ستة أشهر فقط هي المدة التي أمضتها الطالبة اللاجئة "ليلاس الزعيم" 19 سنة في تعلم اللغة النرويجية واجتياز المرحلة الثانوية بامتياز فيما بعد محققة العلامات التامة في المرحلة الثانوية بالفرع العلمي وبمعدل 60.4 للمجموع العام وهو أعلى بنقطة عن المعدل المطلوب للدخول إلى كلية الطب في "النرويج" السنة الماضية.
لجأت "ليلاس" مع والديها وإخوتها إلى النرويج في العام 2012 لتعيش في مدينة "هاويغسوند"، وبعد عام ونصف تمكنت عائلتها من الحصول على الإقامة في "النرويج" وانتقلوا الى مدينة "ستافانغر"، وهناك بدأت ليلاس تعليمها في مدرسة "St. Svithun videregående skole".
تكشف "ليلاس" لـ"زمان الوصل" حلمها بدراسة الطب وإن كان بعض معارفها وأصدقائها ظنوا في البداية أن هذا الحلم بعيد المنال أو شبه مستحيل نظراً لظروف اللجوء وعوائق اللغة والاندماج، ولكنها –كما تؤكد- قررت أن تحقق حلمها وتحذف كلمة مستحيل من قاموس حياتها اليومي.
وروت الطالبة المتفوقة كيف تمكنت من إتقان اللغة النرويجية بالجهد والمثابرة رغم صعوبة هذه اللغة واختلافها الكبير عن اللغتين العربية والإنجليزية، وبعد إتقانها للغة النرويجية تقدمت إلى مدرسة "St.
svithun"، ووضعت نصب عينيها –كما تقول- اجتياز الدراسة الثانوية التي تبدأ في "النروج" من الصف الحادي عشر وحتى الصف الثالث عشر، وهذه السنوات هي التي تحدد الى أي جامعة سينتسب الطالب، والمجموع العام لهذه السنوات الثلاث هو الذي يخول الطالب دخول الفرع المناسب في الدراسة الجامعية.
لا تنكر "ليلاس" أن أول بدايتها الدراسية كانت دائمة الشرود وقلة الاستيعاب، حيث كانت تشعر وكأنها في عالم آخر غير ما اعتادت عليه –كما تقول- ولكن مع مرور العام الثاني بدأ الطلاب يستشيرونها في حل بعض المسائل الدراسية وخصوصاً أن هناك بعض المواد صعبة وليس من السهولة تحقيق علامات تامة فيها ومنها كما تشير مادة "عالم الأحياء" التي تعشقها وحققت فيها العلامات التامة.
في المدرسة اصطدمت "ليلاس" أيضاً بعائق جديد وهو اللهجات التي بدت مختلفة عن اللغة النرويجية، وكانت تجد صعوبة فيما يقوله الأستاذ أحياناً، وكشفت الشابة المتفوقة أنها كثيراً ما كانت تبكي وترى أنه من المستحيل مجاراة طلاب صفها في الدراسة، وفيما بعد بدأت تترجم ما تأخذه من معلومات ترجمة حرفية لتتمكن من فهم المعنى والوصول إلى مبتغاها في التفوق الدراسي وإعطاء صورة مشرقة عن أبناء بلدها للنرويجيين الذين لا يعرفون شيئاً عنهم.
وأشارت "ليلاس" إلى أن حلمها أن تدرس الطب لتساعد الناس ولأنها بالدرجة الأولى تحب العمل في هذا المجال وتحلم أن تصبح طبيبة مستقبلاً لأن بلدها في المستقبل يحتاج إلى أطباء، متمنية أن تصبح الأمور أفضل وتنتهي الحرب.
ولفتت إلى أن الأوضاع إذا استمرت على ما هي عليه في سوريا، لا سمح الله، فهي تفكر في النزول إلى سوريا ومساعدة أبناء بلدها بعد التخرج من كلية الطب.
وأوضحت طبيبة المستقبل أن "النجاح هو حصيلة الإرادة والإرادة تصنع المستحيل"، مشيرة إلى أن "الكثير من الناس قالوا لها بأنها لن تحقق ما ترنو إليه في دراسة الطب لأن هناك الكثير من الطلاب النرويجيين يضطرون لدراسته في الخارج لعدم توفر فرص للدراسة في بلادهم التي تمتاز بالمساواة والعدالة، وهذا يخلق حالة من الاطمئنان بأن المجهود والمثابرة هما من يوصلان الطلاب إلى ما يريدونه بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو بلده.
وتهدي "ليلاس" نجاحها وفرحتها -كما تقول- لكل الطلاب السوريين الذين كان من الممكن أن يحققوا نجاحاً أكبر مما حققت لو أن الفرص والظروف سمحت لهم، متمنية أن تكون مصدر تحفيز للشباب اللاجئين والقادمين الجدد على الجد والاجتهاد لتحقيق ذواتهم في مجتمعات اللجوء سواء في النروج أو أي بلد آخر ".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية