تعكس استعدادات نظام الأسد ومؤيديه لإجراء الانتخابات "التشريعية" في مناطق سيطرته بالحسكة، يوم الأربعاء، تعكس واقع الحال في جميع أنحاء البلاد، التي تشهد حرباً مدمرة ضد الشعب السوري، كانت السبب في تشريد نصفه ومقتل ما يقارب نصف المليون، وتغييب مئات الآلاف في السجون والمعتقلات.
يسيطر نظام بشار الأسد عبر قواته وعدد من الميليشيات المسلحة الموالية له على جزرٍ صغيرة فقط في مدينتي الحسكة والقامشلي، ستكون مسرحاً لهذه "الانتخابات الشكلية" عن محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، كما كانت على مدى الأيام الماضية، مسرحاً لإقامة الاحتفالات ونصب "خيمات الوطن" وتنظيم "الأعراس الوطنية"، كما يسميها أنصار النظام، وهذا يعود لسيطرة إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وتنظيم "الدولة الإسلامية" على كامل محافظة الرقة ومعظم مناطق محافظتي دير الزور والحسكة.
هذه الانتخابات، التي لطالما كانت شكلية على مدى أربعة عقود من الزمن، جاءت بعد خمس سنوات من عمر ثورة الشعب السوري، معبرة عن استهتار نظام استبدادي بدماء سفكها دون تردد أو رادع من أي نوع، مستعيناً بمقاتلين من إيران والعراق ولبنان، قبل أن تتدخل القوات الروسية بشكل مباشر في 30 أيلول/سبتمبر 2015، لتثبيت أركان حكم حليفها المترنح، تحت هدير حناجر المطالبين بالحرية.
ضمن هذا السياق، أفاد مصدر سرياني من منطقة "المالكية"، بأن البعثيين يستعدون لجمع البطاقات الشخصية لذويهم وأقاربهم، والذهاب بها إلى المراكز الانتخابية في القامشلي، للمشاركة في عملية الإدلاء بالأصوات هناك، مشيراً إلى ان هذه الظاهرة كانت سائدة في الدورات الانتخابية السابقة حتى قبل اندلاع الثورة السورية، حيث يتصدى أمين الحلقة الحزبية في القرى النائية أو رئيس الجمعية الفلاحية لعملية جمع الهويات (البطاقات الشخصية) والانتخاب عن أصحابها.
وأشار المصدر إلى أن المعارك وخروج الكثير من المناطق في الجزيرة عن سيطرة النظام يرجح أن تكون المشاركة في الانتخابات مقتصرة على عناصر الميليشيات وعائلاتهم والبعثيين، فلن يخاطر أحد بحياته وماله من أجل انتخابات "محسومة النتائج".
وقال الناشط "عبد الله محمد" في اتصال هاتفي مع "زمان الوصل" إن "طائرة هبطت في مطار القامشلي الدولي أول أمس، وعلى متنها عضو القيادة القطرية لحزب البعث عبد المعطي المشلب، للإشراف على الانتخابات بعد أن كشف عن أسماء بعينها ستكون ضمن تشكيلة "المجلس"، وليشارك أيضا في آخر أيام الحملات الانتخابية في "خيمات وطن" في الساحة الرئيسية لمدينة الحسكة وفي قرية "حامو" قرب القامشلي يومي الأحد والاثنين.
وأوضح الناشط، أن "المشلب" المتحدر من "تلدو" في حمص حيث ارتكب النظام إحدى أفظع المجازر الطائفية في "الحولة"، أفصح (المشلب) عن 4 أسماء لمستقلين سينجحون في هذه الانتخابات إلى جانب قائمة "الوحدة الوطنية" (قائمة البعث)، التي حلت محل قائمة الجبهة الوطنية بعد التعديلات الدستورية الصورية، وتنقسم إلى (6 فئة أ، و4 فئة ب)، هم: (محمد الفارس شيخ عشيرة طي وأبرز قيادات ميليشيا "الدفاع الوطني" في المحافظة، حسن المسلط أحد وجهاء قبيلة جبور ومعروف بتأييده للنظام والإدارة الذاتية، علاء الرزيكو أحد وجهاء عشير الشرابين وعضو سابق، ريم الساعي محسوبة على وزارة الأوقاف ومفتي النظام، أصولها من دير الزور متزوجة في الحسكة).
وأشار الناشط إلى أن "المشلب" والمحافظ وأمين فرع البعث بالحسكة، ورئيس اتحاد الفلاحين إلى جانب ورؤساء الأفرع الأمنية بالقامشلي، ذهبوا ضمن وفد واحد إلى المرشحين حميد الأسعد ومحمد العبد الرزاق النايف لإقناعهما بالانسحاب من الانتخابات باعتبار أن اسميهما لم يردا في قائمة الناجحين المحددة.
ونقل الناشط عن محافظ النظام، محمد زعال العلي، تشديده على إتمام العملية الانتخابية بشكل صوري، بعد ورود أنباء عن نية الإدارة الذاتية الكردية إغلاق الطرق باتجاه مراكز الاقتراع.
وكانت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام نشرت على لسان رئيس اللجنة القضائية الانتخابية الفرعية في الحسكة، إيلي ميرو، أنه تم تحديد 419 مركزاً انتخابياً على مستوى المحافظة 222 في مدينة الحسكة و197 في مدينة القامشلي عن دائرة الحسكة، ومراكز عن دائرتي الرقة ودير الزور، يُضاف إليها مراكز انتخابية للعسكريين ولقوى الأمن الداخلي.
وأجرى النظام في شباط/فبراير الماضي، ثلاثة تعديلات لقانون الانتخابات القائم حالياً، وهي: (السماح للعسكريين بالانتخاب، وإمكانية نقل دائرة انتخابية في حال الظروف القاهرة إلى مكان آخر، والانتخاب بالبطاقتين الشخصية والعسكرية)، وهذه الإجراءات تصب في خانة التخفيف من حالة المقاطعة التي ستشهدها أي انتخابات سواء بسبب معارضة الناس للنظام أو نزوحهم عن مناطقهم، إضافة إلى الاستفادة من الأعداد الهائلة التي جندها النظام ضمن قواته والميليشيات المسلحة التابعة لها، فمن النادر أن يصادف شاب في مناطق النظام غير مجند بطريقة أو بأخرى، بعد تحويل النظام موظفي الدولة إلى مقاتلين في آخر المطاف عبر ما يسمى لجان "الدفاع الذاتي".
وأصدر بشار الأسد المرسوم (رقم 63) حدد فيه يوم 13 نيسان/أبريل موعداً للانتخابات التشريعية، قبيل الإعلان وقف الأعمال العدائية بتوافق أمريكي-روسي، فيما كانت طائرات الروس والأمريكان ذاتهم، تتخير أهدفها على الأراضي السورية وتقصفها، وغالباً ما تخلف وراءها ضحايا ومصابين من الشعب السوري.
*الإدارة الذاتية تعلن موقفها
قالت هيئة الداخلية التابعة للإدارة الذاتية الكردية، في بيان لها: "نحن المنسقية العامة للمقاطعات الثلاث نعلن للرأي العام المحلي والدولي بأننا غير معنيين بما يطالعنا به النظام السوري بين الفينة والأخرى بمسرحياته الهزلية بمسمى الديمقراطية، وآخرها انتخابات مجلس الشعب السوري والمقرر إجراؤها في 13/4/2016".
وأضاف البيان، "وعليه نعلن أن هذه الانتخابات المزعومة لم ولن يتم إجراؤها ضمن نطاق إدارتنا الذاتية وليس لنا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد ولسنا معنيين بها"، وذلك دون أن توضح إن كانت ستتخذ إجراءات معينة لمنعها.
ويخشى المعارضون السوريون المرور بمناطق سيطرة النظام، خشية الاعتقال، عدا عن المنخرطين في الثورة أو لديهم أقرباء في كتائب الثوار، ما يجعل هذه الانتخابات خاصة بمؤيدي بشار الأسد وزمرته الحاكمة في البلاد.
وكانت آخر انتخابات لمجلس الشعب أجراها النظام في تحد لإرادة السوريين، عام 2012، لانتخاب 250 شخصاً لمدة 4 سنوات، ضمن مجلس كانت له مواقف "مخزية صادمة"، بحسب معارضين يعتبرون أن عمل المجلس المذكور اقتصر في بداية اندلاع الثورة الشعبية على التصفيق لبشار الأسد، باستثناء قلة قليلة ممن انشقوا عن النظام ومجلسه.
محمد الحسين -الحسكة -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية