أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مدارسهم ومساكنهم خيم تفتقد كل شيء.. أطفال ريف اللاذقية "نازح ويعيد"

يقدر عدد النازحين من ريف اللاذقية إلى الحدود التركية على امتدادها بين ريفي اللاذقية وإدلب بأكثر من 25 ألفا - ناشطون

كل منهم فقد أباه أو أخا أو كليهما، ومنهم من فقد أمّاً أو أختا، وبعضهم فقدهم جميعا، منهم من فقد، إضافة إلى ذلك، يدا أو ساقا أو عينا، نزحوا ثلاث مرات كحد أدنى، حتى وصلوا إلى مخيمات في ريف إدلب الغربي تلاصق الشريط الحدودي مع تركيا، لكنهم يسرقون ابتسامات من بين الوجع، يحلمون بغد يحمل لهم القصاص لمن خسروه، غد آمن بمقدار خوفهم اليوم.

إنهم أطفال جبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية، الذين هجّرهم طيران النظام وصواريخه ومدفعيته وهجوماته المتكررة على قراهم، والذي أكمله الطيران الروسي ليفسح لقوات النظام السيطرة على مساحات كبيرة من الجبلين، وتكون رحلة نزوحهم الثانية والثالثة أو الرابعة لبعضهم بعد أن وصل القصف لمخيمات لجوئهم على الحدود التركية.

*مدرسة الخيمة
أينما حلوا كانت جهود مدرسي ريف اللاذقية تتركز على توفير التعليم لهم في خيام تفتقر لأبسط مقومات الصف المدرسي.

أكملوا عامهم الدراسي هذا في المدرسة الثالثة، أو الخيمة الثانية، فبعد أن بدؤوه في قراهم لمدة شهر واحد، انتقلوا إلى الخيمة الأولى في القرى القريبة من الحدود التركية بجبل التركمان.

شهران فقط مكثوا فيها قبل أن يلاحقهم قصف الطيران الروسي واقتراب قوات الأسد إلى مشارف خيمهم، ثم ليستقروا في ريف إدلب الغربي ويكملوا ما تبقى من عامهم الدراسي.

"خسرنا عددا من التلاميذ، استشهدوا بالقصف الروسي والأسدي، كثير من كتب الطلاب كانت الدماء تغطي أجزاء من فصوله، بعضهم ترك المدرسة واتجه للعمل بما توفر له من أجل إعالة من تبقى من أفراد عائلته بعد أن خسرت معيلها" حسرة ينقلها المدرس "محمد".

ويضيف "قدمنا لهم ما استطعنا، وما سمحت به الظروف، كان التلاميذ شديدي الإصرار على التعلم واستيعاب المقررات الدراسية، يريدون توظيفها مستقبلا في بناء سورية الحرة".

*طعام بالحد الأدنى
بعد أن نزح سكان ريف اللاذقية عن قراهم وبساتينهم فقدوا مصدر رزقهم الوحيد وهو أشجار الفاكهة من تفاحيات ولوزيات وغيرها، وعاشت الأسر حالة من الفقر المدقع انعكس على طعام أطفالها، بعد أن اقتصر طعامها على ما تقدمه الهيئات الإغاثية من سلال غذائية.

الطفل "شادي" سألنا ببراءة "ليش ما في عندنا أكياس بطاطا، من يومين شفتها بجسر الشغور، بس الماما ما معها خمسين ليرة حق الكيس"، وأخفى دمعته بيديه مبتعدا عنا.

تحدث "شادي" عما يمكن تسميته بالرفاهية، رغم أنه مطلب طبيعي لكل طفل، في حين تحدثت والدته، التي خسرت زوجها بقصف عنقودي روسي على قريتها "الكندة"، عن حرمان أسرتها من مواد أساسية في الطعام مثل اللحوم التي تقتصر على معلبات تصل بين الفينة والأخرى، وهي أبعد ما تكون عن اللحوم المعروفة.

وأشارت أم شادي إلى أن العمل الخيري الذي تقوم به مؤسسات وأشخاص جهد طيب، لكنه لا يكفي لإعالة الأعداد الكبيرة من النازحين، وهناك عائلات كثيرة تفتقد أساسيات الطعام.

*الخيمة والعراء
تشرد أطفال ريف اللاذقية مع ذويهم وغادروا منازلهم مرات عديدة، لم يعرفوا فيها الاستقرار، باتوا أياما في العراء قبل تجهيز الخيام لهم في كل مرة، افتقدوا احتياجات أساسية من أسرة وأغطية، عانوا البرد شتاء والحر مع دخول الصيف.

"دخلت السيول خيامنا، بللت كل ما نملك من فرش، بتنا دون أغطية، لم نكن نملك وقودا لتدفئة أحفادي"، هذا ما قاله الشيخ أبو صطيف الرجل السبعيني، واصفا بعض معاناة النازحين في فصل الشتاء.

ويؤكد أن المعاناة لا تتوقف صيفا حيث يتزايد الغبار الذي يؤذي الأطفال، وترتفع درجات الحرارة التي لا يمكن التخفيف منها لعدم وجود الكهرباء، "قدر أطفالنا أن تلاحقهم المأساة". 

رغم ذلك يجد الأطفال ما بين الغارة الجوية والقذيفة فسحة زمنية يلهون فيها تحت أشجار ما تزال صامدة، تلتقط الكاميرا ابتسامات لهم لكنها تعجز عن رصد كامل الصورة، فالمعاناة ممتدة على امتداد الساعات والأيام. 

يقدر عدد النازحين من ريف اللاذقية إلى الحدود التركية على امتدادها بين ريفي اللاذقية وإدلب بأكثر من 25 ألفا، وتفوق نسبة الأطفال 50 بالمائة، تحاول عدة مؤسسات وجمعيات توفير احتياجاتهم إلا أنها لا تمتلك إمكانات تغطي كل الاحتياجات، لتستمر المعاناة والتي قد لا تتوقف هنا.

عبد السلام حاج بكري -زمان الوصل
(129)    هل أعجبتك المقالة (142)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي