اللجنة الدولية للصليب الأحمر يستمد هذان الفرعان من القانون الدولي الإنساني أسميهما من المدينتين اللتين دونا فيهما في بادئ الأمر .
أسسها في عام 1863 خمسة مواطنين سويسريين ( هنري دونان , وغيوم هنري دوفور , وغوستاف موانييه , ولوي أبيا , وتيودور مونوار ) هي العضو المؤسس للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر .
وهي :
- مؤسسة إنسانية غير متحيزة , ومحايدة , ومستقلة .
- ولدت في خضم الحرب منذ أكثر من 130 عاماً .
- تتميز بطابع فريد يميزها عن أية منظمة أخرى .
- تتولى مهمتها بتفويض من المجتمع الدولي .
- تعمل كوسيط محايد بين الأطراف المحاربة .
- تسعى بوصفها مؤسس القانون الدولي الإنساني وحارساً له , إلى تأمين الحماية والمساعدة لضحايا النزاعات المسلحة , والاضطرابات الداخلية وغيرها من حالات العنف الداخلي .
تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نحو 80 بلداً , ويعمل بها نحو 11000 موظف ( نهاية 2003)
اللجنة الدولية والحركة
تشكل اللجنة الدولية للصليب الأحمر , مع الجمعيات الوطنية للصليب الاحمر والهلال الأحمر ,والأتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ( الأتحاد ) , العناصر الثلاثة التي تتكون منها الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ( الحركة ) .
يجتمع ممثلو هذه المنظمات كل أربع سنوات مع ممثلي الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في مؤتمر دولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر .
أساس عمل اللجنة الدولية
تؤسس اللجنة الدولية عملها أثناء النزاعات المسلحة الدولية على اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 , وتقرر هذه المعاهدات حق اللجنة في القيام بأنشطة معينة مثل إغاثة الأفراد العسكريين الجرحى أو المرضى أو الغرقى , وزيارة أسرى الحرب ,ومساعدة المدنيين , وبصفة عامة تأمين معاملة من يحميهم القانون الدولي الإنساني وفقاً لأحكام هذا القانون.
ويقوم عمل اللجنة الدولية أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية على المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني .
وتعترف المادة الثالثة المشتركة أيضاً بحق اللجنة الدولية في عرض خدماتها على الأطراف المحاربة بغية القيام بأعمال الإغاثة وزيارة الأشخاص المحتجزين لأسباب تتصل بالنزاع .
في حالات العنف التي لاتصل إلى مستوى النزاع المسلح ( الاضطرابات الداخلية وغيرها من أوضاع العنف الداخلي ) يرتكز عمل اللجنة الدولية على المادة 5 من النظام الأساسي للحركة , التي تقرر من جملة أمور حق اللجنة في المبادرة الإنسانية .ويمكن للجنة أن تستخدم هذا الحق أيضاً أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية .
ما هو القانون الدولي الإنساني
يشكل القانون الدولي الإنساني قسماَ رئيسياً من القانون الدولي العام .
ويضم القواعد التي تهدف في أوقات النزاع المسلح إلى حماية الأشخاص غير المشاركين , أو الذين كفوا عن المشاركة , في الأعمال العدائية وإلى تقييد أساليب ووسائل الحرب المستخدمة .
جنيف ولاهاي :
يضم القانون الدولي الإنساني , المعروف أيضاً باسم "قانون النزاعات المسلحة" أو "قانون الحرب" فرعين :
ومع اعتماد البروتوكولين الإضافيين لعام 1977اللذين يجمعان بين كلا الفرعين لم يعد لهذا التمييز الآن سوى قيمة تاريخية وتعليمية .
من يحارب من ؟
يعني النزاع المسلح الدولي قتالا ينشب بين القوات المسلحة لدولتين على الأقل ( جدير بالملاحظة أن حروب التحرير الوطني صنفت كنزاعات مسلحة دولية ) .
ويعني النزاع المسلح غير الدولي قتالاً ينشب داخل إقليم دولة بين القوات المسلحة النظامية وجماعات مسلحة يمكن التعرف على هويتها , أو بين جماعات مسلحة تتصارع فيما بينها . ولكي يعتبر القتال نزاعاً مسلحاً غير دولي يتعين أن يبلغ مستوى كثافة معين وأن يمتد لفترة ما .
أما الاضطرابات الداخلية فهي تتسم بتمزق خطير للنظام الداخلي نتيجة أعمال عنف لا تمثل مع ذلك نزاعاً مسلحاً ( أعمال الشغب , والصراعات بين الفصائل , أو ضد السلطات مثلاً )
غروتيوس وقانون الأمم :
( غروتيوس , هوغو دي غروت ) 1583-1645( فقيه ودبلوماسي هولندي كان له أثر كبير على نظرية القانون والدولة بصفة عامة وعلى نظرية القانون الدولي بصفة خاصة ).
يرادف "قانون الأمم" في الاستعمال الشائع مصطلح "القانون الدولي العام" أو "القانون الدولي"
وهو جملة القواعد التي تنظم العلاقات فيما بين الدول وبينها وبين سائر أعضاء المجتمع الدولي .
وكان الفقيه والدبلوماسي غروتيوس أباً لقانون الأمم .ففي أعقاب حركة الإصلاح التي أدت إلى انقسام الكنيسة المسيحية في أوربا , رأى غروتيوس أن القانون لم يعد تعبيراً عن العدل الإلهي , ولكنه ثمرة للعقل البشري وأنه لم يعد يسبق الأفعال بل ينبع منها . من هنا رأى الحاجة إلى إيجاد مبدأ رابط آخر للعلاقات الدولية , وهذا المبدأ يتمثل في قانون الأمم وقد أورد غروتيوس في كتابه "قانون الحرب والسلام" قواعد تعد من أرسخ دعائم قانون الحرب .
المصطلحات :
"القانون الدولي الإنساني" و "قانون النزاعات المسلحة" و "قانون الحرب" مترادفة في المعنى .
فالمنظمات الدولية والجامعات وحتى الدول تميل إلى استخدام تعبير "القانون الدولي الإنساني" أو
"القانون الإنساني" بينما يشيع استخدام المصطلحين الآخرين في القوات المسلحة .
القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني
يجب على أطراف النزاع أن تميز في جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين في سبيل صون السكان المدنيين والممتلكات المدنية . ويجب أن يقتصر توجيه الهجمات إلى الأهداف العسكرية .والأشخاص الذين لا يشاركون أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية مؤهلون لاحترام أرواحهم وسلامتهم البدنية والعقلية.
ولا بد من حماية هؤلاء الأشخاص ومعاملتهم بإنسانية في جميع الأحوال , دون أي تميز مجحف مهما كان .
ويحظر قتل أو إصابة عدو يستسلم أو يصبح عاجزا عن المشاركة في القتال .
ويجب جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم من قبل طرف النزاع الذي يوجدون تحت سلطته . كما يجب صون أفراد الخدمات الطبية والمنشآت ووسائط النقل والمعدات الطبية .
وشارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر على أرضية بيضاء هي الشارة المميزة التي تشير إلى وجوب احترام من يحملها من أشخاص أو أشياء .
ويكون المقاتلون المقبوض عليهم والمدنيون الذين يقعون تحت سلطة الطرف الخصم مؤهلين لاحترام أرواحهم . وكرامتهم . وحقوقهم الشخصية . ومعتقداتهم السياسية والدينية ومعتقداتهم الأخرى . ويجب حمايتهم ضد جميع أعمال العنف أو الإنتقام . وهم مؤهلين لتبادل الأخبار مع أسرهم ولتلقي المعونة . ويجب أن يتمتعوا بالضمانات القضائية الأساسية .
ما هي أصول القانون الدولي الإنساني ؟
للإجابة , لابد من طرح أسئلة أخرى .
ما هو القانون الذي كان ينظم النزاعات المسلحة
قبل ظهور القانون الدولي الإنساني المعاصر؟
كانت هناك قواعد غير مكتوبة قائمة على الأعراف التي كانت تنظم النزاعات المسلحة .ثم ظهرت بالتدريج معاهدات ثنائية ( لتبادل الأسرى ) بدرجات مختلفة من التفصيل , كما كانت هناك أيضا لوائح تصدرها الدول لقواتها .
هكذا , كان القانون الساري حينذاك على النزاعات المسلحة محدوداً سواء من حيث الزمان أو المكان بمعنى انه كان يسري على معركة واحدة أو نزاع بعينه . كذلك كانت هذه القواعد تختلف باختلاف الزمان والمكان والمعنويات والحضارة .
من هم رواد القانون الدولي الإنساني المعاصر ؟
شخصان كان لهما دور بارز في نشأة القانون الانساني , هما ( هنري دونان ) و ( غيوم - هنري دوفور )
فقد طرح (دونان) الفكرة في كتابه "تذكار سولفرينو" الذي نشر في عام 1862 وبادر الجنرال دوفور صاحب الحنكة والخبرة الطويلة بالحرب , الى تقديم دعمه المعنوي القوي لدونان . وتمثل ذلك بصفة عامة خاصة في رئاسته للمؤتمر الدبلوماسي لعام 1864 .
كيف تحولت الفكرة إلى واقع ؟
قامت الحكومة السويسرية , بدافع من الاعضاء الخمسة المؤسسين للجنة الدولية للصليب الأحمر . بعقد المؤتمر الدبلوماسي لعام 1864 الذي حضرته 16 دولة اعتمدت "اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى الجيوش في الميدان"
ما هو الجديد الذي أضافته تلك الاتفاقية ؟
أرست اتفاقية جنيف لعام 1864 أسس القانون الإنساني المعاصر . وكان من أهم ما اتسمت به :
قواعد مكتوبة دائمة ذات نطاق عالمي لحماية ضحايا النزاعات
طابعها المتعدد الأطراف , المفتوح أمام جميع الدول
الالتزام بتقديم الرعاية دون تمييز للجرحي والمرضى العسكريين
احترام أفراد الخدمات الطبية ووسائط النقل والمعدات الطبية ووسمها بشارة مميزة ( صليب أحمر على أرضية بيضاء )
القانون الإنساني قبل تدوينه
نخطئ إذا زعمنا أن تأسيس الصليب الأحمر في عام 1863 , أو اعتماد اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864 , كان نقطة بداية القانون الدولي الانساني كما نعرفه اليوم . فكما لايوجد مجتمع أياً كان نوعه بدون قواعد خاصة به , لم توجد قط حرب بدون قواعد .
"إن ممارسات الحرب لدى الشعوب البدائية تظهر في مجملها أنواعاً شتى من القواعد الدولية للحرب المعروفة في الوقت الحاضر , قواعد للتمييز بين أنواع الأعداء , وقواعد تحدد ظروف الحرب وشكلياتها وسلطة بدئها وإنهائها , وقواعد تصف حدود المشاركين فيها ووقت ومكان وأساليب شنها , بل وقواعد تحرم الحرب برمتها" ( كوينسي رايت )
وقد سنت الحضارات الكبرى , قبل عصرنا بآلاف السنين , القوانين الأولى للحرب "إنني أسن هذه القوانين كي امنع القوي من الجور على الضعيف " حامورابي ملك بابل
ويتضمن الكثير من النصوص القديمة , ومنها المهابهاراته والكتاب المقدس والقرآن الكريم , قواعد معينة تدعوا إلى احترام الخصم .
على سبيل المثال , يتضمن كتاب "الوقاية" الذي كتب قبل نهاية القرن الثالث عشر في ذروة الحكم العربي للأندلس , مدونة حقيقية لقواعد الحرب .
وعلى ذلك كانت اتفاقية عام 1864 بمثابة تدوين وتعزيز للقوانين والأعراف القديمة , التي كانت تنظم الحرب وتحمي الجرحى والأشخاص الذين يقومون برعايتهم , في شكل معاهدة متعددة الأطراف .
المعاهدات التي تشكل القانون الدولي الإنساني
تطور القانون الدولي الإنساني المعاصر الذي بدأ في شكل اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864 في مراحل كانت الحاجة ماسة إلى تلبية المساعدات الإنسانية , ناشئة عن التطورات في الأسلحة وفي أنواع النزاعات .
أهم المعاهدات مرتبة حسب تواريخ اعتمادها :
1864اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى من الجيوش في الميدان .
1868إعلان سان بطرسبرغ ( لتحريم استخدام قذائف معينة في وقت الحرب ) .
1899اتفاقيات لاهاي بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية , وتطويع مبادئ اتفاقية جنيف لعام 1864
لتشمل الحرب البحرية .
1906 مراجعة وتطوير اتفاقية جنيف لعام 1864 .
1907 مراجعة اتفاقيات لاهاي لعام 1899 واعتماد اتفاقيات جديدة .
1925 بروتوكول جنيف لحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات في الحرب وتحريم أساليب الحرب البكتريولوجية .
1929اتفاقيتا جنيف :
- مراجعة وتطوير اتفاقية جنيف لعام 1906 .
- اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب ( جديدة) .
1949اتفاقيات جنيف الأربع :
- الأولى : تحسين حال الجرحي والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان .
- الثانية : تحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار .
- الثالثة : معاملة أسرى الحرب .
- الرابعة : حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ( جديدة ) .
1954اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح .
1972اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية ( البيولوجية) والسامة ,
وتدمير تلك الأسلحة .
1977 البروتوكولان الإضافيان إلى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 , اللذان يعززان حماية ضحايا
النزاعات المسلحة الدولية ( البروتوكول الأول ). وغير الدولية ( البروتوكول الثاني ) .
1980اتفاقية حظر أو تقييد استخدام أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر :
- البروتوكول ( الأول ) بشأن الشظايا التي لايمكن كشفها .
- البروتوكول ( الثاني ) بشأن حظر أو تقييد استخدام الألغام والشراك الخداعية والنبائط الأخرى .
- البروتوكول ( الثالث ) بشأن حظر أو تقييد استخدام الأسلحة الحارقة .
1993 اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيماوية وتدمير تلك الأسلحة .
1995بروتوكول بشأن أسلحة الليزر المسببة للعمى ( البروتوكول الرابع / جديد /
لاتفاقية1980) .
1996 بروتوكول معدل بشأن حظر أو تقييد استخدام الألغام والشراك الخداعية والنبائط الأخرى ( البروتوكول الثاني / المعدل / لاتفاقية 1980 ) .
1997اتفاقية حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الأسلحة .
1998 نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
1999بروتوكول لاتفاقية 1954 بشأن الممتلكات الثقافية .
2001تعديل للمادة الأولى من اتفاقية الأسلحة التقليدية لعام 1980 .
تحريم الحرب
لم يكن اللجوء إلى القوة المسلحة يعتبر حتى نهاية الحرب العالمية الأولى , عملاً غير مشروع , حيث كان ينظر إليه كوسيلة مقبولة لتسوية الخلافات .
وقد حاول ميثاق عصبة الأمم في عام 1919 ثم معاهدة باريس ( ميثاق بريان - كيلوغ ) في عام 1928 تحريم الحرب . وجاء ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945 ليؤكد هذا الاتجاه "يمتنع أعضاء المنظمة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ..."
على أن ميثاق الأمم المتحدة يعترف بحق الدول , فرادى أو جماعات , "في الدفاع عن النفس لدى تعرض دولة أو مجموعة من الدول للهجوم من جانب دولة أخرى أو مجموعة من الدول ويجوز عندئذ لمجلس الأمن أن يقرر , استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة , اللجوء إلى استخدام القوة الجماعية عن طريق :
- تدابير قسرية - تستهدف استعادة السلام- ضد الدولة التي تهدد الأمن الدولي .
- تدابير لحفظ السلم تتمثل في إرسال قوات للمراقبة أو قوات لحفظ السلام .
وتنشأ مرحلة أخرى في إطار حق الشعوب في تقرير المصير : ففي القرار 2105(xx) المعتمد في عام 1965 "تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية الكفاح الذي تخوضه الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية لممارسة حقها في تقرير المصير والاستقلال .."
كيف يحاكم مجرمو الحرب بموجب القانون الدولي الإنساني ؟
تلتزم الدول حين تصبح أطرافاً في اتفاقيات جنيف بأن تتخذ التدابير التشريعية اللازمة لمعاقبة الأشخاص الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة للاتفاقيات . كما يقع على الدول واجب ملاحقة أي شخص متهم بارتكاب انتهاك جسيم للاتفاقيات ومحاكمته أمام محاكمها أو تسليمه لدولة أخرى لمحاكمته فيها .
بتعبير أخر , فإن محاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة , أي مجرمي الحرب , تعد أمراً واجباً في جميع الأوقات وفي أي مكان , وهذا الواجب يقع على عاتق الدول .
وبوجه عام , لا تسري التشريعات الجنائية للدولة إلا على الجرائم التي ترتكب في إقليمها أو التي يرتكبها رعاياها .
لكن القانون الدولي الإنساني يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك أذ يفرض على الدول واجب ملاحقة أي شخص ارتكب انتهاكاً جسيماً وتوقيع العقاب عليه بصرف النظر عن جنسيته وعن المكان الذي وقعت فيه الجريمة .
وتعد هذه (الولاية القضائية العالمية ) مبدأ أساسا لضمان العقاب الرادع على الانتهاكات الجسيمة .
ويمكن أن تتولى هذه المحاكمات المحاكم الوطنية في مختلف الدول , كما يمكن أن تتولاها هيئة دولية .
وتجدر الأشارة في هذا الصدد إلى المحكمتين الجنائيتين الدوليتين لكل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا , اللتان أنشئتا بقرارات لمجلس الأمن في 1993 و 1994 لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب أثناء النزاعات التي وقعت في هذين البلدين .
ما هي جريمة الحرب ؟
يقصد بجرائم الحرب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية .
وتتضمن عدة صكوك قانونية تعرف بجرائم الحرب . هي النظام الأساسي للمحكمة العسكرية الدولية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية في نورمبرغ , واتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان , والنظام الأساسي ونظام السوابق القانونية للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين ليوغوسلافيا السابقة ورواندا , والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .وتوجد تعاريف لمفهوم جريمة الحرب أيضاً في التشريعات ونظم السوابق القانونية في بلدان مختلفة .ومن المهم ان نذكر أن فعلاً واحداً منفرداً يمكن أن يشكل جريمة حرب .
وتدرج الأفعال التالية , ضمن أفعال أخرى , في تعريف جرائم الحرب :
- القتل المتعمد لشخص محمي ( مثل المقاتل الجريح أو المريض , وأسير الحرب , والشخص المدني ) .
- تعذيب شخص محمي أو معاملته بلا أنسانية .
- تعمد إحداث آلام شديدة أو أذى خطير لجسم أو صحة شخص محمي .
- مهاجمة السكان المدنيين .
- الترحيل أو النقل القسري غير المشروع .
- استخدام اسلحة أو وسائل حرب محظورة .
- إساءة استخدام شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر المميزة أو أي علامات حمائية أخرى
- سلب ممتلكات عامة أو خاصة .
الفرق بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان
هناك تكامل بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان . فكلاهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم , وإن كان ذلك من زاويتين مختلفتين .
فالقانون الإنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح , على حين تحمي حقوق الإنسان , أو على الأقل بعضها , الفرد في جميع الأوقات , في الحرب والسلم على السواء . بيد أن بعض معاهدات حقوق الإنسان تجيز للحكومات أن تنقض بعض الحقوق في حالات الطوارئ العامة , بينما لايسمح القانون الدولي الإنساني بأي نقض لأنه صمم أصلاً لينطبق في حالات طوارئ وهي النزاعات المسلحة .
والقانون الدولي الإنساني يهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو يتوقفون عن المشاركة في الأعمال العدائية .وتفرض القواعد الواردة فيه واجبات على جميع أطراف النزاع .
أما حقوق الإنسان , التي صممت لوقت السلم بالدرجة الأولى , فهي تنطبق على الجميع . وهدفها الرئيسي هو حماية الأفراد من السلوك التعسفي من جانب حكوماتهم . ولا يتعامل حقوق الإنسان مع أسلوب تسيير الأعمال العدائية .
ويقع واجب تنفيذ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أولا وقبل كل شيء على الدول.
فالقانون الإنساني يلزم الدول باتخاذ تدابير عملية و قانونية, من قبيل سن تشريعات جزائية ونشر القانون الدولي الإنساني .
وبالمثل , تلتزم الدول بناء على قانون حقوق الإنسان بمواءمة قانونها الوطني ليتوافق مع الالتزامات الدولية .ويوفر القانون الدولي الإنساني عدة آليات محددة تساعد على تنفيذه . والدول مطالبة على وجه الخصوص بكفالة احترام الدول الأخرى للقانون الدولي الإنساني .
كما أن هناك أحكاماً عن إجراءات للتحقيق,وآلية الدولة الحامية , واللجنة الدولية لتقصي الحقائق .وفضلاً عن ذلك , يوكل إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور أساسي في تأمين احترام القواعد الإنسانية .
وتتسم آليات تنفيذ حقوق الإنسان بالتعقيد وتتضمن , على خلاف القانون الدولي الإنساني , نظماً أقليمية .وتقوم هيئات أشرافية ,من قبيل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان , إما على ميثاق الأمم المتحدة أو أحكام ترد في معاهدات محددة ( على سبيل المثال , لجنة حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 ) . وقد أنشأت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئاتها الفرعية آلية " المقررين الخاصين" والأفرقة العاملة , الذين تتمثل مهنهم في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان والإبلاغ عنها , سواء حسب البلدان أو المواضيع وتنص ست معاهدات لحقوق الإنسان الرئيسية أيضاً على إنشاء لجان ( مثل لجنة حقوق الإنسان ) تتألف من خبراء مستقلين مكلفين بمراقبة تنفيذ تلك المعاهدات .
كما تنشئ بعض المعاهدات الإقليمية ( الأوربية والأمريكية ) محاكم لحقوق الإنسان . وتؤدي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دوراً رئيسياً في حماية وتعزيز حقوق الإنسان . ويتمثل دورها في تعزيز فعالية أجهزة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة , وزيادة القدرة الوطنية والإقليمية والدولية على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ونشر مواثيق حقوق الإنسان والمعلومات المتعلقة بها .
صكوك حقوق الإنسان
تشمل الصكوك العديدة السارية الآن:
أ- الصكوك العالمية :
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الحمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948
- اتفاقية 1948لمنع جريمة إبادة الأجناس والمعاقبة عليها .
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 .
- العهد الدولي الخاص للحقوق الاجتماعية والاقتصادية لعام 1966 .
- اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1981 .
- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984 .
- اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 .
ب - الصكوك الإقليمية :
- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 .
- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 .
- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 .
الجوهر الثابت
تتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان بنوداً تبيح للدول لدى مواجهتها لخطرعام جسيم أن توقف العمل بالحقوق الواردة في هذه الصكوك , باستثناء حقوق أساسية معينة , مبينة في كل معاهدة , يجب احترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة .
وتشمل هذه الحقوق بصفة خاصة , الحق في الحياة وحظر التعذيب, وحظر العبودية والعقوبات أو المعاملة اللآإنسانية , وحظر الاسترقاق , ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القانون . ويطلق أسم "الجوهر الثابت" لحقوق الإنسان على هذه الحقوق الأساسية , التي تلتزم الدول باحترامها في جميع الأحوال - حتى في أوقات النزاع أو الاضطرابات .
ماذا يقول القانون الدولي الإنساني عن الإرهاب ؟
قد تحدث أعمال الإرهاب أثناء نزاعات مسلحة أو في وقت السلم .
وحيث أن القانون الدولي الإنساني لاينطبق إلا في حالات النزاع المسلح , فهو لايتناول مسألة أعمال الإرهاب في وقت السلم .
ويقع واجب التمييز بين المدنيين والمقاتلين وحظر الهجمات على المدنيين والهجمات العشوائية في قلب القانون الإنساني . وبالإضافة إلى الحظر الصريح لجميع الأعمال التي ترمي إلى بث الذعر بين السكان المدنيين ( المادة 51 فقرة 2 من البروتوكول الأول والمادة 13 فقرة 2 من البروتوكول الثاني ) فإن القانون الدولي الإنساني يحرم الأفعال التالية التي يمكن اعتبارها هجمات إرهابية :
- الهجمات على المدنيين وعلى الأهداف المدنية ( المادة 51 فقرة 2 , والمادة 52 من البروتوكول الأول , والمادة 13 من البروتوكول الثاني ).
- الهجمات العشوائية غير التمييزية ( المادة 51 فقرة 4 من البروتوكول الأول) .
- مهاجمة الأعمال والمنشآت التي تحوي قوى خطرة ( المادة 56 من البروتوكول الأول , والمادة 15 من البروتوكول الثاني ).
- أخذ الرهائن ( المادة 75 من البروتوكول الأول , والمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع , والمادة 4 فقرة 2(ب) من البروتوكول الثاني ).
- قتل الأشخاص الذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية ( المادة 75 من البروتوكول الأول , والمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع , والمادة 4 فقرة 2 ( ب ) من البروتوكول الثاني ).
مبادرة : حسام سليمان
رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان - سوريا
برامج النصف الثاني من العام 2008
سلسلة البدايــــــــــــــة
لمزيد من المعلومات الأتصال:
المجلس الوطني لحقوق الإنسان
[email protected]
بنك المعلومات
[email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية