من شدة جهل أبائنا أنهم أفهمونا أن الفقر قدرنا وتركونا نتعلق بالروحانيات والرومانسيات ونلاحق هذا الحزب وذلك الاتحاد وتلك المنظمة وما زاد من بلة فقرنا أننا اعتقدنا كشباب ملتزم صاحب قضية أن شرط الإبداع هو الفقر والتشرد والنوم على الرصيف فأهملنا أشكالنا ومظهرنا وصار من يعتني بمظهره في هو منافق وضد القضية ومتعامل مع العدو .
في الوقت الذي كان معظم المجتمعون معنا رجالا ونساء يجرون تجارات وصفقات وأعمال خارج العمل الفكري والثقافي بشكل منتظم ومضمون الربح وليس دائما قانوني لدرجة أنهم كانوا يخالفون النظريات والمبادىء التي كنّا منتهين من النقاش بها كعصبة فكرية تتفق على أولويات الإنسان .
فوجد معظم جيلنا (غير جيلنا الناصع الذي يُحكى عنه بالفضائية السورية) نفسه في مجتمع لا يعترف سوى بالمادة مترافقة مع حقبة جديدة ولى ما كان يعرف الرومانسية الثورية والرجل الثائر الذي سيغير العالم.
من سفالة هذا المجتمع أنه ترك أجيالا ضائعة في مهب العصر الذي لا يرحم هذا الجيل الذي كره كلمة( تجارة؛ ومادة وبزنس )؛ ومصطلحات مثل (تحت الطاولة؛ ورأس مال؛وربح سريع ) ثم وجد نفسه يكره (المبادئ والالتزامات والقضايا) التي لا تطعم خبزا ولا تشرب ماءا على حد تعبير الآباء الذين تفاخروا بأنهم صنعوا السمعة الطيبة فقط .
أليست السمعة الطيبة أو العطرة جزءا من المبادئ التي لا تطعم خبزا .
هذا الجيل وجد نفسه معلقا بين طرفي هذه المعادلة ومرغما على تقبّل طرف منها دون الأخر .مع أن الطرفين ليسا نقيضين على الإطلاق فأن تكون صاحب مبادئ ومشروع فكري هذا لا يعني أن تخرج بمظهر رث ولكن أن تكون جل قضاياك هي الظهور بمظهر مواز للجالس معهم فكريا وماديا وتراوغ وتكذب وتحتال للصعود إليهم فهنا المقال .
من سفالة المجتمع المخملي رجالا ونساء انه قادر على تغيير مبادئه وألوانه وحتى نمط أفكاره لصالح مظهر أو شكل أو بورتيريه ما يريد أن يظهر به بهدف إعطاء نظرة معينة أو تجارة مستقبلية أو زواج مصلحة أو ...أو
وأشد السافلين وأسفلهم على حد تعبير "عزيز نيسن" هم أولائك الذين لا يعيشون ما يكتبون وما يرسمون وأم يغنوون أو ما تعاهدوا عليه مع الطبقة المتوسطة وما تحت .
متفلسفون بطريقة وضع الرجل على الرجل بشرب القهوة أو العصير بنقد الأفلام والمسلسلات وحتى بطريقة المشي وعقد الجبين.
مقرفين لدرجة أنك تتمنى لو كنت تافهة ولم تجتمع معهم تحت سقف واحد
متصنعين إلى درجة أنهم يرتدون ألاف الوجوه يوميا حتى تلك التي يجب أن يرتدوها أثناء فعل الخير وتلك التي سيرتدونها في الحفلات الرسمية حيث سيتبارون لإظهار سفالتهم .
الثروة ليست عيبا ولا الفقر أنا هنا أتحدث عن نماذج من وعن مجتمع يضع مكان العقل ورقة نقود أو نفوذ.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية