قصص لم يسمع بها أحد ومشاهد جديدة، كان الزمن قد طواها، حرص المشاركون بتظاهرة أقامتها شبكة "جيرون" الإعلامية في الذكرى السنوية الثالثة لمجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام في غوطة دمشق على إعادة التذكير بها وعرضها على الجمهور الذي شارك بالتظاهرة التي أقيمت أمس في مركز "حرمون" للدراسات المعاصرة بمدينة غازي عنتاب التركية.
الطبيب "محمد كتوب" عضو الرابطة الطبية الأمريكية السورية والذي كان يعمل بمدينة "دوما" عند وقوع المجزرة، تحدث بين خفقات قلبه ودموع عينيه متذكراً بعض مشاهد المجزرة فأثّر وتأثّر وأبكى الحاضرين بقصص وحكايا كانت تفاصيلها شديدة الألم.
كان على "محمد" وزملائه الاختيار بين مرّين، معالجة الشيخ أو الطفل أولاً، المقاتل أم المدني، "المئات على وشك الموت اختناقاً بغاز السارين والجميع بحاجة ماسة للعلاج الفوري وإلا فإنه سيصبح رقما يضاف إلى أعداد الشهداء".

*انتهاكات متواصلة
وبعيداً عن العواطف والمشاعر تحدث الطبيب "كتوب" عن عدد المرات التي قصف بها النظام السوريين بالمواد الكيماوية، فأشار إلى تسجيل 297 حالة استخدم فيها غاز "الكلورين" و"السارين" و"الخردل"، إضافة إلى 40 حالة من القصف الكيماوي بمواد مجهولة، لم يتمكن الأطباء والمعالجون من معرفتها، مرجحاً إلى أن تكون مزيجاً من مادتين كيماويتين أو غازاً غريباً لم يستخدم من قبل.
وتحدث "كتوب" عن أن 70% من حالات القصف بالكيماوي تمت بعد القرار الأممي بسحب السلاح الكيماوي من نظام الأسد، وأن 40% من استخدامه لغاز الكلور في القصف تمت بعد أن اتخذ مجلس الأمن قراراً باعتبار استخدام مادة الكلور عسكرياً محرم دولياً.
أراد "كتوب" بهذه المعلومات الإشارة إلى الصمت الدولي عن جرائم الأسد التي عزّزها بعد القرارات الدولية التي صدرت بحقه، ودعا للاعتماد على الذات وتوفير مستلزمات العلاج والوقاية من السلاح الكيماوي الذي لن يتوقف النظام عن استخدامه في قتل السوريين، لا سيما عند تحقيقهم انتصارات مهمة على أي جبهة في سوريا.
ورغم رغبته بنسيان التفاصيل المؤلمة وحالات الوفيات القاهرة التي شاهدها، إلا أنه طالب المعارضة السورية والإعلاميين باستمرار التذكير بمجازر الأسد الكيماوية والعمل على إيصال الأدلة الموثقة عنها إلى المحافل الدولية وصولاً إلى تحويل بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة جرائم الحرب.
تلا ذلك عرض تسجيلي لمشاهد حية لمجزرة الكيماوي وصوراً للمدنيين الذين سقطوا فيها، وكيفية دفنهم جماعيا، تشتمل على مئات الأطفال والنساء وكبار السن.

*عشق الحياة
كما استمع الحاضرون لروايات من شهود عيان حضروا المجزرة وعايشوها فكانت قصص لم يسمعوا بها من قبل، وقال أحد الحاضرين عنها "لولا قصف هيروشيما بالنووي لقلنا إن هذه المجزرة هي الأبشع في تاريخ البشرية".
وتحدث رئيس المجلس المحلي السابق لمدينة "زملكا" عن بعض مشاهداته لذلك اليوم الرهيب، فأشار إلى أن طواقم المسعفين كانوا ينقذون المصابين بالسارين ليعودوا شهداء وقد تسمموا بالغاز، كما حدث مع بعض الإعلاميين الذين كانوا يعملون على توثيق المجزرة بالصوت والصورة، فاستشهد بعضهم متأثراً بالغاز السام.
ولكنه بدا شديد الفخر بأبناء الغوطة الصامدين بوجه أعتى المجرمين، فعلى الرغم من موت الكثيرين منهم في تلك المناسبة المشؤومة واستمرار هذا الموت يومياً، وبمختلف أنواع الأسلحة، لم يمنعهم ذلك عن عشق البقاء والحياة، فتحدث عن زواج جماعي لـ50 شابا وفتاة قبل أيام في المكان ذاته الذي تعرض للقصف الكيماوي في "زملكا".
يذكر أن عدد ضحايا مجزرة الكيماوي التي ارتكبها نظام الأسد في 21 آب أغسطس عام 2013 الموثقين بالاسم بلغ 1370 شخصاً، بينما يرجح سكان الغوطة أن العدد تجاوز الألفين، كما تعرض نحو 10 آلاف آخرين لإصابات متفاوتة الدرجات.
عبد السلام حاج بكري -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية