أمام منزلها في وادي خالد على الحدود السورية اللبنانية تجلس "أم علي" اللاجئة السورية وهي تستعرض في مخيلتها شريط ذكرياتها عندما تزوجت رغماً عن أهلها شاباً سنياً من قرية "الزارة" القريبة من قريتها "كفريش" العلوية، وتعرّضها للاعتقال والتعذيب على يد شبيحة النظام وولادتها لطفلتها داخل المعتقل، بعد أن أوشكت على الإجهاض بها ومن ثم اعتقال زوجها لدى احتلالهم للبلدة الواقعة في ريف حمص.
وإزاء هذه الذكريات الموجعة مع ظروف اللجوء الصعبة لا تملك أم علي إلا أن تذرف الدموع وتحتضن أطفالها الثلاثة الذين تبقوا من عائلتها.
كانت "أم علي" طالبة في قسم التربية وعلم نفس في جامعة حلب قبل أن تفرّ من قريتها مع شاب أحبته قبل بداية أحداث الثورة السورية بسنتين واقترنت به لتنجب منه ثلاثة أطفال آخرهم في المعتقل.
ويروي الناشط "محمد قصاب" جوانب من معاناة اللاجئة "أم علي" التي بدأت عند سقوط قرية "الزارة" بيد النظام، وكانت آنذاك حاملاً بطفلتها –كما يقول- ولدى خروجها من "الزارة" إلى منطقة يسيطر عليها النظام تم اعتقالها انتقاماً من زواجها من هذا الشاب الذي كان يدافع عن قريته، ووجهت لها تهمة إيواء الإرهابيين وإطعامهم.
وأكد القصاب أن "أم علي" تعرضت لتعذيب شديد داخل المعتقل حتى كادت أن تفقد جنينها، وبعد أشهر من تواجدها في المعتقل وضعت المولود الثالث وهو طفلة.
وبعد مرور أشهر أخرى تم الإفراج عنها لتعود لأولادها وزوجها –غير أن فرحتها لم تكتمل –كما يؤكد القصاب- إذ لم تمضِ أيام حتى تم اعتقال زوجها ليصبح أثراً بعد عين، ولم تعرف أي معلومات عن مصيره حتى الآن.
وكشف "القصاب"، الذي كان جاراً للعائلة في قرية "الزارة" أن خال السيدة وهو طبيب بيطري طلب منه أن يكون وسيطاً وقدم لزوجها قبل اعتقاله مليون ليرة أي ما يعادل 20 ألف دولار كي يعيدها لأهلها لكنها أبت أن تعود وآثرت البقاء إلى جانب زوجها وأطفالها.
لم تسلم أم علي وأطفالها من مضايقات الشبيحة الذين احتلوا قريتها، فآثرت الهروب إلى لبنان لتواجه رحلة جديدة من العذاب والمعاناة في تأمين السكن والمصروف لعائلتها الصغيرة في ظل غياب المعيل.
وتسكن أم علي– كما يؤكد محدثنا- في مستودع أشبه بخيمة في وادي خالد بمنطقة عكار اللبنانية تم دفع أجرته لمدة 3 أشهر من قبل أهل الخير.
ولفت "القصاب" إلى أن "أم علي" التي تسكن بالقرب من منزله "تبدو أغلب الأحيان خائفة ومنزوية على نفسها، وتعاني من أزمة نفسية جرّاء ما تعرضت له من معاناة"، مشيراً إلى أنها "رغم كل ما تعرضت له من اعتقال وتعذيب وفقدان للزوج والجوع لازالت متمسكة بأولادها وتأمل بعودة الزوج المفقود".
وعبّر محدثنا عن أمله أن تجد المرأة المكلومة بين أهل الخير من يساعدها ويساعد أطفالها كي تقوم على تربيتهم ورعايتهم.
وتضم قرية "الزارة" الواقعة في ريف حمص الغربي العديد من السيدات العلويات المتزوجات من أبناء القرية السنة وإحداهن –كما يؤكد محدثنا- تم قتلها عند اقتحام "الزارة"، وثمة امرأة أخرى تنحدر من منطقة "الشيخ بدر" في اللاذقية هربت مع زوجها إلى لبنان، وثالثة شهدت بأم عينها قتل زوجها في مجزرة "وادي المولى" الشهيرة بمجزرة "آل الرجب" في "الزارة" أيضاً أواخر العام 2013.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية