رغم أن موعد الحرائق لما يحن بعد حيث لم تجف الأعشاب، تمكنت قنابل النابالم التي ألقتها طائرات النظام على جبل التركمان بريف اللاذقية من إشعال النيران في القليل المتبقي من غاباته، وأحرقت مساحة تتجاوز 10 دونمات من أشجار الصنوبر، وتكفلت الأمطار بإطفائها.
منذ أربع سنوات وقوات النظام تكرر محاولاتها إحراق غابات ريف اللاذقية، وتعمد لقصفها بالقذائف الحارقة، متسببة باحتراق 75% منها حتى الآن، بما يقدر بعشرات آلاف الهيكتارات، باتت يباسا، يقصدها السكان للاحتطاب.
*الغابة الأخيرة
غابات ريف اللاذقية تضم أشجار الشوح والعزر والبلوط والسنديان، إضافة لآخر الصنوبريات في المنطقة، قضى النظام على أغلبها، حيث لم يتبق منها سوى ما تمكن سكان الجبل من منع امتداد ألسنة اللهب إليه.
الغابات كانت منذ بداية الثورة ملاذ الثوار، يختبئون فيها، ويهاجمون مواقع النظام متسترين بكثافتها، تحجبهم عنه، فمنذ حملوا السلاح لحماية أهلهم، وممتلكاتهم، معتمدين على أسلوب حرب العصابات، يضربون مواقعه، ويهرعون إليها، حتى تمكنوا من تحرير جبلي الأكراد والتركمان بهذه الطريقة، قبل أن يعاود النظام السيطرة على غالبية مساحتهما.
أبو جليل، قائد إحدى المجموعات، التي خرجت على النظام منذ بداية الثورة المسلحة، قال: أدرك النظام أهمية الغابات في عملنا العسكري ضده، فتعمد قصفها بكل أنواع الأسلحة المتفجرة، والنابالم، بغية إحراقها وحرماننا من ميزة استخدامها كغطاء لنا.
وأضاف: بذلنا جهودا كبيرة، بالتعاون مع أهلنا، لمنع امتداد النار في الغابات، لكننا افتقدنا المعدات الحديثة وسيارات الإطفاء، فباءت أغلب محاولاتنا بالفشل.
*إمكانيات الإطفاء ضعيفة
لم تستطع دائرة الإطفاء في المجلس المحلي لمحافظة اللاذقية، فعل الشيء الكثير في سبيل إطفاء النيران المتكررة، بشكل شبه يومي، لضعف إمكاناتها، وعدم وجود طرقات تسمح لسيارات الإطفاء، بالوصول إلى مكان اشتعال النيران، بين الجبال الوعرة.
مصلحة الحراج التي أسسها المجلس المحلي قدرت مساحة الغابات المحروقة، بأكثر من 250 ألف دونم، تبلغ تكلفة إعادة غرسها، 100 مليون دولار، وأشارت إلى أنها تحتاج 50 عاما لتعود كما كانت.
أبو مجد (مسؤول الإطفاء في الريف)، تحدث عن الصعوبات التي يواجهونها في عملية إطفاء الحرائق: لم يكن لدينا سوى ثلاث سيارات، وهي قديمة من مخلفات النظام، كثيرا ما تتعطل، لا تكفي لإطفاء الحرائق الصغيرة، فكيف إذا كانت كبيرة، ومشتعلة في أكثر من مكان.
"مؤخرا وصلتنا سيارات إطفاء حديثة استخدمت قليلا، لكننا اليوم لا نستطيع استخدامها في إطفاء الحرائق بسبب انكشاف الغابات المتبقية أمام قوات النظام بعدما سيطر على غالبية القمم في جبلي الأكراد والتركمان".
يذكر أن النظام لم يوفر بساتين الفاكهة، وأحرق أكثر من نصفها، وكان يهدف لإرغام أصحابها على الرحيل أو وقف احتضانهم للجيش الحر، لكنه لم ينجح في ذلك حتى تمكن مؤخرا من احتلالها بمساعدة جوية وبرية من روسيا.
من جنان خضراء، إلى جبال جرداء، حولها النظام، انتقاما من السكان الذي خرجوا ضده، ولم يكتف بذلك، بل أحرق المحميات الطبيعية، التي أقامها عندما كانت المنطقة تحت سيطرته.
عبد السلام حاج بكري -اللاذقية -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية