ودّعت حمص منذ أيام كاتباً وصحفياً ومؤرخاً للمدينة، آثر الصمت والانزواء والزهد في الشهرة حتى أواخر حياته وهو الأديب "حسن الصفدي".
الكاتب الذي قد لا يعرفه الكثيرون هو صاحب المقال الشهير "نحن الحماصنة متعصّبون لحمصيتنا" الذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وأقامت إعلام النظام ولم تقعده، وكان السبب في الإطاحة بالصحفي "أحمد تكروني" من منصب رئيس تحرير جريدة "العروبة" الرسمية في حمص التي نُشر المقال فيها عام 2009 بعد 17 سنة على توليه رئاسة تحريرها ومثلها من السنوات أميناً للتحرير.
وفي المقال المذكور كشف الراحل عن ضيق أفق مسؤولي النظام وطائفيتهم البغيضة وعدم احتمالهم للرأي الآخر مهما كان ودوداً ومسالماً، ويتساءل الراحل الصفدي في مستهل المقال عن سبب تعصب الحماصنة لحمصيتهم، لافتاً إلى أن "الحماصنة مستهدفون لأنهم حماصنة بالذات"، وحاول الصفدي في مقالته المذكورة أن يخفف من وطأة كلماته ليقول إن "الحماصنة أقلية بالنسبة للجمهورية وأقلية أصغر بالنسبة لسوريا الطبيعية، على اعتبار أن لهجة سكانها واحدة، غير للحماصنة -حسب قوله- لكنة خاصة بهم، ويتعاطون كلمات بعينها، وينطقون الياء مفخّمة على طريقتهم ومن هنا غدونا نحن الطائفة الحمصيّة هدفاً لكل متصيّد نطقاً لَكْنَة لم يعتد على سماعه".
ويعرّج الصفدي في مقالته على تبيان ما قال إنه "مصطلح الحماصنة" الذي يشمل أريافها الثلاث ماعدا الغرب لما بعد خربة التين. وهذه حكاية مستقلة.
ويتابع الراحل الصفدي قائلاً إن "الحماصنة عموماً يتغرّبون لكنهم لا يستغربون. ولذلك فهم يحافظون على تعصبهم لـ"طائفتهم الحمصية" مشيراً إلى تأسيسهم للنادي الحمصي في البرازيل، من يوم أن هاجروا غرباً، مضيفاً أن إنشاء ذلك النادي دليل على تعصبهم الحميد الذي حفظ النادي واسمه عقوداً طوالاً.
ولفت الصفدي إلى أن الحماصنة كما يعرف جميع السوريين ليسوا "طائفة" تبشيرية فهي لا تهتم للتبشير ولا لغيره من المشجعّات؛ وهي تكتفي بأنسها وقلبها المفتوح حتى ترى الانتماء إليها بات يشمل كثيراً من الأسر السورية من شمالها حتى جنوبها ومن شواطئها حتى ضفاف الفرات، وقد نافست هذه الأسر-وهو ابن إحداها-كما قال- أهل حمص القدماء، في التحلي بسِمَتِهم الأساسية مضافاً إليها-بالضرورة- التعصب الحمصي.
وختم بأن "الحماصنة مهما تعرضوا إلى تنكيت الآخرين عليهم فهم لا يجهلون فوق جهل الآخرين" لأن "طائفتنا الحمصية الطيبة تعمل بالقول الكريم: "وَإِذَا خَاطَبَهُم الجَاهِلُوْنَ قَالُوْا سَلَامَا".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية