أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعرف إلى مهندس التطبيع بين أنقرة وموسكو وخفايا مساعيه.. سبق أن سخر طائرته للقبض على "أوجالان"

"تشالار" قدم "خدمات" كثيرة لتركيا، دفعت "أدروغان" للاعتماد عليه

كشفت الصحافة التركية عن هوية مهندس تطبيع العلاقات التركية الروسية، الذي تولى إعادة المياه إلى مجاريها بين الدولتين، عقب توتر حاد شابها إثر إسقاط أنقرة مقاتلة روسية أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

الصحافة المحلية تناقلت خلال الساعات الفائتة تقارير متشابهة حول هوية الرجل، اطلعت "زمان الوصل" على بعضها وحاولت تلخيص وترجمة أهم ما فيها.

وجاءت التقارير بمناسبة زيارة الرئيس التركي إلى روسيا؛ لتوضح أن التركي "جاويت تشالار" هو الشخص المحوري الذي أدار عجلة التطبيع، مستغلا علاقاته الواسعة والمتشعبة مع دوائر القرار في كل من أنقرة وموسكو.

وذكّرت التقارير بتاريخ "تشالار" في حقل السياسة، وكذا في حقل الأعمال الذي تشعب في المجالين الصناعي والرياضي.

*قناة
بدأت العيون تتفتح على دور "تشالار" مع تصريح أطلقه المتحدث باسم الرئاسة التركية "إبراهيم كالن" أشار فيه إلى "الدور المهم" الذي لعبه رجل الأعمال المشهور في "حل الأزمة" مع موسكو، دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل عن طبيعة هذا الدور.

وبنفس القدر من السرية، تعامل "تشالار" مع الكلام عن دوره، فقال لمن سأل عنه، إن ما صرح به "كالن" صحيح، دون أن يبوح بالمزيد.

"تشالار" المولود في اليونان عام 1944 (72 عاما)، حفر اسمه في سجل الأعمال، عندما أصبح قطبا في مجال صناعة الغزل والنسيج، بعدما تلقى أصول الصنعة على يد ثري يهودي.

دلف "تشالار" إلى عالم السياسة من باب "حزب الطريق القويم"، حيث دخل البرلمان التركي ممثلا عن الحزب، وبقي ممثلا له عدة سنوات، قبل أن يستقيل من "الطريق القويم" ويقدم نفسه بصفة برلماني مستقل، حيث قضى تحت قبة "مجلس الأمة" ما مجمله 8 سنوات، نائبا عن بورصة التي ترأس ناديها الرياضي لسنوات.

اختير "تشالار" ليكون "وزير دولة" لشؤون الخزينة في الحكومتين التركيتين 51 و52، ولمدة تناهز 5 سنوات، في تسعينات القرن الماضي.

أما كيف وقع الاختيار على "تشالار" ليكون الوسيط في إنهاء التوتر بين أنقرة وموسكو، فتجيب عنه إحدى التقارير قائلة إن رئيس الأركان "خلوصي أكار" أبلغ نهاية نيسان/أبريل الماضي رئيس بلاده "أردوغان" بوجود قناة يمكن استثمارها في حل الأزمة مع روسيا، وهذه القناة تتمثل تحديدا بـ"تشالار" قطب النسيج الذي يملك استثمارات في جمهورية داغستان إحدى جمهوريات "روسيا الاتحادية".

*أقوى من "آسف" وأقل من "أعتذر"
بنى "تشالار" علاقات وثيقة منذ سنوات، مع السياسي "رمضان عبد اللطيفوف" الذي أصبح اليوم رئيس داغستان، وعبر الأخير تمكن رجل الأعمال التركي من الوصول إلى "فلاديمير بوتين"، بواسطة مستشاره "يوري أوشاكوف".

"أكار" ذكّر "أردوغان" بالخدمات التي قدمها "تشالار" للدولة التركية، سواء من موقعه كوزير، أو كرجل أعمال بارز، ومنها أن "تشالار" قدم طائرته الخاصة لمخابرات بلاده لتستخدمها في عملية "جلب" زعيم مليشيا حزب العمال الكردستاني "عبدالله أوجالان" من كينيا عام 1999، [المترجم: بعد أن أقدم حافظ الأسد على طرد أوجالان من سوريا، مذعنا للتهديدات التركية حينها.

وبعد أن شرح الجنرال لرئيسه "أردوغان" المزيد حول ما يمكن أن يبذله "تشالار"، أعطى الرئيس التركي الضوء الأخضر لرئيس أركانه، من أجل متابعة العمل مع رجل الأعمال لحل ما تعقد من الأمور بين أنقرة وموسكو.

وكونه معينا من قبل "أردوغان" للتواصل مع روسيا عبر "أوشاكوف"، شرع المتحدث الرئاسي التركي في صياغة مسودة رسالة من رئيسه إلى "بوتين"، لتنطلق بعدها مساعي "مكوكية" بين العاصمتين، كان عمادها "تشالار" وصديقه "عبداللطيفوف"، حيث جرى تنقيح محتوى الرسالة عدة مرات من الطرفين التركي والروسي، قبل أن يتم اعتمادها بشكل رسمي.

وفي 22 حزيران/يونيو، أجرى سفير كازاخستان لدى أنقرة مكالمة مع "كالن"، من أجل إيصال رسالة "عاجلة"، مفادها أن رئيس كازاخستان "نور سلطان نزارباييف" اجتمع بـ"بوتين" في "سان بطرسبرغ"، وسمع منه أنه مستعد لتلقي رسالة من "أردوغان"، الذي كان يرفض بشكل قاطع أن يضمن خطابه المزمع أي عبارات من قبيل "اعتذار" و"تعويض" عن إسقاط المقاتلة الروسية، باعتبار ما جرى تصرفا بديهيا ومبررا لأي دولة تدافع عن حدودها وأجوائها.

بعد ذلك بيوم واحد، أعاد السفير الكازاخستاني الاتصال بـ"كالن"، بعد أن أُعلم أن "نزارباييف" سوف يجتمع مجددا مع "بوتين" قبيل نهاية قمة شنغهاي للتعاون، ودعا السفير "كالن" للتحرك من أجل تزوديه بنسخة من الرسالة؛ علّها تساعد في إنهاء الأزمة.

أبلغ "كالن" رئيس بلاده "أردوغان"، الذي دعا الجنرال "أكار" للاجتماع معه مساء ذلك اليوم، حيث عمل "كالن" حثيثا مع مترجمين ومتخصصين باللغة الروسية، حتى وقعوا على كلمة "إزفينتي"، التي تعد أقوى من كلمة "آسف" وأقل من عبارة "أرجو المعذرة والصفح"، بحيث لاتحمل أي معنى للاعتذار الذي يعني الإقرار باقتراف ذنب، يستدعي طلب السماح كما قد يستدعي التعويض على الطرف الذي تم تقديم الاعتذار له.

*بانتظار الأذونات
تم تجهيز الرسالة، فوقعها "أردوغان"وطلب من الناطق باسمه "كالين" أن يحملها فورا، فطار الرجل نحو اسطنبول قبيل الفجر، ليحط هناك من أجل مرافقة مهندس التطبيع "تشالار"، حيث أقلعت الطائرة بالرجلين قرابة الرابعة والنصف من فجر 24 حزيران/يونيو، لكنها واجهت عدم القدرة على التحليق نحو روسيا، حيث لم تحصل على أذن السلطات في كل من: جورجيا، أذربيجان، تركمانستان، أوزبكستان.

هنا باشرت وزارة الخارجية التركية مهاتفة السلطات المختصة في البلدان الأربعة، فحصلت على إذن للتحليق من الدول الثلاثة الأولى، وبقي الإذن من أوزبكستان معلقا، بعد أن أغلقت هذه الجمهورية مجالها الجوي لأسباب أمنية تتعلق بقمة شنغهاي.

هنا تدخل الرئيس الكازاخستاني "نزارباييف" وأمر طائرته المروحية الخاصة بالتوجه إلى الحدود الأوزبكية لنقل "كالن" و"تشالار" إلى "طشقند"، ولكن مروحية "نزارباييف" كاد وقودها ينفد وهي تحلق فوق تركمانستان، وهنا لم يكن بد من اتصال الرئيس الكازاخستاني بنظيره الأوزبكي "إسلام كريموف"، ليطلب منه الإذن بمرور"ضويف من تركيا"، فوافق الأخير. 

وأخيرا هبط "كالن" و"تشالار" في طشقند، عند ظهيرة 24 حزيران، حيث كان "نزارباييف" ينتظرهما، وطلب منها أن يطلعاه على نسخة الرسالة، فقرأها بتمعن، ثم علق: "هذا جيد"، وإبان ذلك علم الضيفان التركيان أن "بوتين" كان يجلس في حجرة مجاورة.

انضم "أوشاكوف" مستشار الرئيس الروسي لاحقا للاجتماع، وتم التوافق على أن الرسالة باتت في حكم "المقبولة".

حمل "أوشاكوف" الرسالة إلى رئيسه، ثم ما لبث أن عاد إلى الوفد التركي مُعلماً الوفد بموافقة "بوتين" على الرسالة رغم أنه رآها أميل للجانب التركي قليلا، حيث إنها اختارت مفردة روسية لا تدل على الاعتذار بحرفيته.

اتفق " كالن" و"أوشاكوف" على صدور بيان من موسكو بتاريخ 27 حزيران/ يونيو، بعد أن تكون أنقرة قد نشرت نبأ حول الرسالة، وهذا ما حدث فعلا، لتجري مياه التطبيع مجددا في قنوات البلدين.

إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
(126)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي