أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تدمر.. هذه تفاصيل جريمة إحراق امرأة وحيدة على يد المليشيات الطائفية

حمص التي تتبع لها تدمر أيام المظاهرات السلمية التي عسكرها النظام والمجتمع الدولي - زمان الوصل

روت مصادر لـ"زمان الوصل" تفاصيل عن جريمة حرق امرأة وحيدة من مدينة تدمر على يد مليشيات طائفية قادمة من العراق، يلاقي منها سكان تدمر الأمرّين.

ونوهت المصادر في بداية حديثها إلى أن من عاد إلى تدمر، إنما عاد تحت ضغط ظروف النزوح القاسية والمذلة، أو تحت التهديد، موضحة أن ضحية إجرام المليشيات الطائفية تدعى "فوزية محمود درويش" وتبلغ من العمر 50 سنة، وهي ممن أجبرتهم قسوة العيش خارج مدينتهم على العودة إليها، رغم أن كثيرا من بيوت العائدين مدمرة أو منهوبة، كما إن المدينة تفتقد إلى أدنى شروط الحياة من ماء وكهرباء، فضلا عن تسلط المرتزقة من كل حدب وصوب.

لم تستطع المرأة الوحيدة (غير متزوجة) أن تتأقلم مع ذل النزوح، فاختارت العودة إلى تدمر واتجهت للاستقرار في بيتها بمنطقة الحي الأوسط، علما أن الظروف الاقتصادية المجحفة كانت الدافع الأول لعودة معظم من اختاروا الرجوع إلى تدمر، حيث وصل إيجار الغرفة الواحدة في بعض مناطق سيطرة النظام إلى 50 ألف ليرة شهريا، وهو ما لايطيقه كثير من السوريين.

*لحظات عصيبة
وأبانت المصادر أن ذل النزوح اجتمع مع تطمينات النظام (لاسيما محافظ حمص)، فاندفع بعض كبار السن للعودة، لاسيما أن أغلب شباب تدمر مطلوبون للنظام، وهكذا رجعت "فوزية" وحيدة إلى منزلها، مفضلة العيش في فاقة وعوز ضمن بيتها على ذل استجداء الناس.

وأشارت مصادر "زمان الوصل" إلى أن السيطرة على مدينة تدمر موزعة بين: المليشيات القادمة من العراق والتي تتحكم بالحيين الأوسط والشرقي، والمليشيات القادمة من أفغانستان التي تتمركز في منطقة الجمعيات الشمالية والغربية، بينما يسيطر الروس على المدينة التاريخية حيث توجد آثار وكنوز تدمر، ويقتصر وجود النظام تقريبا على عناصر المخابرات، الذين لا همّ لهم سوى "تعفيش" ما تبقى من ممتلكات.

وتابعت مصادرنا: منذ عدة أيام بدأت المليشيات الطائفية القادمة من العراق بإحراق بعض منازل التدمريين الواقعة تحت سيطرتها في الحي الأوسط، واستخدمت خلال عملها الإجرامي مسحوقا أبيض تلقيه في المنزل فيسّرع اشتعاله ويحيله إلى كتلة لهب، قبل أن يصبح ركاما يستحيل العيش داخله مجددا.

وأوضحت المصادر ما جرى للضحية "فوزية" بدقة، قائلة إنه في يوم الثلاثاء 26 الجاري، شرعت المليشيات الطائفية في حرق بعض منازل الحي الأوسط، وقد رأت العصابات قادمة نحو بيتها، ولما كانت وحيدة لا يسكن معها أحد، فقد توجهت من خوفها إلى قبو المنزل (الملجأ)، وعندما وصل المرتزقة سارعوا إلى نثر المسحوق الأبيض داخل البيت وأضرموا فيه النار، فانتشرت ألسنة اللهب وأحست الضحية بلفحها، فبدأت تصرخ مستغيثة، فجاء رد المرتزقة أشد من جريمتهم، حيث قابلوا نداءها بالضحك وإطلاق شتائم طائفية ضدها وضد أهالي تدمر.

هرع الجيران القريبون من المكان على وقع صراخ المرأة فوجدوا ألسنة اللهب وهي تكاد تأتي على كل شيء تصادفه، وحاولوا ما استطاعوا إطفاء النار بما تيسر من حفنات التراب، حيث لا وجود إلا لما ندر من الماء في بيوتهم، لكن الكارثة كانت أكبر من طاقتهم، والنار المشتعلة بفعل مادة كيماوية لا يمكن التغلب عليها بسهولة.

وبين عجزهم عن مواجهة النار أو الانتقام من المجرمين، وحزنهم على ما حل بالمرأة، عاش جيران الضحية لحظات عصيبة جدا، قبل أن تنطفئ النار من تلقاء نفسها، وينتشلوا ما تبقى من أشلاء جثة الضحية المتفحمة ليدفنوها.

*مفارقة
وأكدت مصادرنا أن المليشيات الطائفية حاولت الإيحاء بأنها لم تكن تعلم بوجود أحد في البيت قبل إحراقه، ولكن الثابت علم هذه العصابات بوجود المرأة فيه، بل ونيتها المبيتة بقتلها حرقا، حيث ذهبت الضحية إلى المرتزقة أكثر من مرة لسؤالهم عن أغراض منزلها، ومن سرقها، فكانوا يقابلونها بالصد والامتعاض، وفي آخر مرة هددوها بالقتل إن عادت للسؤال، لينفذوا تهديدهم لاحقا وعلى مرأى جمع من الناس.

ولفتت مصادرنا أن شح المياه في تدمر مقتصر على السكان المدنيين الذين عادوا إليها مرغمين، أما المليشيات فلديها خزانات كبيرة من المياه، ولديها تجهيزات إطفاء، ولكنها ضنت بها على المرأة؛ لتحترق أمام أنظار المرتزقة وهم يتفاخرون بما اقترفوه، بوصفه عقابا مستحقا لـ"الإرهابيين"، حسب معتقدهم. 

وكشفت المصادر الخاصة عما سمته مفارقة غريبة، مفادها أن المليشيات الطائفية ليست واحدة في تعاملها مع سكان وأهالي تدمر المستضعفين، فالمليشيات القادمة من أفغانستان لا تتعرض لأهالي المدينة غالبا ولا تسبب لهم الأذى، بعكس المليشيات القادمة من العراق، ذات الأفعال الوحشية والتصرفات الدموية المبنية على سلوك طائفي فاقع، بات يستبيح حياة التدمري وماله بمنتهى البرود.

وكررت المصادر تأكيدها أن معظم من عادوا إلى تدمر هم من كبار السن، فضلا عن وجود فئة أخرى عادت تحت ضغط التهديد والوعيد، وهؤلاء يمثلون الموظفين في قطاع الخدمات، ممن يحتاج إليهم النظام ومرتزقته للإشراف على قطاعات الماء والكهرباء وسواها.

وحتى تتوسع دائرة الإكراه، أصدر وزير التربية في حكومة النظام قرارا بمنع أي طالب من أبناء تدمر من الدراسة خارج المدينة، تحت طائلة الفصل النهائي من المدرسة؛ وذلك بهدف إجبار أكبر عدد من العائلات على العودة وإظهارها بأنها "عودة طوعية" إلى مدينة تعيش "حياتها الطبيعية"، وفق السيناريو المعهود للنظام مع كل منطقة ومدينة يدمرها ويهجر أهلها.

ومع كل وسائل الإكراه، فإن عدد العائلات الموجودة في تدمر حتى الآن لا يتخطى 150 عائلة، معظمها إن لم تكن كلها مكرهة، مع اختلاف الأسباب، وفق ما شددت مصادرنا.

زمان الوصل - خاص
(104)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي