في أحد ملاعب كرة القدم المخصصة للأطفال في مدينة "ميونيخ" الألمانية يمارس الطفل اللاجئ "زين العابدين الصالح" هوايته المحببة كرة القدم التي برع فيها رغم إصابته.
ويحاول الطفل ذو السنوات التسع أن يتناسى مشاهد وأهوال الحرب التي عاشها في مدينة "دير الزور" والحادث الأليم الذي تعرض له مع عائلته وتوفيت على إثره والدته وشقيقته الكبرى، وأصيب هو وبقية أفراد أسرته بكسور لازالوا يعانون منها إلى الآن، وبقي زين يعاني من إصابة ساقه التي لا تساعده على المشي، ولكنه أبى أن يستكين لإصابته ولذكرياته الأليمة فاتجه إلى اللعبة التي عشقها وتألق فيها ليتحول إلى نجم في فريقه.
كانت عائلة "زين" تسكن في حي "الرصافة" بدير الزور وكان والده يعمل موظفاً في "حوض الفرات" وسائقاً لتكسي أجرة يملكها وبتاريخ 3/3/2012 حاصرت قوات النظام الحي، فاضطرت العائلة للنزوح إلى "مو حسن" بريف دير الزور وفي الطريق بين "دير الزور" و"البوكمال" تعرضت العائلة لحادث أليم توفيت على إثره الأم والبنت الكبرى، فيما أصيب الابن الأكبر في ساقه، وكذلك ابنة ثانية بالإضافة إلى "زين" الذي أصيب هو الآخر بقدمه اليسرى، ويروي والد زين" بسام حميدي الصالح" أن أفراد عائلته المصابين تم إسعافهم إلى المشفى حيث أجريت عملية جراحية للابن الأكبر، ثم لجأ مع عائلته بعد ذلك إلى قرية "الطوب" التي تعرضت فيما بعد للقصف من قبل قوات النظام، فأجبروا على النزوح ثانية إلى مخيم "سليمان شاه" في "تل أبيض"، حيث عاشوا سنتين.

ويقول "الصالح" إن أبناءه المصابين خضعوا لجلسات علاج فيزيائي في "تل أبيض" قبل أن يلجؤوا إلى ألمانيا عن طريق الصليب الأحمر.
في ألمانيا تابع "زين" وبقية أشقائه علاجهم وتمكن هو من الالتحاق بفريق "Svu Aßling" لكرة القدم في مقاطعة "ميونيخ"، بعد أن انتهى من علاجه، ولفت والد "زين" إلى أن مدرب ابنه اهتم به عندما لمس لديه مهارات كروية وموهبة في اللعب، وتم اختياره كأفضل لاعب في فريقه الذي حصل على المرتبة الأولى في فرق المدينة فيما نال "زين" خمس ميداليات وكأس مكافأة على تفوقه.
وإلى جانب تفوقه الرياضي أثبت "زين" تفوقاً دراسياً، واستطاع بزمن قياسي أن يتقن الألمانية وجزءاً من اللغة الإنجليزية إضافة إلى لغته العربية الأم -كما يؤكد والده- مضيفاً أن طفله "تعلم اللغة الألمانية من خلال مخالطة الطلاب في المدرسة وفي الملعب إضافة إلى اهتمام الآنسات به، بينما تمكن بمفرده من اتقان 70% من مفردات اللغة الإنكليزية".
ويحلم "زين"، حسب ما ينق والده، أن يصبح ذات يوم لاعباً محترفاً ومشهوراً بكرة القدم على مستوى العالم، ولذلك لا يكف –رغم تبعات إصابته- عن اللعب في المدرسة والملعب والمنزل، وحيثما أتيحت له الفرصة.
ولفت محدثنا إلى أن "زين" مغرم بمتابعة البطولات الأوروبية عن كثب للاطلاع على مستجدات اللعبة، مشيراً إلى أنه تابع يورو 2016 بكامله من خلال القنوات الألمانية، وهو معجب بنادي ريال مدريد والبرتغال، ويحلم أن يكون مثل "رولاندو" أو سميّه "زين الدين زيدان".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية