لجأ المدنيون وكتائب الجيش الحر إلى أجهزة اللاسلكي "القبضات" بعد أن قطع النظام كافة الاتصالات الأرضية والخليوية عن المناطق المحررة.
وفي ريف حمص الشمالي المحاصر يكثر استخدام هذه القبضة، بل يمكن القول إنها دخلت في أدق تفاصيل حياة السكان هناك.
*حاجة ماسة
يقول أبو نضال، قائد مجلس عسكري في أحد مدن الريف الشمالي: "القبضة هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة في ظل انقطاع خدمات الاتصالات، وأصبحت حاجة ضرورية جدا، لا بد منها في جبهات القتال".
ويضيف لـ"زمان الوصل" "من خلالها نقوم بإعلام المقاتلين في حال وجود غارات من قبل النظام أو الطيران الروسي، كما يتم من خلالها طلب فرق الدفاع المدني، أو سيارات الإسعاف لنقل المصابين.
*تحذير المدنيين
أما "حسام" وهو مقاتل في إحدى الكتائب الإسلامية بريف حمص، فيؤكد أنهم يستخدمون القبضة على الجبهات، وأثناء نوبات الحراسة "الرباط".
وبشأن مراصد الثوار، يضيف "حسام" لـ"زمان الوصل"، قائلا: "إنها تقوم بإعلامنا في حال وجود غارات من قبل النظام، وتبلّغنا بمكان القصف".
وأشار عدد من أهالي قريتي "طلّف" و"عقرب"، التركمانيتين، الذين التقاهم مراسل "زمان الوصل"، في حمص إلى أهمية القبضة اللاسلكية، كونها أصبحت جزءا من حياتهم اليومية، ووسيلة أساسية لحمايتهم من القصف المستمر من قبل النظام وميليشيات طائفية تابعة له.
ويقول أبو بلال، مدير قطاع الدفاع المدني في منطقة "الحولة"، نستخدم القبضة لتسيير أمورنا، والتواصل مع المجالس المحلية والمراصد والمشافي بالمنطقة، من أجل توزيع المهام، وإدارة العمل وتحريك الآليات والعناصر.
ويشير في حديث لـ"زمان الوصل"، إلى أن "القبضة"، هامة جدا في عملهم، فمن خلالها تتحرك عناصرنا وآلياتهم بتجمع بلدان "الحولة"، ونعرف مكان سقوط الضحايا والجرحي من المدنيين.
*هاتف متنقّل
ويقول "مظهر" المتعاقد مع مكتب الخدمات التابع لأحد المجالس المحلية بريف حمص الشمالي، إن معظم أعمال مكاتب الخدمات في المجالس المحلية بريف حمص الشمالي، يتم إنجازها عبر القبضة، كما يتواصل مع العاملين بالمكتب من خلالها، وهي غير مكلفة ماديا.
ويتابع "مظهر" لـ"زمان الوصل"، قائلا: "لا تقتصر أعمال القبضة على الرجال والشباب، إنما أصبحت تستخدمها المرأة في منزلها، لكي تتواصل مع زوجها وأولادها في حال حصول أي طارئ، أو لشراء حاجيات المنزل، فتتصل بزوجها، أو الأولاد، حتى لا يعود مرات عدة إلى السوق.
*نفّذ وخذ حذرك
ويرى عامر أبو محمد (مدير المرصد 44) بريف حمص الشمالي، أن أساس عمل القبضة، هو رصد تحركات طيران النظام الحربي والمروحي، فور إقلاعه من المطارات، ومعرفة وجهته، لنطلب من المدنيين النزول إلى الملاجئ، وإخلاء الشوارع وأخذ الحيطة والحذر.
ويضيف أن عملهم أصبح ميدانيا أكثر، وامتد لجبهات القتال، كما حدث في المعركة الأخيرة مع جيش النظام، وميليشات طائفية تابعة في بلدة "حربنفسه"، بريف حماة الجنوبي".
وتابع "كنا نرصد حركة الطيران الروسي وطيران النظام من لحظة الإقلاع وحتى التنفيذ، ونحذر المقاتلين على الجبهات من عمليات القصف التي كانت تتم وبشكل عنيف جدا". مضيفا بأن القبضة اللاسلكية، هي أحد الأجهزة، التي يتم من خلالها التنصت على التعليمات المتبادلة بين الطيّار وبرج المراقبة بالمطار، وذلك بالحصول على تسريبات الترددات التي تستخدمها مطارات النظام.
وردا على سؤال "زمان الوصل" هل يقتصر عمل القبضة اللاسلكية على العسكريين والمعارك، قال أبو محمد: "عملنا الأساسي خدمة المدنيين، وتحذيرهم من عمليات القصف الجوي والمدفعي، قبل أن تحدث، وتوجيه الدفاع المدني والإسعاف للمناطق التي تعرضت للقصف، إضافة إلى إعلام الناس بكل جديد، وتوجيه عمال الخدمات لإصلاح شبكات التوتر وخطوط مياه الشرب، والإعلان عن وصول المواد الإغاثية وغيرها.
*وينك.. نفّذ..
من أشهر العبارات التي تصدر من القبضات، ويسمعها المواطن بريف حمص الشمالي المحاصر، وأصبحت مألوفة لدى معظم الأهالي :"إقلاع حربي من مطار حماة ..الخنزير نفّذ..مروحي براميل من الشعيرات باتجاه منطقة العمل.. مروحي عبور.. حربي نفذ وفي طريق العودة ..وينك تعال لعندي عاوزك ضروري.. يا أبو محمد عامر عامر".
*700-50 دولار
نظرا لكثرة استعمالات القبضة، افتتحت في أغلب قرى وبلدات الريف الشمالي، محال لبيع وصيانة القبضة.
يقول أبو عادل، صاحب محل للصرافة، ومركز رئيسي لبيع القبضات اللاسلكية في "تلذهب" في "الحولة" "يتراوح سعر القبضة ما بين (175- 50دولار)، إضافة لقاعدة الشحن الخاصة بكل قبضة"، لافتا إلى أن الأسعار تختلف من نوع إلى آخر فهناك قبضة "عمياء"، بدون شاشة، وهي أرخص الأنواع، وهناك قبضات مع شاشة وراديو، وهناك قبضات غالية جدا يصل سعرها إلى 700 دولار أمريكي، متخصصة بالتقاط ترددات المطارات، ومحادثات الطيارين.
ريف حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية