مع بداية الثورة السورية منذ خمسة أعوام وما شهدته من انتهاكات بالجملة ارتكبتها قوات النظام بحق المدنيين من قتل و جرح واعتقال، اضطر ملايين السوريين إلى مغادرة البلاد و اللجوء لشتى بقاع الأرض وخاصة دول الجوار وعدد من دول الاتحاد الأوروبي التي فتحت بعض أبوابها لاستقبال اللاجئين.
وتعد فرنسا من الدول الأوروبية القليلة التي وافقت على قدوم السوريين إلى أراضيها ولكن بأعداد محدودة جدا لم تتجاوز 15 ألف شخص وغالبا ما يتم الموافقة على لجوئهم على أساس الشهادة العلمية والمستوى الثقافي، الأمر الذي دفع الحكومة الفرنسية مع بداية عام 2016 لتقديم منح جامعية كثيرة للاجئين السوريين فقط بهدف التعليم الأكاديمي للغة ومن بعدها الانخراط في استكمال الدراسات العليا وفقا للاختصاص المرغوب سواء كان علميا أم أدبيا.
ويعتقد الكاتب والمخرج المسرحي "خالد الأكشر" بأن "هذه المنح هي مرحلة تمهيدية لا بد منها لنتمكن من متابعة الدراسة الأكاديمية في فرنسا ومن ثم تأكيد حضوري كمخرج مسرحي في هذا البلد الغني بفنونه ومبدعيه ".
فيما يقول المحامي "المعتصم بالله الكيلاني" لـ"زمان الوصل" إن الاندماج بالمجتمع الفرنسي أمر شبه محال بدون تعلم اللغة الفرنسية بشكلها الأكاديمي، وهذا ما ستقدمه المنح الدراسية للاجئين السوريين وخاصة مع سنين الانقطاع الطويلة عن التعلم والجامعات بسبب بقاء نظام الأسد في السلطة.
ومن جانبها تؤكد الدكتورة "علا الكيلاني" أن هذه التجربة الجامعية أتاحت لها فرصة التعرف على المجتمع الفرنسي بما فيه من تنوع ثقافي وفكري، ما سيسمح مستقبلا بتسهيل ومرونة عملية الاندماج داخل هذا المجتمع بدلا من العزلة والانطواء بحسب وصفها.
وفي السياق ذاته يشير الأستاذ "أمير الحاري" وهو أستاذ رياضيات، إلى عدم وجود أي سوري يتقن اللغة الفرنسية سابقا بسبب نظام التعليم في سوريا والمعتمد بشكل مباشر على اللغة الإنكليزية كلغة ثانية، وهو ما يجعل المنح الجامعية الحالية فسحة أمل تمكنه من استكمال دراسة الماجستير وخاصة أن فرنسا من أهم دول العالم في مجال الرياضيات.
إلى ذلك توضح الشابة "نادين أحمد" لـ"زمان الوصل" حجم التصميم لدى السوريين ليثبتوا للشعب الفرنسي ومن خلال المنحة الخاصة بتعلم اللغة أنهم ليسوا عبئا على الدولة بل هم قادرون على المساهمة في تطوير أي بلد يقيمون فيه.
*منغصات تؤرق اللاجئين بفرنسا
معظم اللاجئين السوريين الذين تم قبولهم في المنحة لا يتحدثون اللغة الفرنسية إلا بشكل بسيط على الرغم من انقضاء أكثر من عام على لجوئهم داخل الأراضي الفرنسية، ويعزو عدد منهم السبب في ذلك لجملة من المنغصات والصعوبات التي ترافق حياة اللاجئ.
حيث يرجع المحامي "علي ابراهيم" تلك المنغصات إلى الجانب المالي بالدرجة الأولى وعدم قدرة اللاجئ في فرنسا على متابعة تعلمه للغة على حسابه الشخصي، بالتزامن مع تعقيدات الحياة وصعوبة التأقلم والغلاء الفاحش داخل المدن الكبرى وعلى رأسها العاصمة باريس.
كما يبيّن "أمير الحاري" والمحامي "المعتصم الكيلاني" لـ"زمان الوصل" جملة من العوامل التي تمنع اللاجئ السوري من التحول لعنصر منتج في المجتمع الفرنسي أهمها البيروقراطية والروتين في تسيير المعاملات واستعمال البريد الورقي بشكل مكثف جدا ما يعني قضاء شهور طويلة (لا يقل عن سنة) لإنهاء أوراق اللجوء التي تخوّل السوريين حق العمل والدراسة.
فيما يلمّح الكاتب "خالد الأكشر" إلى قدرة المثقف السوري على تجاوز الصعوبات والتعقيدات، وإن كثرت، لأنها كانت موجودة سابقا في حياة السوريين وفي كل المجالات، معبرا عن تفاؤله بظهور أسماء سورية لامعة في فرنسا مستقبلا.
ويذكر أن الجامعات الفرنسية وفي مقدمتها جامعة "باريس 8" و"سوربون" بدأت منذ بداية العام الحالي بفتح أبوابها لاستقبال الطلبة السوريين المقبولين بالمنح والتي ستسمر حتى نهاية شهر أيلول سبتمبر المقبل، ليتم بعدها منح الطلاب دبلوم لغة فرنسية تؤهلهم لاستكمال تعليمهم في درجتي البكالوريوس والماجستير.
إيلاف قداح - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية