أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خطة "بوغدانوف" لحصار هيئة المفاوضات

نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف

تجارب المعارضة السورية السابقة مع الروس تقول؛ إن نتيجة لقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع الشيخ معاذ الخطيب صفر مكعب، والسبب بدون الإيغال في التفاصيل أن الشيخ معاذ في أحسن الحالات لا يمثل سوى "حركة سورية الأم" التي لا يكاد أحد يعرف عنها سوى بيان الأمس عقب اللقاء مع "بوغدانوف"، فضلا عن غيابه الكامل عن مشهد الداخل.

كان اللقاء الأول لرئيس المجلس الوطني برهان غليون مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2011، خرج المجلس الوطني من هذا اللقاء خالي الوفاض، بعدها توالت اللقاءات الروسية مع المعارضة السورية من عبد الباسط سيدا إلى أحمد الجربا، ليكون آخرها – على مستوى الائتلاف- لقاء لافروف مع رئيس الائتلاف السابق خالد خوجة في آب (أغسطس).

لم يتغير الموقف الروسي على الإطلاق مع الثورة السورية، واستمرت روسيا بتعطيل كل القرارات الدولية في مجلس الأمن ضد نظام بشار الأسد، وحاصرت الثورة دبلوماسيا وعسكريا ورفعت مستوى الدعم للنظام حتى هذه اللحظة.

الغريب؛ أن كل رؤساء الائتلاف كانوا شفافين في لقاءاتهم مع الجانب الروسي واعترفوا أنه لا فائدة من هذه الزيارات واللقاءات، باستثناء معاذ الخطيب الذي قال في زيارته إلى موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2014 إن اللقاء "كان إيجابيا جدا".. وأطلق مقولته الشهيرة "هل تشرق الشمس من موسكو"..!؟
في 30 أيلول -سبتمبر عام 2015 قررت روسيا التدخل العسكري في سوريا لتكون "الآمر الناهي" في الأزمة السورية بعد أن تبين للروس أن النظام يتداعى وبناءً على نصيحة قائد فيلق "القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي زار روسيا في يونيو -حزيران ذهبت روسيا إلى خيار التداخل لملء الفراغ العسكري، ليتبدد حينها ما تبقى من الأمل لدى البعض من المعارضة أنه لا تراجع عن خيار دعم الأسد وإسقاط هذه الثورة.

أمام جموح روسيا وجنونها في قصف العسكر والمدنيين معا على الأراضي السورية وتسجيل منسوب عال للدم السوري خلال 3 أشهر، حرك المحور (السعودي -القطري -التركي) في تشرين الاول -أكتوبر العام 2015 المياه الراكدة في الأزمة السورية للخروج من حالة الانفراد الروسي بالشعب السوري، ونتيجة هذه الجهود الدبلوماسية وصلت إلى مشاورات فيينا 1 وفيينا 2، حينها عاد وزير الخارجية الروسية لافروف إلى المربع الأول بالقول أين هي المعارضة السورية، نريد معارضة تجمع الكل.

ومن هنا ولدت فكرة مؤتمر الرياض، حين تعهدت السعودية بهذه المهمة وعقدت مؤتمر الرياض في ديسمبر -كانون الأول بمشاركة كل الأطراف السياسية والعسكرية وغيرها من شخصيات معارضة.

نجحت المعارضة في تشكيل منصة قوية متماسكة للمرة الأولى، وتم اختيار الدكتور رياض حجاب رئيسا لها لتبدأ مرحلة التفاوض مع النظام بتعهدات دولية شفهية، بأن تكون هذه المفاوضات جادة وعملية تؤدي إلى حل سياسي للأزمة.

وبين مماطلة وفد النظام وغياب الدور الروسي والأمريكي فشلت كل الجولات دون أي ضغط من الدول الكبرى، بهدف إضعاف موقف هيئة التفاوض.

وبدأت بعض المعارضات الجزئية في القاهرة في الحج إلى روسيا وإعادة الاعتبار للدور الروسي على طريقة معاذ الخطيب، فيما سعت روسيا إلى تحطيم هيئة التفاوض بسبب صلابة موقفها والتزامها بخط الائتلاف وقوى الثورة وانسجامها مع كل القيادات العسكرية في الداخل، بخلق معارضات فضائية من حميميم وغيرها.

وحتى تستكمل روسيا مشروع تحطيم "هيئة المفاوضات"، صعدت على الأرض ومكنت النظام في حلب حتى كاد أن يسيطر بهدف خلق حالة من اليأس وتصدع العلاقة بين مكونات الهيئة وخصوصا العسكر، إلى أن جاء الانتصار الأخير في حلب الذي قلب الطاولة على الإيرانيين والروس والنظام، واستعادت هيئة المفاوضات معنوياتها وتحسنت العلاقة مع الائتلاف وبدا المسار أكثر تماسكا من قبل، لأن الدرس الأبرز من معركة حلب كان "الوحدة" فقط من تصنع الانتصارات.. الذي بات العنوان الرئيسي للمرحلة السياسية والعسكرية.

لم تنجح روسيا والنظام في تحجيم دور هيئة المفاوضات، لكنهم لم يتوقفوا عمليات الحفر للإيقاع بهيئة المفاوضات، بعد أن قررت أن أي عملية مفاوضات جديدة في جنيف مع النظام لا بد أن تكون واضحة المعالم ولن نذهب لـ"حفلات شاي" في جنيف بينما الشعب السوري تحت القاذفات الروسية وبراميل الأسد فضلا عن الحصار.. والقاتل ما يزال طليقا!.

كل المساعي الروسية والتغاضي الأمريكي كانت نتيجتها صفرا على الأرض، لم تتغير المعادلات العسكرية ولا السياسية، لذا لا بد من حصار هيئة المفاوضات بتصعيد العمليات العسكرية والاقتراب من شخصيات ومعارضات تميل أصلا للطرف الروسي، وربما تكون في المرحلة المقبلة تسخين معارضات أخرى من أجل أن تلعب دورا شكليا تستند عليه روسيا، لذا كان من الأحرى أن يكون بيت المعارضة أكثر متانة مما هو عليه الآن، وأن يكون الكل تحت مظلة واحدة إلى أن تتجاوز المعارضة كل العواصف المحيطة بها..حينها لا مانع من ماراثون السباق على الدور..!؟ 

إن المعركة اليوم معركة وحدة صف وموقف، أكثر من كونها صراعا على الأرض، وإن لم تحقق المعارضة انتصارا، إلا أن رؤيتها صفا واحدا يستحق الدم على التراب ويمنح السوريين الأمل مهما طالت الأزمة.

عبدالله الغضوي - زمان الوصل
(100)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي