تشير التطورات العسكرية الأخيرة إلى أن التحالف الدولي بمساعدة جميع القوات التي يدعمها في سوريا يحاول السيطرة على أكبر قسم من الحدود العراقية -السورية، ما يعني أن أمام هذه القوات معارك قريبة في دير الزور ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" حتى قبل معركة الرقة التي يلمح إليها المسؤولون الأمريكيون للإعلام.
قوات النظام بدأت تستشعر اقتراب موعد معركة دير الزور، بعيد خسارة التنظيم لمعبر "التنف" الحدودي في البادية السورية لصالح "جيش سوريا الجديد" في الجنوب، ومنطقة "تل الجاير" شرق "الشدادي" شمال "البوكمال"، لذا أخذت تحاول توسيع منطقة الطوق حول المطار العسكري والتقدم بريف حمص الشرقي، استعداداً للاستفادة من أي انسحاب يفرض على التنظيم نتيجة العمليات العسكرية للتحالف الدولي ضده في دير الزور.
وتدور مواجهات بين تنظيم "الدولة الإسلامية" وبين قوات النظام في محيط مطار دير الزور العسكري، الذي يعتبر الشريان الوحيد لإمدادات النظام في المحافظة، إلى جانب تصاعد وتيرة الاشتباكات في "حي الصناعة" داخل دير الزور، حيث أعلن التنظيم سيطرته على مواقع لقوات النظام في القسم الجنوبي الشرقي للمدينة، بعد تفجير عربة مفخخة هناك.
وأكد الناشط "أبو عبد الرحمن الديري" من إذاعة دير الزور الحرة، سقوط 10 مدنيين قتلى ونحو 20 جريحاً نتيجة قصف النظام بالقنابل العنقودية على أحياء دير المدينة، مشيراً إلى استمرار المواجهات بين النظام والتنظيم في محيط حقل "التيم" النفطي.
من جهتها مصادر قوات النظام، قالت إن قوات النظام وبمؤازرة ميليشيا "الدفاع الوطني" ومشاركة سلاح المدفعية والجو صدوا هجوماً لتنظيم "الدولة الإسلامية" على حي "الصناعة"، ودمروا عربة مفخخة قبل وصول هدفها، فيما تحدثت وكالة أنباء النظام (سانا) عن سيطرة قواته على مواقع في مدخل مدينة تدمر الجنوبي، بعد انسحاب التنظيم من فندق "ديديمان تدمر" ودوار الزراعة في المدينة.
وجاءت هذه التطورات بعد وصول 250 عنصراً لقوات النظام إلى مطار القامشلي واستقرارهم في الفوج (154) جنوب المدينة، حيث تم نقلهم على دفعات إلى دير الزور، للمشاركة في معركة فتح طريق دير الزور –دمشق، وفق مصادر عسكرية من داخل الفوج.
*استغلال ثأر "الشعيطات"
وتجهد "القوات الديمقراطية" في تجنيد مقاتلين من دير الزور لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية"، تحت غطاء جوي دولي، وسط أنباء عن وصول دفعات جديدة من مقاتلي منطقة "الشعيطات" إلى الحسكة للمشاركة في المواجهات القريبة من قرية "أبو خشب" شمال غرب دير الزور، حيث تحدثت مصادر محلية عن إسكان الإدارة الذاتية الكردية لعائلات هؤلاء المقاتلين في منازل المهجرين من قرى "تل حمام" و"الأغيبش" وغيرهما في محيطة مدينة "تل تمر".
وتقول المصادر ذاتها، إن "قوات سوريا الديمقراطية" تحاول استغلال حالة الثأر لدى أبناء بلدات "الشعيطات" لزجهم في المعارك ضد تنظيم "الدولة" كما فعل النظام في مدينة دير الزور، حين أنشأ ما يعرف بـ "جيش العشائر".
ونقلت شبكة (CNN) قبل أسبوعين، عن الجنرال "لويد اوستين"، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي إنه قدم مقترحات تتضمن زيادة "الإمكانيات" على حد تعبيره، في سبيل استعادة مدينة الرقة، معقل تنظيم "الدولة" في سوريا، بالإضافة إلى مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، مضيفاً "إن وجود قوات إضافية على الأرض سترفع من مستوى القدرات على جمع المعلومات الاستخباراتية على الأرض بالإضافة إلى تقديم المشورة والمساعدة."
ومهمة الفصل بين مناطق التنظيم في سوريا عن مناطقه في العراق، ليست مهمة سهلة إذا علمنا أنه لازال يسيطر على مسافة 400 كم من الحدود العراقية السورية، تمتد من معبر التنف/الوليد الذي سيطر عليه حلفاء الولايات المتحدة قرب مثلث الحدود الأردنية-السورية-العراقية إلى مناطق سيطرة "القوات الديمقراطية" في قرية "تل صفوق" شرق "الشدادي"، بينما يقع معبر البوكمال- القائم في منتصف المسافة عند نقطة دخول نهر الفرات من سوريا إلى الأراضي العراقية.
وتسعى الولايات المتحدة الامريكية إلى تسليم المناطق التي ينسحب منها تنظيم "الدولة" منها لقوات حليفة لها وأبرزها تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، لكنها لم تعترض على تمدد قوات النظام في محيط الفوجين (145) و(123)، بعد معارك "تل حميس" و"تل براك" و"الهول" شرق محافظة الحسكة.
*"الشعيطات" يرفضون التعاون مع حلفاء أمريكا
وقال مجلس شورى الشعيطات "نحن نؤكد على ثوابت الثورة السورية التي خرج شعبنا من أجلها، وهي قتال النظام وإسقاطه بكل رموزه، وكل من يتعاون ويتحالف ضد ثورتنا من الميليشيا وتنظيم الدولة".
وأعلن المجلس في بيان مصور نشر على شبكة الإنترنيت، براءة "الشعيطات" من كل المشاريع والتجمعات والأشخاص، الذين يتكلمون باسم "الشعيطات" في الخارج ومن ينسقون مع النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" والـ(PKK).
وشدد المجلس على رفضه تقسيم سوريا، بقوله: "نرفض الفدرالية والتقسيم لأنها تناقض أهداف الثورة"، مضيفاً "نؤكد على التزامنا واستمرارنا بالجهاد وعلى الجبهات كافة مستمرين على خطى الشهداء والجرحى الذي قدمناهم في الساحل وحماة وإدلب، كما نؤكد لأهلنا إننا نسعى جاهدين لاسترجاع مناطقنا وحقوقنا التي سلبت، فلن نكل ولن نمل حتى تعود الحقوق وترد المظالم"، في إشارة إلى استرجاع مناطقهم من التنظيم.
*مجزرة بالبرتقالي
وفي سياق متصل، نشر ناشطون صوراً لبعض الجثث قالوا إنها من مقبرة جماعية تضم 15 جثة على الأقل عثر عليها مؤخراً في الحزام الأخضر بمنطقة "البوكمال" أقصى شرق دير الزور، لافتين إلى أن بعض الضحايا كان يرتدي اللباس البرتقالي، في إشارة إلى أن تنظيم الدولة هو المسؤول عن تصفية هؤلاء.
وكانت معارك اندلعت في شهر تموز/يونيو 2014، بين تنظيم "الدولة" وبين مسلحين من عشيرة "الشعيطات" إحدى أهم عشائر قبيلة "العكيدات"، وذلك في أول أيام عيد الفطر ذلك العام، على خلفية تصفية حسابات بين عناصر ينتمون للتنظيم من ذات العشيرة وبين أشخاص من قرية "أبو حمام" بريف دير الزور الشرقي، لينتقم التنظيم من سكان منطقة الشعيطات وقراها الثلاث الرئيسية أبوحمام، والكشكية، وغرانيج وسط مشاهد صادمة لتدمير للمنازل وإخراج أهلها منها، وعرض رؤوس الشبان على جدرانها المهدمة، حيث قدر عدد من قتلوا بأكثر من 1000 شخص.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية