أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

على مبدأ شراكات رامي مخلوف.. 30 مليونا تنقذ أشهر جراحي حمص من يد "سقراط"

بانوراما لقتلى خربة الحمام، وصورة محمد ياسر المحسن - زمان الوصل

علمت "زمان الوصل" من مصادر مطلعة داخل حمص أن مجموعة من الشبيحة أطلقت سراح أشهر جراحي الأوعية في حمص مقابل فدية مقدارها 30 مليون ليرة، بعد اختطاف دام نحو شهر من اختطافه، تواصلت خلاله أسرة الجراح مع مختلف "الجهات المعنية" دون جدوى.

ونوهت المصادر بأن "فريد ظنطح" جراح الأوعية ومدير مشفى الأمين والذي يعمل أيضا في مشفى الزعيم، هو من الأطباء ذوي الشهرة الواسعة، حيث حصل على ثناء وزارة الصحة مرات عديدة، كما ذاع صيته بين الناس باعتباره طبيبا بارعا، وكل هذا وفر له وضعا ماديا ممتازا للغاية.

*بلا عنب
ويبدو أن ثراء هو الذي جر عليه وبال الأمن والشبيحة، حيث كشفت المصادر -وخلافا للمتداول- أن دورية من المسلحين تعمل بغطاء مخابراتي اقتحمت منزل الطبيب في مدينة حمص (حي الإنشاءات تحديدا)، وقامت باعتقاله أمام أفراد أسرته بالقوة.

واتجهت الدورية بالطبيب من أمام حاجز لمليشيا الدفاع الوطني قريب من منزل المخطوف، ثم مرت من حاجز للأمن العسكري في الإنشاءات ولاحقا من حاجز لأمن الدولة، دون أن يعترض سيارة الدورية أحد.
وتواصل المصادر: أبلغ أهل الطبيب "ظنطح" مديرية الصحة في حمص ووزارة الصحة والمحافظة بما حدث، قبل أن يذهبوا للسؤال عنه في الفروع الأمنية، التي نفت وجود الطبيب لديها، ملمحة إلى أنه قد يكون مخطوفا لدى جهة مجهولة.

صعُب على أهل الطبيب تصديق رواية مخابرات النظام، لاسيما أن خاطفيه أركبوه في سيارة معتمة (فيميه) عليها صورة الأسد وتحمل لوحات أمنية، وقد عبروا به عدة حواجز، دون ممانعة أو توقيف.. لكن الأهل على ما يبدو كان يريدون "سلتهم بلا عنب"، وما يهمهم هو سلامة الطبيب، أكثر من تكذيب الأمن أو محاولة تحديه؛ مما قد يضطرهم لدفع ثمن أفدح من ثمن الخطف.

وتوضح المصادر أن أخبار الدكتور "ظنطح" انقطعت بعد خطفه لمدة أسبوعين تقريبا، لم يكل خلالها ذووه ولم يملوا، حتى قرر الخاطفون لاحقا الاتصال بأهل الطبيب وطلبوا 70 مليون ليرة (نحو 140 ألف دولار)، مقابل إطلاق سراحه، متوعدين بقتل الرهينة في حال عدم تسديد الفدية.

*فوق المساءلة
وهنا ابتدأت مرحلة شاقة من المفاوضات بين أهل الطبيب والخاطفين، كانت فيها مديرية الصحة ووزارة الصحة وباقي الجهات المعنية أشبه بالمتفرج، رغم أن أهل المخطوف تمكنوا من تحديد هوية الجهة الخاطفة ومكانها تقريبا.

فقد تبين لأهل الطبيب أن الخاطفين ينتمون لمجموعة شبيحة تعمل تحت لواء مليشيا "الدفاع الوطني" في ريف حمص الغربي، وقد امتهنت كغيرها من المجموعات أعمال الخطف والقتل و"التعفيش" في حمص وريفها.

وتتخذ المجموعة من قرية خربة الحمام الموالية مقرا لها، وقوامها نحو 200 شبيح طائفي مسلح، يرأسهم شخص معروف بلقب "سقراط"!، وهو من نفس القرية المعروفة بأنها من لون طائفي واحد.

ونظرا لضخامة الفدية التي كانت المجموعة تنتظر الحصول عليها، فقد تولى "سقراط" بنفسه التواصل مع أهل الرهينة، مستخدما مختلف أساليب الضغط والابتزاز، ومنها جعل الطبيب المخطوف نفسه يناشد أهله أن ينقذوه بأي ثمن.

وتؤكد المصادر أن أسرة الطبيب أبلغت الجهات الأمنية ووزير الصحة والمحافظ بهوية الخاطف وبالفدية التي طلبها (70 مليون ليرة)، لكن كل هؤلاء أظهروا عجزهم عن فعل أي شيء، بل كان جواب بعضهم أن "سقراط" ومجموعته قدموا "خدمات كثيرة للوطن والقائد بقتالهم ضد الإرهابيين"، وأنهم "فوق الشبهات"، ناصحين أهل الطبيب بالتواصل مع "سقراط" ومجموعته قبل أن يتهموهم زورا وبهتانا!

لكن أسرة الطبيب قالت إنها متأكدة من هوية الخاطفين، وعندها أسقطت مخابرات النظام ما بقي على وجهها من قناع، وأخبرت الأسرة "بالمشرمحي" أن "سقراط" ومجموعته خارج حدود المساءلة أو المحاسبة، نظرا لما قدموه من "خدمات" للنظام، علما أنهم –أي "سقرط" وشبيحته- يجوسون في حمص بشكل شبه يومي، ممارسين نشاطهم المعتاد.

*شراكة بالثلث
مع استنفاد كل المحاولات، ومع الجواب الصريح الذي سمعوه من مخابرات النظام، أُسقط في يد أهل الطبيب، وعادوا للتفاوض مع الخاطفين، حتى اقتنع "سقراط" وقبل بالـ"تنازل" وتخفيض مبلغ الفدية إلى 30 مليون ليرة (60 ألف دولار).

وتم الاتفاق وقبض "سقراط 30 مليون ليرة، وأطلق سراح الطبيب "فريد ظنطح" يوم الاثنين 18 تموز/يوليو، بعد مرور حوالي شهر على اختطافه.


ويعد فريد "ظنطح" من حملة الاختصاصات النادرة على مستوى سوريا، وهو أول طبيب في كل البلاد يجري عميلة قسطرة يتم نقلها مباشرة على شاشات عرض خارج غرفة العمليات، ليراها أطباء آخرون ويتناقشوا فيها، متبادلين خبراتهم.

وفضلا عن براعته، عرف عن الطبيب "ظنطح" إصراره على البقاء ف سوريا وحمص تحديدا، رغم تردي الأوضاع فيها على مختلف المستويات، لا بل إن الطبيب اشترى قبل فترة جهازا طيبا باهظا ثمنه نحو 200 ألف دولار (نحو 100 مليون ليرة)، وهو ما فتح أعين الشبيحة عليه أكثر، فدخلوا على خط الخطف ليطالبوا بفدية تعادل ثلثي ثمن الجهاز، ثم "يتنازلوا" إلى القبول بمبلغ يعادل ثلث ثمن الجهاز، وكأنهم يقتفون أثر رامي مخلوف وغيره من كابر الشبيحة في مجتمع المال والأعمال، عندما كانوا يفرضون أنفسهم شركاء إجباريين على أي مشروع ضخم، ويسجلون حصصا منها بأسمائهم دون أن يدفعوا قرشا واحدا.

وتعد قرية خربة الحمام التابعة لناحية خربة التين، واحدة من أهم معاقل الشبيحة الطائفيين في الريف الغربي من حمص، وقد انخرط كثير من أبناء القرية في أعمال القتل والنهب والخطف، وسقط منهم عشرات القتلى، كما توضح صورة "نصب تذكاري" أقيم في القرية لهم، وهو يضم أسماء نحو 80 قتيلا، علما أن القتلى من هذه القرية ما يزالون يتساقطون وآخرهم مسلحان سقطا في حلب قبل أيام، يبدو من صورة أحدهما (محمد ياسر المحسن) أنه ما يزال فتى يافعا ولم يدخل بعد سن 18.

زمان الوصل - خاص
(129)    هل أعجبتك المقالة (155)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي