أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التركة "أمل".. "أبو البنات" أيام على وشك النفاد

أحلام وإيمان يساعدان والدهما عزت على الحركة - زمان الوصل

عائلة "العبد" من بلدة "جريجير" في القلمون الغربي ككل العائلات السورية تمنت لو أنها تورث لأبنائها ذهبا ومالا وعقارات، لكن الله قدر لها أن يكون ميراثها لهم مرضاً قاتلاً لا شفاء له ولا طبيب.

"عزت العبد/أبو أحمد -44 عاما"، ليس أول أفراد عائلته الذين يصابون بهذا المرض الوراثي القاتل (باركنسون)، فقد أودى بخاله "رضا العبد" في سن الأربعين، وكان سبباً بموت بنات خاله "يمن العبد" في سن 38 سنة، و"هدية العبد" في سن 45 سنة، ومن قبلهم أمه "ردة العبد" 50 عاماً.

مرض سقف حياته الأعلى كما يقول الأطباء الخبراء بهذا المرض 50 عاما، ويطلق عليه "الشلل الرعاش"، حيث يجد المريض صعوبة بالغة في المشي والكتابة.

تقول الطبيبة "ناهد الحلبي" أخصائية الأمراض العصبية، "تأخذ الأعصاب المتصلبة في وجه المريض شكلا يشبه شكل "القناع"، إضافة للتصلب أو ما يعرف بالتخشب الذي ينجم عنه فقدان الاتزان، إذ يبدأ المريض بجر قدميه، وبتقدم المرض يصبح لديه صعوبة في البلع، واختفاء حركة رمش العينين وبعدها يصل المريض في الحالات المتقدمة من مرضه إلى الموت.

"باركنسون" من الأمراض التي ليس أي علاج حتى اللحظة، كما تقول "الحلبي"، إلا بعض جرعات "الكورتيزون" والحبوب المهدئة التي تعمل عمل المسكنات، من دون أي تأثيرات علاجية.

*بنات أربع.. ورعب مستمر
تداعيات مرض "عزت" تحط بويلاتها مع "تغير مزاجه" على بناته الأربع وأمهم، فرغم حالته الحركية المزرية، إلا أنه كما تقول ابنته الكبرى "أحلام" 15 سنة، قادر على ضربهم بكل ما يقع تحت يديه من أدوات حادة وغيرها، فهو يضربهم بأبريق الشاي أو بالحجارة اذا توفرت، أو بكؤوس الشاي والصحون، وقد يتمدد في الشوارع إذا تمكن من المغادرة بمفرده عندما تكون حالته المزاجية السيئة في أوجها.

أحلام وإيمان وأمل وآلاء بناته الأربع محاصرات بين رعبين كما تقول أمهم "أم أحمد"، رعب من مرض لا يمكن التنبؤ بلحظات هيجانه، ورعب من الفقر الذي يرزحون تحت وطأته، وهم الذين لا معيل لهم ولا سند إلا رب العالمين، كما تقول الأم فلا إخوة لعزت يتدبرون ولا أب ولا أم كذلك.

*عائلة فوق معجزات الأمل
ديون "عزت" تزداد مع اقتراب رحيله عن هذا العالم، كما أفاد جاره صاحب البقالية التي تسدين منها عائلة "عزت"، وأم تقسم أنها ما أكلت اللحم وبناتها طيلة شهر رمضان.

بنات أربع، لازلن قادرات على تأبط ساعدي الأب ومساعدته على المشي قليلا حول المخيم على عضلات قدميه تعود لسالف عهدها بالرغم ما ينتاب قلوبهن من خوف كما تقول بنته الكبرى أحلام.

بنات ربما أصبحن قادرات على تقبل فكرة أن والدهم لم يورث لهم ذات المرض القاتل الذي ورثه عن عائلته.

لكنهن غير قادرات بعد على تقبل فكرة أنهن سيفقدن أباهن ذات يوم يزداد قربا مع كل غروب شمس.

أب رغم كل ما يسبب لهم من رعب وخوف كما تقول "أحلام"، إلا أن أملهن بأن يشفى ويظل بينهن، يفوق كل ما يشعرن به من خوف وحسرة وبؤس.

"أمل" أجمل "تركة" وميراث سيتركها لهن والدهن الراحل عما قريب.

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
(118)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي