أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل وضع "سيرجي شويغو" مع الأسد اللمسات الأخيرة للمجلس العسكري المشترك؟

الأسد وسيرجي شويغو - وكالات

انشغلت الأوساط المعارضة السورية عقب زيارة وزير الدفاع الروسي "سيرجي شويغو" بالنيل من هيبة الأسد، المتهاوي أصلا، ووصفه بعديم السيادة والكرامة وبالتلميذ الذي يجلس أمام معلمه، ونسيت ما هو أكبر من هذه المفردات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

وضاعت على المتابع فرصة استخلاص مضامين هذه الزيارة وانعكاساتها على يوميات الشعب الذي يترقب مع كل صباح نهاية الحرب المدمرة.

فهل كان الهدف من زيارة سيرغي شويغو، تحقير الأسد فقط وإظهاره على أنه المطيع للأوامر الروسية!؟.

ما هي طبيعة العلاقة بين الزيارة ومجريات الأرض وتقدم المعارضة في الريف الشمالي من حلب وتراجع النفوذ الإيراني؟، وما هي الأجواء الإقليمية المحيطة بهذه الزيارة (تركيا – قطر- السعودية)، هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من الأزمة السورية في ظل تحذيرات روسية من أن سوريا ستنتهي مالم تنتهِ هذه الحرب؟.

لا بد من التسليم أولا أن روسيا باتت الدولة الأولى اليوم التي تتحكم بمستويات الأزمة السورية، وسط موافقة أمريكية ضمنية على الدور الذي تؤديه، وحتى المعارضة السورية سواء كانت هيئة التفاوض أو الائتلاف الوطني لا مانع لديهم من دور روسي يفضي في نهاية المسار إلى وقف الحرب، إذا الحل يميل إلى الكفة الروسية أكثر من أي كفة أخرى.

في المعنى الشكلي للزيارة، فإن المرحلة السورية مقبلة على نظام عسكري يحكم البلاد بلا شك، وقد أكدت هذا الاتجاه الزيارة الأولى من نوعها لوزير الدفاع الروسي ولقائه الأسد، ولن يكون هناك أفضل من وزير الدفاع الروسي لهندسة هذه المرحلة.

طرح المجلس العسكري المشترك لقيادة المرحلة الانتقالية كان قد تم تداوله في العام 2013 وكانت الدولة المقترحة لاستضافة هذا المجلس الجزائر، لكن الصراع الإقليمي في سورية أخذ الأزمة إلى مسالك أخرى.

*إيران والمناخ الإقليمي
اليوم على ما يبدو الروس، من خلال المناخ الإقليمي الداعم لأي مقترح ينهي الأزمة من دون هيمنة الأسد قد يمضون في تشكيل هذا المجلس بين ضباط من النظام ومن المعارضة غير التقليدية، وربما سنسمع عن شخصيات جديدة في هذا الإطار من كلا الأطراف، على أن يكون هؤلاء يحملون بطاقات مرور دولية.

وهذا الحل تزامن مع غزل تركي روسي في الآونة الأخيرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السعودية التي لا تعارض إنشاء هذا المجلس المشترك.

هذا السيناريو، كان له مفاعيل على الأرض، ففي الشهر الماضي سربت مصادر إيرانية أن الطائرات الروسية استهدفت ميليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني في معركة "خان طومان"، بينما الأسبوع الماضي لم يغطِّ الطيران الروسي معركة "خلصة" وتفاقمت خسائر حزب الله وإيران في ريف حلب الجنوبي، واكتفى الطيران الروسي بإدلب وتجميع كل القوى الإسلامية وفق خطوط الطيران التي ترسمها روسيا والتي تريدها في المرحلة المقبلة. ليكون رسم الخارطة على الأرض منسجما مع مهام المجلس العسكري المشترك وإبعاد القوى الإسلامية إلى أبعد مدى عن التأثير المبالغ فيه من وجهة النظر الروسية. ومن خلال ما يجري في ريف حلب وتوتر العلاقة بين حزب الله وقوات الأسد لا يجب أن يمر مرور الكرام، ذلك أن أجندة إيران وحزب الله ليست تماما أجندة الأسد، ولا نستبعد تعميق الهوة بين إيران وروسيا، خصوصا وأن زيارة "سيرجي شويغو" جاءت بعد أسبوع فقط من الاجتماع المشترك بين القيادات العسكرية الإيرانية والسورية والروسية في طهران، لكن في ذات الوقت، فإن زيارة "شويغو" إلى سوريا تعني أن اجتماع طهران ليس على ما يرام.

*المعارضة السورية
ليس سرا أو مسبة القول إن المعارضة السورية بكافة أطيافها خرجت من معادلة الصراع السوري، وليس المعارضة فحسب بل النظام كذلك، وبات الطرفان مستقبلين لأي حل دولي من شأنه إيقاف رحى الحرب، وليس مستبعدا أن يكون اللقاء الأخير بين هيئة التنسيق والائتلاف الذي جرى في بروكسل يأتي في إطار هذه المرحلة، خصوصا وان الطرفان اتفقا على تشكيل ورش عمل تلتقي في الشهر المقبل.

وهي في كل الأحوال ليست الطرف الذي يمكن انتظار موافقته على أي حل، فإذا قررت روسيا المضي في المجلس العسكري المشترك سيكون للمسار السياسي عبر البوابة الأوروبية أو الأمريكية ترتيب مشابه، لا يخرج عن التصور الروسي.

*موافقة إسرائيلية
للمرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، يطغى "التنسيق الإسرائيلي الروسي" على "التنسيق الإسرائيلي الأمريكي"، فروسيا اليوم جار "إسرائيل" في سوريا وليس أمريكا، في 19/9 / 2015 زار بنيامين نتنياهو روسيا والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد هذا اللقاء بأقل من ثلاثة أسابيع فاجأت روسيا العالم بالتدخل العسكري المباشر في سوريا، لتختلط الأوراق الدولية والإقليمية، كان الأمر واضحا، أن هذا التدخل يمثل خدمة للمصالح الإسرائيلية، في ظل وجود منظومة الصواريخ إس 400 ، وفي الأسبوع الأول من الشهر الجاري جدد نتنياهو زيارته إلى "إسرائيل"، لتكون النتيجة بعد ذلك بأسبوعين زيارة وزير الدفاع الروسي إلى سوريا، إذا "إسرائيل" هي "مربط الفرس" في الأزمة السورية، ففي كل تحرك حقيقي وجدي تجد أصداءه في سوريا.

وبحسب ما يردد المحللون الإسرائيليون، فإن الأزمة السورية اقتربت من الحل بطريقة ما، ولا بد من وقف هذه الحرب، كي لا تدخل الدولة في مرحلة الانهيار الأمني الكامل، الأمر المقلق لإسرائيل خصوصا على الحدود مع الجولان التي ضمنها الأسد وبوتين إلى الأبد لـ"إسرائيل".

ولا يمكن تجاهل وجهة النظر الإسرائيلية حيال سوريا فهي برج مراقبة جيد.

بكل الأحوال، هذه المرة لن يطول الانتظار لرؤية مفاعيل هذه الزيارة المفصلية لوزير الدفاع الروسي إلى سوريا، وربما تفجر روسيا المفاجأة بتشكيل هذا المجلس قبل نهاية إدارة أوباما كي تقدم له تسوية جاهزة تحتاج فقط إلى "تبصيم" أوباما، أما الدول الإقليمية فهي مستعدة لأي مبادرة من هذا النوع، فالأزمة السورية أكلت الأخضر واليابس.

عبدالله الغضوي - زمان الوصل
(125)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي