ما إن أعلن موقع قناة "روسيا اليوم" أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أوعز لوزير دفاعه "سيرغي شويغو" بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءا من اليوم الثلاثاء 15 آذار مارس، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بردود أفعال معظمها اعتبر أن الخطوة في صالح الثورة السورية التي تدخل هذه الأيام عامها السادس.
بينما تضاربت آراء الموالين على المواقع نفسها بين من ترجم خوفه بمنشورات وتعليقات تتوجس مصيرا مجهولا للنظام ومؤيديه، وآخرين نقلوا رأي إعلام النظام بأن القرار جاء بالتنسيق مع "القيادة".
* نبوءة زميل
"زمان الوصل" تواصلت مع إعلاميين ومثقفين لاستمزاج آرائهم حول قرار الانسحاب الروسي الذي تنبأ به أحد كتابها في زاويته الأسبوعية بالصحيفة.
كتب الزميل عدنان عبد الرزاق زاوية بعد التدخل الروسي بأسبوعين قائلا "خلال المئة يوم التي انقضى منها 15 يوماً، سيحاول الروس إضعاف خصوم الأسد بشكل عام، وكسر قوة "داعش والنصرة" على وجه الخصوص، ليلجأ الجميع إلى طاولة حوار، قد يكون ناظمها جنيف3 أو مبادرة بوتين، أم حتى مبادرة طهران التي تسوّى الآن على نار هادئة لتتقارب من الخطوط العامة لمطالب الثورة".
وأضاف في الزاوية المعنْوَنة "آخر 100 يوم في الثورة" أن ذلك تمهيد "ليتم الحل بمرحلة انتقالية تقودها أطراف ثلاثة، الأول ممثل عن النظام دون الوجوه المعروفة والثاني من المعارضة السياسية بأطيافها المختلفة، ليكون المكوّن الثالث والفاعل هو من "الشخصيات الوطنية" التي يتم تحضيرها اليوم، دون إعلان اسمائها كي لا يتم تصفيتها من المعارضة والنظام".
الزميل "عدنان" أضاف بعد صدور القرار الروسي "لم يصمد الأسد بجولة الإملاءات أكثر من هزة، فما إن أرسلت موسكو رسالة لإلغاء انتخابات مجلس الشعب، حتى أكد نظام الأسد على إجرائها بموعدها، فأرسلت موسكو للأسد بقبول المرحلة الانتقالية التي تفضي للتنحي ولجوء الوريث لموكسو أو عُمان، فرد الأسد عبر وليد المعلم أن مقام الرئيس خط أحمر...فلوحت موسكو بسحب قواتها البحرية والبرية والجوية، بعد تحقيق قواتها الرئيسية هدفها، مع الإبقاء على قاعدتين".
وأضاف في منشور تحت عنوان "يالله ارحل يا بشار" "لو ربطنا ما يجري بما قاله ديمتسورا إن فشل المفاوضات الحالية سيحيل الملف السوري لمجلس الأمن، فيمكن الاستنتاج أن روسيا تريد القول إنها من يطيح بالأسد ولو تحت الفصل السابع، وإن أضفنا مع ما بدأ من غزل بين موسكو وأنقرة من إدانة عملية أنقرة الإرهابية وتعزية بوتين للأتراك، بعد فشل زيارة وزير الخارجية الروسي لطهران قبل عشرة أيام، فربما نصل إلى أن مرحلة جديدة تدخلها الثورة السورية".
مرحلة رأى "عبد الرزاق" أنها "في صالح الشعب السوري لاشك، إن لم يفرط بتفاؤله ويقف بوجه التقسيم والفيدرالية".
وختم "كفى ما دفع السوريون من أثمان كرمى لوجود عصابة آثر العالم على إبقائها لتنهي الدور الوظيفي الموكل إليها...وهاهو، أو جله، قد تحقق".
* رأي واعتذار
ورغم اعتذاره عن المشاركة برأيه حول قرار الانسحاب الروسي من سوريا، فيمكن اعتبار رسالة اعتذار الشاعر "فرج بيرقدار" على أنها تمثل رأيا بحد ذاته.
وكتب "بيرقدار ردا على طلب "زمان الوصل" الإدلاء برأيه: "مطلوب مني أمور كثيرة من أجل تظاهرة غداً في استوكهولم، وأخشى أن لا أتمكن من النهوض بالأعباء الملقاة على كاهلي ودور صغيري هذا الأسبوع عندي، ناهيك عن عدم رغبتي في لعب دور السياسي، ولا سيما في أمر مخابراتي بامتياز يجعل وزراء خارجية دول مهمة مثل البلهاء في تصريحاتهم بهذا الشأن..آمل معذرتك يا صديقي".
* انسحاب يعرّي النظام
بينما اعتبر الصحفي "ناصر علي" أن القرار الروسي ليس مفاجئاً، مشيرا إلى أن الروس لا يحتملون معركة أطول نظراً لتهاوي اقتصادهم وتردي علاقاتهم الاقتصادية والسياسية مع الخليج والأتراك.
وأضاف "هم لا يريدون الغرق أكثر في مستنقع الدم السوري والدور الذي أناطه الأمريكان لهم اكتشفوا أنه ليس إلا ورطة غير محسوبة النتائج".
من جانبه قال المحلل السياسي "ياسر بدوي" إن الانسحاب الروسي العسكري من سوريا يشكل نقلة ومنعطفا في مسار الانتقال السياسي في البلاد، مضيفا أنه "لو تركنا الأسباب الروسية للانسحاب، وهي كثيرة لها علاقة بالوضع الاقتصادي وعدم المقدرة على مجاراة الحضور العسكري الأمريكي العالمي والحضور العسكري الإقليمي، إضافة إلى نشر الناتو قوات خاصة على حدود روسيا مع أوروبا الشرقية والبلقان ولو حصرنا في معاني الانسحاب سوريا نجده هاما لإطلاق عملية سياسية تقود إلى تغييير النظام والتخلي عن بشار ولا نعلم ماذا نالت روسيا، لكن لا بد أن تكون ضمنت قاعدة عسكرية لها وإعادة تدريجية لأسعار النفط وعقودا مع الخليج وتركيا".
وتابع "بدوي" "الآن سيجد النظام نفسه عاريا، إما أن يقبل الانتقال السياسي حسب جنيف واحد وإما سيكون عرضة لضربات الثوار".
واعتبر أنه "من المرجح أن الروس والأمريكان استطاعو استمالة العسكريين الذي يقاتلون معه و بالتالي يضمنون مصيرهم"، لافتا إلى أنها "هذه المؤشرات الأولى للانقلاب الروسي في سوريا في لحظة فاصلة وحساسة".
* التوقيت أوجع الأسد
الصحفي "علي عيد" استعرض مقولة "ريفا بهالا" نائبة رئيس شركة "ستراتفورد" المتخصصة في الاستخبارات الجيوسياسية ومفادها "إن موسكو لن تتحمل نفقات العمليات العسكرية في سوريا أكثر من 4 أشهر".
وقال إن "بهالا" قدرت وقتها كلفة الطلعات الجوية والغارات الروسية بمليوني دولار يومياً، وقدرتها مصادر استراتيجية أميركية بنحو مليونين إلى 4 ملايين دولار يوميا، أي أن كلفة العملية الروسية التي تشمل شن الغارات الجوية خلال نحو 105 أيام اعتبارا من تاريخ بدء العملية في 30 أيلول ـ سبتمبر تتراوح بين 210 و420 مليون دولار، إضافة إلى 500 مليون دولار كلفة العمليات اللوجستية في قاعدة "حميميم"، فضلا عن تكاليف تحريك القوات وإطلاق الصواريخ البالستية التي كلفت نحو 30 مليون دولار.
وحسب "عيد"، وهو من أسرة "زمان الوصل"، فإن "ما سبق يعني أن الروس دفعوا نحو مليار دولار وهم غير قادرين على دفع فاتورة أكبر مقابل مكاسب غير واضحة وعدم وجود ممول".
وأضاف "الرئيس بوتين قرر اليوم (أمس) وأبلغ بشار في ذات اليوم حسب البيان الرسمي الروسي، مع التأكيد على دعم المسار السلمي، هذا يعني أن الروس لم ينسقوا الخطوات مع الأسد وإلا لكان هناك تمهيد".
ورأى الزميل "علي" أن التوقيت مع بدء جولة جنيف الجديدة، أوجع النظام السوري، متوقعا المزيد من الضغط على الأسد، طالما أن البيان الرسمي تحدث عن موقف يتماشى والتنسيق مع "الشركاء" الأجانب ومنهم الأميركي حسب البيان.
واعتبر أن "وصف قرار بوتين بالمناورة ليس فيه وجاهة بالقطع لأن الروس قادرون على تنفيذ ما يريدون دون مناورة، والدليل إصرارهم على دعم الأسد طوال خمس سنوات واستخدامهم "الفيتو" ثلاث مرات".
وختم "علي عيد" بأنه "سحب القوات الروسية والإبقاء على ألف جندي بمن فيهم العاملون في طرطوس وحميميم حسب تصريحات رئيس لجنة الدفاع والأمن لمجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، تشير إلى أن الروس حسموا أمرهم بعدم التورط أكثر، والذهاب في مسار فرض التسوية، مع عدم استبعاد احتفاظهم بخيار حماية دويلة "علوية" إذا استدعت الظروف في مرحلة لاحقة".
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية