نفذ مرتزقة تابعون لطائفة بشار الأسد ما يمكن اعتباره "مجزرة"، سقط خلالها العشرات من الطائفة المرشدية بين قتيل وجريح، حسب شهادات وصلت إلى "زمان الوصل" حصريا عبر شهود كانوا على تماس بالحادثة ووقائعها.
وكشفت المصادر الخاصة أن بدايات المجزرة، التي عتم عليها النظام وموالوه، تعود إلى يوم الخميس 14 تموز/يوليو الجاري، بينما كان أشخاص من الطائفة المرشدية يعدون للاحتفال بيوم "عيدهم" الأكبر والأوحد، ضمن حي العيادات الشاملة في حمص، الذي يجاور أحياء يقطنها علويون.
وتابعت المصادر: كان الأهالي من الطائفة المرشدية يقومون بجمع ما يستطيعون من مساعدات مالية وعينية لإرسالها إلى الفقراء من الطائفة، استعدادا منهم للاحتفال بما يسمونه "عيد الفرح بالله"، وفي هذه الأثناء وبينما كان المراشدة رجالا ونساء يقومون بجمع المساعدات في جو يشبه الاحتفال، دخل أحد الشبيحة العلويين (من حي وادي الذهب) بينهم، وحاول مغازلة بعض الفتيات والتحرش بهن، فما كان من شباب المراشدة ورجالها إلا أن هجموا على الشبيح وضربوه، فرد عليهم بإلقاء قنبلة صوتية، وفر سريعا بسيارته، وهو يطلق النار صوب من يحاولون الإمساك به، ما أدى لجرح عدد منهم.
وأكدت المصادر أن الاشتباك لم يقف عند هذا الحد بل تفاقم التوتر واتسعت رقعته، مع تجمهر المرشديين مطالبين بالانتقام والثأر، وأثناء ذلك حضرت "دوريات" خليطة من مخابرات النظام وشبيحة النظام لاستطلاع الأمر.
وحسب المصادر المطلعة على وقائع المجزرة، فقد قام المساعد أول من فرع الأمن العسكري "م.ع" (تحتفظ زمان الوصل باسمه الحقيقي) بالطلب من وجهاء المراشدة أن يرافقوه إلى رئيس فرع الأمن العسكري بحمص، فرفض الوجهاء مرافقته وهم بحالة غضب شديد، فما كان من "م.ع" إلى أن شتم "رب" المراشدة، وهو تصرف يعد من أكبر الكبائر التي لاتغتفر في عرفهم.
وواصلت المصادر: ما إن سب مساعد المخابرات العسكرية "رب" المراشدة، حتى ثارت ثائرتهم، وهجموا عليه وعلى المرافقين له، وحصل اشتباك بمختلف الأسلحة (النارية والبيضاء)، فسقط عدد من القتلى في صفوف الأمن والشبيحة، مقابل عشرات من المراشدة بين قتيل وجريح.
*طوق أمني
قدرت المصادر عدد القتلى من المراشدة بما يتراوح بين 15 و20 قتيلا، فضلا عن إصابة ما يناهز 60 شخصا بجروح مختلفة، واستطاعت "زمان الوصل" التعرف على هويات بعض قتلى المراشدة ومنهم 3 أشخاص من عائلة "حلاوة" هم: "أ"، "ع" و"ر"، فضلا عن "ي.ع" الذي لقي مصرع بينما أصيب شقيقه "ق" إصابة بالغة أدت إلى شلله. تحتفظ "زمان الوصل" بالأسماء الحقيقية لجميع هؤلاء الضحايا.
وإثر المذبحة قامت مؤازرات من الأجهزة الأمنية بتطويق حي العيادات الشاملة، وتم إسعاف بعض المصابين إلى مشفى النهضة بحمص، حيث طُوّق أيضا بطوق أمني، وسط حالة من الهيجان والتوتر الطائفي، التي أشعلها شبيح من وادي الذهب.
وامتد التوتر إلى قرية "مريمين"، إحدى معاقل المراشدة في ريف حمص، حيث تم نقل القتلى لدفنهم هناك، كما توقف سائقو الحافلات الصغيرة العاملة على خط القرية يومي الخميس والجمعة، ما أدى إلى إرباك واضح في مركز الانطلاق الرئيس في مدينة مصياف، جعله أشبه بالمغلق.
ولفتت المصادر إلى أن هذا الاحتكاك بين المراشدة والعلويين ربما يكون الأعنف خلال السنوات الأخيرة، لكنه ليس الأول، إذ من المعتاد أن يحصل مثل هذا الاحتكاك كل فترة لاسيما في ظل تصرفات المرتزقة العلويين الاستعلائية والاستفزازية، التي لا يستطيع المرشديون تقبلها أو السكوت عنها.
وختمت مصادرنا مؤكدة أن الاحتقان ما زال مخيما حتى اليوم على حي العيادات الشاملة، معقل المراشدة في مدينة حمص، وعلى قرية مريمين، حيث يتحدر أغلب المراشدة القاطنين في حمص منها، كما إن التوتر يسود حي وادي الذهب حيث يتمركز المرتزقة العلويين، ممن يحاولون إذكاء نار الانتقام والثأرية.
*حطب صراعات
ينتسب "المرشديون" الذين لايوجد شبيه لطائفتهم في كل العالم.. إلى "سليمان المرشد" الذي كان ينتمي للطائفة العلوية، وولد في "جوبة برغال" بريف اللاذقية، وأعدم عام 1946، ليخلفه ابنه "مجيب" الذي أطلق الدعوة المرشدية فعليا وقُتل (غاب حسب المعتقدات المرشدية) عام 1952.
وبعد "مجيب" تولى أمور الطائفة شقيقه "ساجي" حتى عام 1998، حيث توفي، تاركا المرشديين بلا مرجعية، كونه لم "يوص بالإمامة" من بعده.
ويعد المرشديون يوم تولي "مجيب" وإعلانه الدعوة المرشدية (25 آب/أغسطس) يوم "عيد" لهم، يسمونه "الفرح بالله"، وهو يمتد 3 أيام، وليس للمرشديين "عيد" سواه.
ورغم أن حافظ الأسد أوحى للمرشديين، كما أوحى لغيرهم من الأقليات، أنه جاء لـ"رفع الظلم" عنهم وحمايتهم، فقد مارس عبر نظامه العسكري والمخابراتي ظلما بيناً بحق المرشديين، حين زج بهم في أتون صراعاته المختلفة، لاسيما في صراعه مع أخيه رفعت في ثمانينات القرن الفائت، وهو صراع دفع المرشديون خلاله ضريبة باهظة من دمهم، في سبيل الحفاظ على ملك آل الأسد.
وعلى نفس خطى والده، عزف بشار على وتر تخويف المرشديين من الثورة باعتبارها "ثورة وهابية سلفية متشددة"، ستؤدي في حال نجاحها إلى "ذبحهم"، موحيا إليهم أن لا خيار بديل عن دعمه في قمع وقتل أكثرية الشعب السوري، لكن الوقائع على الأرض كانت تكذب بشار ونظامه، وصولا إلى مجزرة العيادات الشاملة التي أثبتت للمراشدة هوية من يريد ذبحهم وإنهاء وجودهم.
إيثار عبد الحق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية