على متن واحدة من أشهر طرازات السيارات الشاحنة وأقواها في العالم، وضعت مليشيا "وحدات الحماية الكردية" جثامين عشرات المقاتلين وطافت بها في الشوارع، تحت سمع وبصر من مرّ بهم "كرنفال الموت"، قبل أن تتم "عولمة" الحدث ببثه عبر شبكات التواصل، ليصبح تحت سمع وبصر مئات الملايين.
"فولفو إف إتش 12"، واحدة من أهم الطرازات التي أنتجتها شركة "فولفو" السويدية العملاقة والرائدة في مجال صناعة السيارات، وخاصة الشاحنات.. فهل تخيلت الشركة التي تنتج وتورد الشاحنات منذ نحو قرن أن تكون إحدى استخدامات شاحناتها لغرض حمل جثث البشر و"استعراضها".
لا أحد يعلم من أين وصلت شاحنة "فولفو" المخصصة لنقل العربات الثقيلة (مدرعات، شاحنات) إلى يد المليشيا، وهل تم شراؤها بشكل فردي من "فولفو"، أم قدمتها الولايات المتحدة أو دولة أوروبية ما "هدية" للمليشيا، لاسيما أن واشنطن صرحت أكثر من مرة –وعلى الملأ- بدعمها وتعاونها الوثيق مع المليشيا، التي تمثل النسخة السورية لحزب العمال الكردستاني.
لا أحد يعلم من الذي دفع فاتورة الشاحنة الضخمة التي تناهز 100 ألف دولار، لاسيما أن "إف إتش"، هي من أهم وأقوى وبالتالي "أغلى" الطرازات التي أنتجتها "فولفو" طول مسيرتها.
لا أحد يعلم يقينا إن كانت شركة "فولفو" قد علمت بـ"الاستخدام النهائي" الذي آلت إليه شاحنتها، وما إذا علمت الجهة التي قدمت الشاحنة للمليشيا، أنها وقعت في "الأيدي الخطأ".. أم إن هذه الحجة حاضرة فقط في وجه من يقاتلون بشار الأسد وأعوانه.
لا أحد يعلم ذلك وغيره، لكن الذي نعمله من المقطع أن شاحنة "فولفو إف إتش12" المطلية باللون العسكري حملت قرابة 50 جثمانا، أحصتهم "زمان الوصل" عدّاً، وضعوا على مؤخرة الشاحنة الطويلة، التي ضربت بوقاً يصم الآذان، يبدو أن المعنيين في عواصم القرار العالمي لم يسمعوه حتى الآن، أو أنهم بحاجة إلى من يترجمه لهم، كما سيكونون بحاجة لوقت طويل لـ"ترجمة" المقطع، والتحقق من الجهة التي ارتكبت الفعل الشنيع.. لاغرو، فبعد مرور نحو 3 سنوات على مجزرة الكيماوي، ما زالت عواصم القرار العالمي تبحث عن مرتكب الجريمة، فأنى لها أن تعرف ملابسات جريمة بالكاد وقعت الأمس؟!
الساكتون كثر، ومن بينهم النظام الذي لم يسارع لتشغيل "أسطوانته" المعروفة (هذه هي المعارضة المعتدلة التي تدعمها واشنطن، وهذه جرائمهم)، علما أنه لا مماراة نهائيا في الدعم الأمريكي لوحدات الحماية.. فما سر صمت النظام؟
*نرد الجميل
• تعد "فولفو" ثاني أكبر منتج للشاحنات الثقيلة حول العالم.
• أنتجت "فولفو" طرازات مختلفة من الشاحنات، كان من أبرزها طراز "إف إتش" الذي تم تسويقه ابتداء من عام 1993، وبيع منه حوالي 400 ألف شاحنة خلال فترة تقارب 10 سنوات فقط.
• تعد شركة "فولفو" أن شاحانتها من عائلة "إف إتش" هي أنجح ما أنتجته خلال مسيرتها الممتدة لـ90 عاما، ولكن هذا ليس تقييم الشركة المنتجة فحسب، فقد حاز طراز "إف إتش" على جائزة شاحنة العام مرتين خلال عامي 1994 و2000.
• لدى "فولفو" برنامج خاص للمبيعات العسكرية، تطرح فيه مزيدا من المحفزات، التي تتضمن سنوات كفالة طويلة وخصومات بآلاف الدولارات.. إلخ.
• تسوق "فولفو" لبرنامج المبيعات العسكرية تحت عنوان "نرد الجميل لمن يخدموننا"، وهي تعد مزودا رئيسا للجيش الأمريكي منذ أواسط خمسينات القرن الفائت. أما خارج الولايات المتحدة فقد باعت الشركة مئات الآلاف من الشاحنات لمختلف الجيوش والقطاعات العسكرية.
• تولى "صائب نحاس" (رجل الأعمال السوري) الوكالة الحصرية لشاحنات وحافلات "فولفو" في سوريا، بدءا من عام 1976.
• مهد "نحاس" عبر علاقاته الطريق لشركة "فولفو" في سوريا، وجعلها تسيطر على نسبة 50% من سوق الشاحنات، وبقيت "فولفو" محافظة على المرتبة الأولى في عدد الشاحنات الموردة إلى سوريا طوال عدة سنوات، كما ذكر بيان رسمي صادر عن الشركة في مطلع عام 2010، بمناسبة زيارة وفد رفيع من "فولفو" إلى سوريا.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية