تشهد مدينة اللاذقية أزمة خانقة بسبب نقص مادة البنزين، وعدم وجودها إلا في محطات وقود محددة، ولعدد ساعات محدود يوميا، بينما يحصل المسؤولون والعسكريون على حاجتهم فورا، وتتسرب المادة لتباع بأسعار عالية في السوق السوداء.
أثار نقص المادة، والانتظار الطويل، أمام محطات الوقود العديد من التساؤلات، كما كان سببا للسخرية، والنقد للسلطة المحلية والنظام.
*طابور الـ 3 كم
تمتد طوابير السيارات من أمام محطات الوقود، في مشروع الزراعة والشيخ ضاهر، وطريق اللاذقية - دمشق الدولي، والشاطئ الأزرق مسافات بعيدة، للحصول على الوقود، وتستمر حالة الانتظار، في أغلب الأحيان، لعدة ساعات ليلا ونهارا.
وسجل أرتال السيارات التي تنتظر دورها للتزود بالوقود من كازية "حورية" رقما قياسيا في امتداده، ليصل من مشروع الأوقاف وحتى المشروع الأول فالمشروع الثاني، بما يزيد عن 3 كيلومترات، وفقا لما ذكرته صفحة "يوميات قذيفة هاون" الموالية للنظام.
*سمسرة وتجاوز للدور
يستطيع السائق أن يؤمن حاجته من الوقود فورا، إذا استطاع التعامل مع السماسرة، الذين يتقاضون بين 500 و3000 ليرة سورية، حسب الكمية التي يريدها صاحب الحاجة.
المحامي "محمد ع" قال: أنا لا أذهب إلى الكازية، بل أتصل بأحد السماسرة، وأسلّمه السيارة، ويعيدها ممتلئة بالوقود، وأدفع له 3 آلاف ليرة سورية لقاء ذلك.
تتجاوز سيارات المسؤولين، والسيارات "المفيمة" وذات الدفع الرباعي والتي يقودها عسكريون الدور، دون أن يستطيع أحد اعتراضهم، ويملؤون خزانات سياراتهم بالوقود، بالإضافة إلى عدد من الصفائح، بزعمهم أنهم متوجهون إلى الجبهات في ريف اللاذقية.
*سوق سوداء تحت الحماية
تنتشر التجارة بمادة البنزين في أحياء اللاذقية الموالية للنظام، كحي "الدعتور" و"بسنادا و"بوقا" بشكل كبير وعلني، حيث يتقاضى التجار الذين ينتمون لعناصر الأمن وميليشيا "الدفاع الوطني" أو أقاربهم، أسعارا أعلى من السعر الرسمي بألف ليرة للصفيحة الواحدة.
هؤلاء يحصلون على مادة البنزين بشكل يومي، ومنتظم، عن طريق سائقي السيارات الحكومية والعسكرية، ويحضرون المادة بالصفائح، أو بإفراغ خزانات سياراتهم، وفقا لما قاله "أبو حسن كوسا" الذي يبيع الوقود في حي "بسنادا"، والذي أضاف: أنا أمارس تجارتي بعلم الجهات الأمنية، وابني يقاتل مع الدفاع الوطني في جبل التركمان، ويرسل لي رفاقه لأشتري منهم.
يقول السائقون إنه لا يوجد نقص في الوقود، والغاية من افتعال الأزمة استغلال المواطنين، باتفاق بين المسؤولين وأصحاب الكازيات الذين يبيعون كميات محددة من مخصصاتهم، والكمية الأكبر تباع خفية.
*دعابة الألم
يستعين السائقون بالسخرية والدعابة للتغلب على معاناتهم.
السائق "صقر محمد" يقول: ليس لدي عمل في يوم الجمعة، فأحببت ان أتسلى مع أصدقائي السائقين أمام الكازية.
ويضيف: الله يرحم أيامك يا "حلقي" كانت مصيبتنا معك بالكهرباء، والآن زاد عليها البنزين مع رئيس الحكومة الجديد "خميس بك".
ويقول "محمد صدي" على صفحة التواصل الاجتماعي: "عرس جماهيري وشحط ودفش سيارات نفذ وقودها"، وتطالب "سحر علي" بتسجيل أطول طابور في موسوعة "غينيس للأرقام القياسية" وآخر يقول: زادت اللحمة الوطنية أمام الكازيات.
و "الزعرور" يعرض للبيع دورا متقدما في كازية "عنتر" مطل على بسطة قهوة ودخان وحديقة، ويأتيه جواب على عرضه (أخي هل تبادلني دورك على شقة جنوبية غربية، مع إطلاله على البحر تجهيزها ممتاز)، ورد من آخر: هل تبادل دورك على مكتب بنص البلد؟.
وأحدهم يقول (التنقيب عن النفط، واستخراجه أسهل وأسرع من تعبئة البنزين، بدون رشوة في اللاذقية).
*تجاهل وغياب للرقابة
غياب كامل للمسؤولين، وتجاهل للأزمة، باستثناء وجود عدد كبير من عناصر الأمن حول الكازيات للقبض على الشبان ليس لضبط الدور أو تنظيم عملية الحصول على الوقود بل للقبض على الشباب واقتيادهم لخدمة جيش النظام.
صرخت "سهام سالم": "أين المحافظ والمسؤولون، ماذا تفعلون، لا أهميه للإنسان ووقته وكرامته عندهم".
وتضيف: "إذا كان سائق التكسي العمومي ينتظر نصف نهاره لتعبئة سيارته بالوقود، سيعوض ذلك حتما برفع أجره، وزيادة الأعباء على المواطنين، أنتم سبب أزمتنا وجوعنا وسبب تدمير سوريا ارحلوا عنا".
وتختم قولها: (بدنا حل..كفى).
اللاذقية – زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية