أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أمين الجامعة العربية يفكر بعمق

دكتوراه في الإعلام - فرنسا

كنا في الزمن الغابر نشعر بالعزة والفخر عندما يتكلم عمرو موسى عن الصهاينة، كانت كلماته سهاماً حارقة، وكنت أدّعي ولا أزال أن هذا الرجل في فترة وجوده في الخارجية المصرية كان مجاهداً حقيقياً ومحرضاً على الجهاد.

فلم يكن يتوقف عن التحريض ضد الصهاينة في كل محفل وكان يذكّر في خطاباته بالأمة العربية والمجد العربي، ويحذر من المشاريع الصهيونية ويدعو إلى تكاتف العرب وتضامنهم في وجه الهيمنة الإمبريالية. لم نشعر بعد خروج عمرو موسى من الخارجية، أن هناك خارجية مصرية أصلاً، فالوزارة التالية لم تكن تعلم أن أمريكا قررت غزو العراق، وكان وزراء الخارجية المصرية بعد عمرو لا يعرفون أكثر من كلمة، لم أسمع ولم أعلم ولم أطلع، بينما استأسدوا على أهلنا في فلسطين وعلى إخوانهم في دول المقاومة العربية.

نذكر له، ولا ننسى، الحملة التي قادها ضد الصهاينة في مسألة امتلاك الكيان للسلاح النووي ومحاولات الوزير الدءوبة لثني حكومته عن التوقيع على اتفاقية منع انتشار تلك الأسلحة ما لم يوقع عليها الكيان الصهيوني.

وكنا ندعو له كما يدعو له العرب والمسلمون كلهم في مشارق الأرض ومغاربها.

كان ذلك منذ زمن بعيد، ولا أحد منا يدرك كيف انقلب عمرو موسى رأساً على عقب، وكيف تحول كل هذا التحول، فمن وطني مدافع عن قضايا الأمة إلى رجل ينتظر في اجتماع عربي ماذا سيقرر بوش في الأسابيع المقبلة، تلك الجملة العار التي قالها في اجتماع القمة العربية الأخير في دمشق حول السلام مع الصهاينة.

عمرو لم يتوقف فقط عن الوقوف ضد جرائم الصهاينة بل إنه اليوم يفكر عميقاً باقتراح الوزير البحريني الذي دعا فيه لإنشاء منظمة إقليمية تضم في عضويتها الكيان الغاصب.

وأصبح عمرو يطل علينا بعد كل جريمة في فلسطين ليدينها مرة بشكل عابر، ومرة يدينها بشدة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بلغة أخرى فإن ممثل العرب، المدافع عنهم هو الذي يريد أن ننشأ تلك المنظمة التي تضم عدو العرب وقاتل الطفولة في بلاد العرب والمحتلة احتلالاً استيطانياً دولة عربية هي من أشرف البقاع على وجه البسيطة.

وبدل أن يشغل ممثلنا نفسه بالبحث في الأوراق القديمة وإحياء معاهدة الدفاع العربي المشترك، وتفعيل التضامن العربي والدعوة للوحدة العربية، أشغل نفسه بالسفر إلى واشنطن والجلوس لرايس وسماع انتقادات البيت الأبيض لسورية وحماس وغيرهما من دول"التطرف العربي".

ولا نعلم على وجه اليقين إن كان عمرو موسى يقف مع جماعة الاعتدال أو جماعة التطرف، فهو لا يزال يفكر بعمق.

لم تنجح الجامعة العربية في شيء حتى الآن، ولم تقدم خيراً واحداً لهذه الأمة، فهي لم تجرأ على الوقوف ضد إعدام رئيس عربي في عيد الأضحى، وبالكاد سمعنا انتقاداً ضعيفاً بصوت منخفض طغى عليه الاعتدال وحسن السلوك.

في الصومال، الجامعة العربية عرفت مؤخراً فقط باحتلال إثيوبيا لمقديشو وأعتقد أن عمرو موسى يعرف أن هذه المدينة هي عاصمة عربية، اللهم إلا أن يكون قد نسي ذلك في زحمة المشكلات التي تواجه مؤسسته المغدورة.

وفي لبنان، لم تنجح الجامعة البتة في حل المشكلات الداخلية، ولولا تدخل قطر في الموضوع لاستقر الأمر على ما كان عليه من خلاف، ولدبت الفوضى في أنحاء البلاد كلها، هذا مع العلم أن السيد عمرو كاد أن يسكن في بيروت، واعتاد هوائها وأطعمتها ولكن دونما فائدة.

وحول محادثات السلام مع العدو الصهيوني، فقد صرح عمرو موسى تصريحات عجيبة ومتناقضة حولها، وأذكر أنه كان يميت عملية السلام في المساء، ثم يحييها في صباح اليوم التالي.

ثم ما لبث أن هرول إلى أنابوليس فقد سمع بوجود طبيبة أمريكية تحيي الموتى ثم مرة أخرى أدرك أنها ماتت، ثم بدا له أن فيها بعض الحياة، ولم يستقر الرجل على شيء حتى نهاية هذه الساعة!!.

اليوم، يريد عمرو، كما يريد الوزير البحريني، أن ننسى فلسطين تماماً وأن نفكر بالضفة وغزة، وأن نتجاهل آبائنا وأجدادنا الذين يحلفون أنهم أبناء حيفا ويافا.

ليقل لنا عمرو، ماذا نفعل بحيفا هل نتركها للصهاينة، ليكن الرجل صريحاً وليقل لنا إن كانت حيفا وأخواتها لنا أم للصهاينة.

فإذا كانت لنا فممن تخاف يا عمرو، وقد بلغت من العمر عتيا، قل للأمم في كل اجتماع وفي كل محفل أن فلسطين عربية من النهر إلى البحر، ولا تسأل عن أحد ولا تخف من أحد إلا الله. أم إنك تؤمن بالشرعية الدولية أيضاً؟؟.

هل تخاف على بدلتك وربطة العنق الجميلة التي تضعها، وهل تخاف أن تنساك وسائل الإعلام إن قلت الحق المبين فتجلس بسبب ذلك في بيتك.

ألا يكفيك أنك تخسر بكل تصريح تقوله جماعة من محبيك الذين كانوا يعتقدون أنك ستحرر وأمثالك فلسطين، هل تخاف أن تخسر السفر بالطائرات وأن تعمل بك الحكومة المصرية كما عملت بجمعة الشوان. ألا تتحرر من خوفك يا رجل فتكسب أولاً رضا نفسك ومحبة الجماهير العربية لك.

عليك أن تعلم يا عمرو، أنك أمين عام الجامعة العربية، وكلمة أمين وحدها تتطلب منك أن تكون مدافعاً عن قضايا الأمة العربية إلى أبعد مدى، فحتى لو تحقق السلام مع العدو، عليك أن تكون أنت في الجهة الأخرى فتحارب التطبيع وتجابه العدو، المطلوب منك أنت أن تكون في أقصى التطرف ذد العدو لأنك أمين على مصالح العرب والشعوب العربية، فهل عندما تطالب بمنظمة إقليمية تضم الصهاينة تكون بذلك قد حافظت على حقوق فلسطين وهل تكون عوضت الأمهات في العراق عن أبنائهن وبناتهن.

ألا تتعلم من الشعب المصري العريق الذي رفض التطبيع مع الصهاينة رغم وجود اتفاقيات السلام منذ ثلاثين عاماً.

عمرو، هل صحيح أنك لا تتقن العربية مع أنك تمثل العرب وأنك لا تستطيع أن تتحدث إلا باللهجة المصرية، أم هذا تندر الحاقدين على إنجازاتك المذهلة.

أنا شخصياً سمعت عنك شيئاً واستطعت أن أكذبه فوراً، فقد قيل أمامي إنك لا تغضب أبداً مهما حصل، حالك كحال أبي الغيط والرئيس مبارك، لقد كذّبت هذا فوراً فقد رأيتك غاضباً، مستنكراً، متجهما،ً عبوسا، شديداً، عندما رفضت مذيعة المنار مصافحتك لأسباب عقائدية.

كيف يقولون إنك لا تغضب من انتهاك حرمات المسلمين والعرب في كل ثانية على أرض فلسطين والعراق والصومال، إنك تغضب من امرأة لم تصافحك أ فمعقول ألا تغضب من عدو يقتل أبنائك ويغتصب نسائك ويشرد أهلك. كذابون هؤلاء وحاقدون أيضاً.

 

د. عوض السليمان
(89)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي