عادت قضية الصحفية الأمريكية "ماري كولفين" التي قتلت أثناء قصف قوات النظام للمركّز الإعلامي في حي "بابا عمرو" عام 2012 إلى الواجهة مجدداً من خلال دعوى أقامتها عائلتها ضد نظام الأسد أمام القضاء الأمريكي، متهمة رأس النظام وشقيقه ماهر الأسد، ومسؤولين سوريين آخرين بالمسؤولية المباشرة عن مقتل ابنتهم.
وتأتي الدعوى القضائية بعد بحث استمر على مدار 4 أعوام قام به "مركز العدالة والمحاسبة" الموجود في الولايات المتحدة.
بداية شباط فبراير من عام 2012 شهد حي "بابا عمرو" قصفاً عشوائياً وغير مسبوق بالصواريخ والقذائف، ما دفع بالعديد من الصحفيين الأجانب للتسلل خفية إلى الحي الذي تحول فيما بعد إلى "أسطورة" في الصمود، حسب وصف ناشطين، وكان من بين هؤلاء الصحفية "ماري كولفين" مراسلة صحيفة "نيوريورك تايمز" الأمريكية.
وروى الناشط الإعلامي "خالد أبو صلاح" جوانب وتفاصيل حول مقتل "كولفين" آنذاك، مشيراً إلى أن ناشطي "بابا عمرو"، وبالذات من هم في المركز الإعلامي، كانوا حريصين على إدخال الصحفيين العالميين ليروا على أرض الواقع كيف يقمع نظام الأسد المدنيين ويقتلهم ويرصدوا الواقع بكاميراتهم، ومن بين هؤلاء "ماري كولفين" التي دخلت إلى الحي لمدة 5 أيام آنذاك -كما يوضح محدثنا.
وخرجت مع من خرج منه، ولكنها طلبت الدخول ثانية إلى الحي أثناء الاجتياح الذي استمر حوالي 26 يوماً.
وأشار "أبو صلاح" إلى أن "العديد من المراسلين الأجانب كانوا آنذاك في مركز بابا عمرو ومنهم مراسل (صاندي تايمز) و(BBC) والصحفية الفرنسية "أديت بوفييه" والمصور الفرنسي "ريمي أوشليك"، الذي قتل مع "كولفين".
وكان المركز الإعلامي، حسب وصف "خالد"، أشبه بخلية نحل تضم عدداً من الصحفيين الأجانب والناشطين يأكلون ويشربون وينامون في مكان واحد وينقلون الحقيقة إلى العالم، ما أزعج نظام الأسد، وهو النظام الذي لطالما كان يكمم الأفواه ويماطل في القضايا وينكر مسؤوليته عما يحدث.
وآنذاك قرر هذا النظام أن يستهدف "المركز الإعلامي" بمن فيه بعد قذائف أدت إلى مقتل الصحفية الأمريكية "كولفين" وعدد من الناشطين الإعلاميين وإصابة الصحفية الفرنسية "أديت بوفييه" والمصور "بول كونري" في اللحظة ذاتها.
وروى الناشط أبو صلاح اللحظات الأخيرة في حياة "كولفين" التي قتلت فور استهداف المركز للمرة الثانية خلال ثوانٍ، حيث بقي بعض الناشطين داخل المركز بعد القصف الأول، فيما فرّ آخرون خارجه، أما "كولفين"، فعادت مع ناشطين بعد القصف الأول لإحضار بعض حاجياتها من داخل المركز، فحدث القصف الثاني الذي أدى لمقتلها ومن معها على الفور.
ويتحسر أبو صلاح على فقدان الصحفية "ماري كولفين" التي كانت "كانت في منتهى الشجاعة والبساطة ورهافة الحس -حسب وصفه.
ويروي محدثنا أن الصحفية الفقيدة زارت منزل أهله الذي كان مقابلاً للمركز الإعلامي قبل وفاتها بيوم واحد، فكتبت تقريراً عن والدته وأشقائه الخمس الصغار وأولاد خالته الخمس أيضاً، وكيف يعيشون تحت القصف ويشعرون بالخوف وبماذا يفكرون، وكانت متأثرة وحزينة من أوضاعهم المؤلمة، رغم أنها غطّت الكثير من الحروب ونقلت الكثير من صور المآسي.
وحصلت "كولفين" على العديد من الجوائز الصحفية عن تغطيتها لحروب في الشرق الأوسط وفي آسيا وغيرهما.
وكانت تقيم في بريطانيا حينما فقدت إحدى عينيها أثناء العمل في "سريلانكا" عام 2001. وساهمت في تغطية الحرب على العراق ويوغسلافيا وتيمور الشرقية وسريلانكا والشيشان قبل أن تقضي على يد قوات الأسد في حمص 2012.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية