، وحصول النظام على طرق تربط مناطقه بالمدينة مع الأفواج العسكرية التابعة له بريفها، إلى جانب فتح طريق الحسكة – القامشلي، ما سهل التنقل بين المدينتين.
وأكد الناشط، أن السرقات طالت الكثير من المؤسسات أبرزها مخابر كلية الهندسة المدنية، والمشفى الوطني، الذي نهبت معداته والأدوية والإكسسوارات على يد مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي ونقلوها لمشافي الحزب، ما جعل المدينة برمتها تواجه أزمة إنسانية، بعد توقف أقسام الخدج وغسيل الكلية والعناية المشددة عن العمل، ما أجبر المرضى للتوجه إلى المشفى الوطني بالقامشلي، ليكتشفوا أن مدير المشفى أقدم على بيع المستلزمات الطبية والأدوية اللازمة لغسيل الكلية.
ولفت إلى أن مشفى القامشلي لا يوفر الأدوية للمرضى، لذا يحاولون شراءها من الصيدليات، والتي تفتقر بدورها لهذه الأدوية نتيجة حظر الأدوية من قبل النظام على مناطق سيطرة الحزب الكردي بعد اشتباكات نيسان ابريل الفائت بالقامشلي ما رفع سعر الدواء من 5 إلى 10 أضعاف، بينما تصل كل فترة أطنان من الأدوية جواً، تباع في السوق السوداء.
من جهته، الناشط "ملاذ اليوسف" قال: "كنت أمس في المشفى الوطني بالقامشلي، وعاينت الأزمة الحاصلة هناك بعيني، الوضع مأسوي فأهالي مرضى غسيل الكلية بحيرة من أمرهم، أبناؤهم بين الموت والحياة، ولا يعلمون ماذا يفعلون لا يوجد غسيل الّا بمشفى الوطني بالقامشلي حالياً، ومدير المشفى سرق مستلزمات الغسيل وباعها".
وأوضح "اليوسف" أن مريض الكلية، الذي غسل مرة واحدة سابقاً يجب أن يستمر بالغسيل مدى الحياة، وتتقارب الفترات بين كل غسلة وأخرى، وهناك أطفال ونساء وشباب بين هؤلاء، يحدد لهم دور في الحالات الطبيعية، ناهيك عن وجود مرضى من النازحين عن المناطق الأخرى.
وأشار إلى عدم وجود حجز في مطار القامشلي، ليستطيع المريض السفر عبر الطائرة إلى دمشق، فلا حل أمامهم الّا الذهاب لشمال العراق أو تركيا، وهما أقرب مناطق للناس هنا، لكن الحدود مغلقة أيضاً، فالمشكلة حقيقية في الواقع.
ويعد مشفى "رأس العين الوطني"، أحد أكبر مشافي المحافظة، لكنه أولها خسارة للمعدات منذ عام 2013، وحتى بعد إعادة تأهيله في حزيران يونيو الماضي، فيحظر على كادره ممارسة أعمالهم بشكل طبيعي، فيما استغلت العيادات الخارجية فيه من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي كمشفى خاص به يحمل اسم "روج" له قسمان مدني في العيادات، وعسكري في القسم النسائي بالمشفى الوطني، فيما نقلت الأجهزة الضخمة إلى مستشفيات الحزب وخاصة مشفى "خبات" بالقامشلي، منها جهاز الطبقي المحوري والكلية، في حين تقاسمت مكاتب و "مؤسسات" إدارته الذاتية حتى مقاعد المشفى والأثاث، وفق مصدر طبي.
المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال في اتصال هاتفي مع "زمان الوصل" قال إن القيادات قالت لكادر المشفى وهم نحو 250 شخصاً، في العلن: لا مانع من فتح مشفى رأس العين الوطني، لكنهم بالسر أرسلوا من يهددنا في حال فتح المشفى، ذلك حتى لا ينافس المشفى الخاص بهم (روج)، والذي يحتل أجزاء من المشفى الوطني، ولا يقدم العلاج للناس مجاناً، كما يستولي على شحنات الأدوية بقوة السلاح، مشيراً إلى أن مدير المشفى الدكتور جوان مصطفى (المسؤول السياسي بحزب الاتحاد الديمقراطي برأس العين)، إلى جانب محمد خلف مدير المشفى الوطني السابق، هم أكبر المستفيدين مع شركائهم من تعطيل المشفى لاستثمارهم في "روج"، المُدار بنسبة 95% من قبل كادر كردي فقط".
وأكد المصدر أن قسماً من كادر المشفى الوطني فقد عمله وفصلته مديرية الصحة بالحسكة، لأنها تعتبر المشفى خارج الخدمة، لذا يتوجب عليهم حمل السلاح ضمن ميليشيا "الدفاع الذاتي" التابعة لقوات النظام، رغم أنها مدعومة من الأمم المتحدة.
وأردف قائلاً: إن قسم النسائية في مشفى "المالكية" الوطني، والمدعوم من منظمة "أطباء بلا حدود"، يأخذ حاليا نصف التكلفة، رغم انه يجب أن يقدم خدماته مجاناً، وعلى هذا الأساس رممت المنظمة غرفة العمليات وتدعمه منذ ما يقارب السنة وعشرة شهور.
وكانت منظمة الهلال الأحمر، في حزيران يوينو الماضي، قالت إن فريق المياه والإصحاح بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنهى أعمال إعادة التأهيل أقسام الإسعاف والممر الإسعافي والعمليات الرئيسية وبراد الموتى وشبكات المياه والصرف الصحي والتدفئة المركزية، مع تمديد خط مياه مباشر للمشفى من محطة الضخ الرئيسية في مدينة الحسكة.
وشملت الأعمال أيضاً إعادة تأهيل أقسام الإسعاف والممر الإسعافي وصالة الدخول الرئيسية والعمليات الرئيسية وتقديم عدد من التجهيزات والمعدات الطبية الضرورية في مشفى "رأس العين".
محمد الحسين - الحسكة - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية