من مدارسهم المتواضعة في جبلي الأكراد والتركمان، ومن قراهم الفقيرة، نزح أطفال ريف اللاذقية مع أهليهم إلى مخيمات أقيمت لهم بعيدا عن محاور الاشتباكات وقصف النظام، أملا بإقامة آمنة.
مدرسو ريف اللاذقية الشرفاء بادروا بافتتاح مدارس لهم في خيام تشبه التي يقيمون فيها، يتلقون فيها بعض ما يجب أن يتعلموه، طبعا هنا لا حديث عن الألعاب والأراجيح والجنائن ووسائل الرفاهية.
عقل الإجرام الأسدي لم يتقبل فكرة استمرار تعليمهم وحياتهم، استهدفتهم طائراته بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، قصفهم بالدبابات والمدفعية، قتل من قتل، وفر من تبقى برحلة نزوح جديدة، لن تكون القادمة بعدها في سوريا لأنها كانت هذه المرة إلى أقصى الحدود داخل الوطن، على الحدود التركية تماما.
*حلم "شادي"
لم يتركهم معلموهم، خصصوا بعض الخيام لتدريسهم، كتب ممزقة وكثير منها موشحة بدماء زملائهم وذويهم، المهم أن تظهر أحرف اللغة ورسوم الأطفال في الصفحات.
"التعليم بحده الأدنى خير من اللا تعليم" يقول والد التلميذ "شادي"، ويضيف "أقبل في ظروفنا هذه أن يتمكن ابني من القراءة والكتابة، إننا ننتظر غدا حرا سأعلمه كل شيء، إن كتب لي وله الحياة".
أما طفله "شادي" ابن التاسعة وهو في الصف الثاني، ويجب أن يكون في الصف الثالث، لكنه خسر سنة دراسية كاملة بسبب استمرار القصف والنزوح، فقد ابتسم ببراءة وقال دون أن ينظر إلي بل كان ينظر للبعيد "بدي أتعلم، بس لما بكبر رح قاتل مع الجيش الحر".
اغرورقت عينا أبي شادي وهو مدرس في مدرسة المخيم، "بدل أن يغدو طبيبا أو مهندسا، فرض المجرم الأسد على أطفالنا التفكير بحماية أهلهم وأرضهم، يا الله متى يزال هذا الظلم، هذا الكابوس عنا".
*مدارس في المخيمات
"أحمد اليمني" مدير التربية الحرة في اللاذقية يقول "بعد الهجمة الثلاثية الشيطانية على الشعب السوري في جبلي الأكراد والتركمان وناحية بداما توقفت غالبية المدارس، افتتحنا ست مدارس بالمخيمات قريبا من الحدود التركية".
ويضيف لـ"زمان الوصل" "خلال شهر، ومع بداية الشهر الثالث من هذا العام استطعنا استعادة أبنائنا لمقاعد الدراسة، ولكن هذه المرة في الخيام وليس في صفوف، ولا نزال نعمل على التوعية لاستعادة طلبة الإعدادي والثانوي إلى مقاعد الدراسة وإن كانت متنقلة" مديرية التربية تعمل وفق الخطة البديلة التي وضعتها للتعامل مع الظروف الاستثنائية، ورغم الظروف المادية القاسية التي تمر بها فقد استطاعت تأمين عملية النقل الطلاب والطالبات مجانا.
ويتابع "اليمني" "نتسول قيمة المازوت من الفصائل، ونحمد الله أن العملية التعليمية نسبيا جيدة، ووصلنا لمرحلة متقدمة من العمل المؤسساتي بالتنسيق الكامل مع المحكمة التي صدقت على أمر إداري باستقلالية التعليم، واعتبار المديرية هي المرجع الوحيد للنشاط التربوي والتعليمي".
*"لا نأبه للموت"
وينتقد "اليمني" المنظمات التي تدعي رعاية حقوق الطفل من خلال الأنشطة والدعم النفسي،معتبرا أنها "ليست إلا مشاريع لسرقة أموال الجهات الداعمة، ولا يتم تنفيذها وفق أسس علمية سليمة".
ويقول إن المديرية ستمنع أي نشاط لا يتم برعايتها، حتى يتم العمل على توظيفه بمدخلات سليمة تخدم العملية التربوية والتعليمية، هما متلازمان لا ينفصلان.
"لا نأبه للموت، للقصف، نستمر في عملنا، تعليم أطفالنا يستحق منا التضحية وتحمل المعاناة، لا نريد لهم أن يخسروا فرصة التعليم، وهم الذين خسروا منازلهم وقراهم وبعض أهلهم" يختم "اليمني".
يقدر عدد التلاميذ في ريف اللاذقية ما يقارب 10 آلاف، نزح قسم منهم مع ذويهم إلى تركيا وإدلب، أما البقية فسكنوا المخيمات، حيث افتتحت للتلاميذ مدارس استوعبتهم جميعا.
ريف اللاذقية - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية