ازدادت وتيرة التصريحات غير الوطنية لرئيس السلطة محمود عباس ومستشاريه، التي تؤكد وصول الانقلاب الشامل على المبادئ والمعايير الوطنية إلى مرحلة خطيرة جداً، ولا سيما أن هذه التصريحات تترجمها أجهزة أمن عباس- فياض إلى ممارسات قمعية على الأرض، تنفيذاً للأجندة الصهيوأمريكية الرامية إلى اجتثاث المقاومة الفلسطينية.
وقد تصاعدت وتيرة هذه التصريحات وحدتها قبيل الدعوة المصرية للفصائل الفلسطينية بإجراء حوار برعاية مصرية، بهدف إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني. ولم تتوقف تلك التصريحات حتى بعد وصول وفود الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة للتشاور فيما بينها وبين الحكومة المصرية على إجراء حوار وطني شامل. والهدف من تلك التصريحات واضح، وهو تسميم أجواء الحوار وإفشاله، وحرف بوصلة اهتمام الشعب الفلسطيني عن جوهر القضية الفلسطينية، في سياق الانقلاب الشامل على المبادئ والمعايير الوطنية الذي يقوده عباس وفريقه بتوجيهات صهيوأمريكية.
وتتراوح تلك التصريحات الخطيرة بين اتهام حركة حماس بالانقلاب على الشرعية وبين نعت المقاومة بالعبثية، وتحقيرها، والتشكيك في جدواها، ووصفها بالأكذوبة، كما جاء على لسان وزير الحكومة غير الشرعية أشرف العجرمي، الذي قال: "المقاومة المسلحة أكذوبة كبيرة،" ولكن مثل هذه التصريحات الشاذة ليست غريبة على حكومة تستمد شرعيتها (الباطلة) من الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية، وأخذت على عاتقها ما وصفه العجرمي: "إعادة الاعتبار للكفاح السلمي الشعبي الدبلوماسي." وهو يقصد بذلك المفاوضات العبثية، المتزامنة مع الحرب ضد المقاومة الفلسطينية، التي تشنها أجهزة عباس-فياض وجيش الاحتلال الصهيوني، في سياق التعاون الأمني بين الطرفين بإشراف وتوجيهات أمريكية.
كما تضمنت تلك التصريحات وصف غزة بالإمارة الظلامية، والتهديد بإعلان غزة إقليماً متمرداً، والادعاء كذباً أن أفراداً من تنظيم القاعدة قد وصلوا إليها. وكل ذلك لاستعداء العالم ضد غزة وحركة حماس والحكومة الشرعية التي تقودها، وتبرير الحصار الظالم المفروض علي غزة، والتغطية على أية عمليات حربية عدوانية ينوي الصهاينة القيام بها ضد غزة. كما تضمنت تلك التصريحات دعوة صريحة لمحاكمة حركة حماس دولياً، والتهديد باستعادة سيطرة حركة فتح على غزة إما عبر صندوق الاقتراع أو عبر صندوق الذخيرة، كما جاء على لسان أحمد حلس، منكراً أن حركة حماس قد وصلت إلى الحكم والسلطة عبر صناديق الاقتراع وبطريقة نزيهة، بعيداً عن الفوضى والهمجية والانفلات الأمني، الذي مارسته حركة فتح للانقلاب على شرعية حركة حماس وإفشالها وإلغاء نتائج العملية الديمقراطية.
ويتعامى أحمد حلس وأمثاله، بتصريحاته غير المسئولة وغير الوطنية، عن حقيقة أن نهج عباس وجماعته وحزبه، وخيارهم الوحيد لحل القضية الفلسطينية، الذي يقتصر على مفاوضات عبثية لا نهاية لها، قد فشل فشلاً ذريعاً بكل المقاييس والمعايير الوطنية، فكيف يسقط هؤلاء الانقلابيون حق شعبنا في مقاومة الاحتلال، بينما يدعون إلى استخدام القوة والعنف والفلتان ضد غزة وحركة حماس!! إنه انقلاب شامل في المبادئ والمعايير الوطنية، إذ أصبح الهم الشاغل للانقلابيين هو القضاء على حركة حماس وتحرير غزة!!
إن هذه التصريحات تؤكد أن عباس قد أصبح قائداً لانقلاب شامل على الشرعية الفلسطينية، وعلى ثقافة المقاومة والممانعة ضد الاحتلال، وعلى الوحدة الوطنية، وعلى خيار الشعب، وعلى قيمنا ومبادئنا ومعاييرنا الوطنية والقومية والدينية. وأصبحت حكومة فياض غير الشرعية تكافئ آلاف الموظفين العسكريين والمدنيين الحكوميين على إضرابهم وجلوسهم في بيوتهم دون أي عمل يقدمونه للشعب الفلسطيني ولقضيته. وأصبح هؤلاء الموظفون القاعدون ينتظرون بتلهف شديد اليوم الذي يتخلصون فيه من حركة حماس، أما فلسطين ومقاومة الاحتلال وخدمة شعبنا، فلا شأن لهم بذلك، فقد تمكنت حكومة فياض غير الشرعية من قلب المبادئ والمعايير الوطنية لدى هؤلاء المخدوعين، فانحرفت بوصلة الوطنية عندهم مئة وثمانين درجة، إلى حد اقتراف عدد منهم جرائم دموية ضد رجال المقاومة والمدنيين في غزة!!
إن هدف قادة الانقلاب هو تحويل القضية الفلسطينية من قضية صراع وجود مع العدو الصهيوني إلى قضية صراع داخلي، بين فريق يرى أن غزة هي العدو اللدود لطموحه الحزبي ولولائه لأعداء الشعب الفلسطيني وحلفائهم، ويسعى للسيطرة عليها بالقوة، ويستقوي بالصهاينة والأمريكيين وحلفائهم وعملائهم على حركة حماس، وبين فريق يؤمن بحق شعبنا في مقاومة الاحتلال، ويرفض التنازل عن الثوابت والحقوق. وفي هذا السياق، يسعى الانقلابيون لاعتبار غزة كياناً خارجاً عن القانون، وإظهار أن المشكلة الوحيدة التي تواجه الشعب الفلسطيني هي إعادة إخضاع غزة لسيطرة حركة فتح.
كما يهدف قادة ذلك الانقلاب إلى تفعيل الانقسام الداخلي، وإفشال محاولات إنهائه، والاشتراط على حماس بالموافقة على المبادرة المصرية للمصالحة بين حركتي حماس وفتح قبل التحاور بشأنها، كما صرح بذلك النائب عزام الأحمد. كما يهدف إلى تبرئة الاحتلال من جرائمه والتماس الأعذار له، عبر تحميل المقاومة، وليس الاحتلال، مسؤولية المعاناة القاسية التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، كما قال قائد الأمن الوطني في الضفة المحتلة اللواء دياب العلي: "إن المقاومة جلبت الويلات والمصائب للشعب الفلسطيني." مدعياً كذباً بأنه لا فرق بين حركة حماس والكيان الصهيوني في قتل الفلسطينيين!!
ولا شك أن مثل هذه الممارسات والمواقف غير الوطنية تهدف إلى دفع العرب والمسلمين إلى تكوين صورة سلبية عن المقاومة الفلسطينية، عبر تشويه صورتها، والتشكيك في جدواها، والطعن في أهدافها، ودفع أبناء الشعب الفلسطيني إلى التخلي عن مواقفهم الإيجابية تجاهها، وإدخال اليأس إلى قلوب داعميها.
12/10/2008
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية