في حديقة خلفية قريبة من منزل ذويه وسط مدينة دير الزور يرقد جثمان الشاب "زهير الشاهر" الذي قضى قبل سنوات إثر إصابته بثلاث رصاصات في صدره من قناص.
ولم يشفع للشاب الجميل الذي ينتمي لعشيرة "البكارة" في دير الزور نبوغه في مجال المعلوماتية ونشاطه المبكر في القيادة، حيث تولى برلمان الأطفال في المدينة، ليقتص منه النظام انتقاماً من نشاطه في المجال الإغاثي ومساعدة النازحين والمنكوبين.
منذ صغره برز "زهير" متميزاً بين أقرانه في التفكير والتصرف والتفوق الدراسي لينتخبه أعضاء برلمان أطفال دير الزور في عام 2005 كأول رئيس له وكان البرلمان وقتها الأول من نوعه في سوريا والمنطقة.
واستمر زهير في منصبه حتى تخطيه مرحلة الطفولة التي يمثلها البرلمان في الـ18 من العمر، ولم يكن يعلم أحد أن ذكاء الطفل وتميزه سيكون سبباً في إنهاء حياته لاحقاً.
كما أنشأ مشروع "المعجزة" للعودة بالشباب للقراءة، عمل كثيرا من أجل حقوق الطفل وحقوق الإنسان إلى جانب ممثلي اليونيسيف، قدم الكثير ليحاول إعطاء الناس حقوقهم التي طالما حلموا بها.
عاش لمدة سنتين في حي "باب سباع" بحمص، حيث عائلة جده لوالدته وعندما حوصرت المدينة من قبل جيش النظام عاد الى دير الزور حيث حصل على شهادة البكلوريا بمعدل عالٍ وشهادة "توفل" في اللغة الإنكليزية.
عند بداية الثورة كان الشاب الديري من أوائل الشبان الذين شاركوا في المظاهرات للمطالبة بالحرية والمناوئة لحكم الأسد، في كل من حمص ودير الزور، وكان يصوّر مقاطع الفيديو ويبثها عبر الإنترنت، لكي ينقل الصورة الحقيقية لما يحدث في سوريا. إضافة إلى عمله الإنساني في توزيع المساعدات الغذائية للناس المحاصرين، إلى أن أصابه قناص النظام برصاصتين في صدره في 2-8 2012 أثناء القيام بعمله في تصوير الانتهاكات الأسدية في مدينته.
في إحدى زيارات الكاتب "جمال صبري الجاسم" خال "زهير" إلى حمص جاءت أخته لاستقباله مع أبنائها ومن بينهم "زهير"، وأطلعت خاله على صورته وهو يصافح بشار الأسد، ويقف إلى جانبه وصورة أخرى مع اسماء الأسد وصور من نشاطاته وحينها تيقّن الجاسم أن ابن اخته سيُقتل ولو بعد حين كما قال.
وروى "الجاسم" لـ"زمان الوصل" إن ابن شقيقته كان يشعر بأنه مستهدف وخاصة بعد استشهاد بعض رفاقه عندها -كما يقول الخال- أطلق زهير على صفحته في "فيسبوك" اسم "مستني دوري" وبالفعل لحق بأصدقائه حينما كان يطرق أبواب الأيتام والأرامل لتوزيع الطعام عليهم، وكانت هذه مهمة مقدسة بالنسبة إليه".
ويردف محدثنا أن "عائلة زهير لم تستطع دفنه في مقبرة المدينة لاستحالة الوصول إليها، لذلك دفن في حديقة صغيرة بجوار منزل أهله".
وكشف "الجاسم" أن شقيقته أقسمت له بأنها كانت ترى طيفه وهو يلوّح لها عبر النافذة مؤكدة له هي وبعض جيرانها الذين يعرفهم أن نوعاً فريداً من الزهور والتي لم يعهدها أهالي الحي من قبل كانت تنمو على أعشاب تلك الحديقة في كل ربيع.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية