شموع آذار توقد بالقامشلي في ذكرى "الانتفاضة الكردية"

أشعل السكان الأكراد شمال سوريا، الليلة الماضية، الشموع استذكاراً لضحايا قمع قوات النظام للانتفاضة الكردية، قبل 12 عاماً، والتي تطورت عن الشجار بين جماهير فريقي "الجهاد" و"الفتوة" خلال مباراة كرة قدم في ملعب مدينة القامشلي، لتعم الاضطرابات مناطق الأكراد وأحيائهم حتى في العاصمة دمشق.
القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا، "عمر إسماعيل"، تحدث لـ"زمان الوصل" بعد مشاركته في إشعال الشموع، فقال: إن نظام الأسد ارتكب مجزرة دموية بحق كوكبة من الشباب الكرد الأبرياء في ملعب القامشلي، في يوم 12 آذار/مارس 2004، فكانت بداية الانتفاضة الكردية، التي جاءت رداً على ممارسات نظام الأسد من تمييز واضطهاد واستغلال واستبداد ومحاولات صهر القومية الكردية، وإنكار وجودها.
وأضاف "إسماعيل"، وهو أحد المعتقلين حينها، أن النظام الدكتاتوري استخدم أساليب القمع كافة، من قتل واعتقال ضد الشعب الكردي، وراح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، كما تعرض الآلاف للاعتقالات والفصل والتعذيب والتشريد.
ولفت إلى أن "الشعب الكردي في ذكرى الانتفاضة الكردية مع احتفال كل السوريين بالذكرى الخامسة للثورة السورية، التي خرجت مطالبة بتغيير نظام الأسد، والذي واجه الشعب السوري بأساليب القمع ذاتها، ما أدى إلى تهجير ملايين السوريين، واستشهاد مئات الآلاف منهم، وتحويل الأرض السورية إلى منبع للإرهاب، وذلك من خلال استقطاب المجموعات الإرهابية وإنشاء تنظيمات جديدة متطرفة تحارب الشعب السوري ومبادئ ثورته في بناء سورية مدنية تعددية ديمقراطية".
*انعكاسات الانتفاضة الكردية
انتفاضة آذار كان لها آثار سلبية على مجمل القضية الكردية في سوريا، ولا تزال ماثلة للعيان إلى يومنا هذا، حيث تم طرد وفصل العشرات من الطلاب الكرد من المدارس والمعاهد والجامعات، كما تم استجواب وتعذيب والتحقيق مع المئات من أبناء شعبنا الكردي في أقبية المخابرات بجميع فروعها، وحتى الجنود الأكراد في الجيش لم يستثنوا من ذلك، فحكم على عدد كبير منهم بالسجن، وفقا لحديث القيادي الكردي.
يقول القيادي الكردي "اسماعيل" "سلبت ونهبت ممتلكات الشعب على أيدي عصابات الجنجويد البعثية (عصابات مرتبطة بالبعث) في وضح النهار على مرأى ومسمع مجموع الأحزاب الكردية في سوريا، حتى لجأ عدد كبير من العائلات الكردية الى كردستان العراق هرباً من بطش النظام البعثي الدموي".
ويؤكد "اسماعيل" على الوفاء لدماء الضحايا (الشهداء)، وعلى "استمراريتنا في الثورة، والمطالبة بإسقاط نظام الأسد وأجهزته الأمنية وبناء سوريا اتحادية ديمقراطية، وحل القضية الكردية وفق العهود والمواثيق الدولية".
وكانت "الإدارة الذاتية" الكردية، غيرت اسم الملعب البلدي بالقامشلي، العام الماضي، ليصبح ملعب "شهداء 12 آذار"، في إشارة إلى ضحايا تلك الأحداث، التي قتل خلالها 52 شخصاً منهم 29 كردياً، وفقاً لما ذكرته الإدارة عند الإعلان عن تغيير اسم الملعب.
*من القامشلي إلى جامعة دمشق
كنّا في السنة الأولى ندرس ضمن قسم الإعلام بكلية الآداب، وبينما نحن نستمع لإذاعة "بي بي سي" البريطانية داخل غرفتنا بالسكن الجامعي قسم "الطبالة"، ورد خبر يتحدث عن قتلى وجرحى بمواجهات بين قوات الأمن ومحتجين أكراد في مدينة القامشلي، تركنا كل شيء وهبطنا إلى كابينات الهاتف (البراق) نحاول الاتصال مع أهلنا لنستعلم ونطمئن عليهم، لكنني عجزت عن ذلك ومثلي كثير من الشباب الأكراد كانوا ينتظرون دورهم.
خلال هذه الأيام، كانت قوات مكافحة الشغب تحيط بمنطقة الجامعة في المزة، بعد اعتصام مجموعة من الطلاب الأكراد على المدخل الشمالي للمدينة الجامعية، وكانت إحدى زميلاتنا بقسم الإعلام تدعى "سيدار"، مشاركة في الاعتصام، تخاطب زميلة أخرى استفهمت عن السبب، فأجابتها "سيدار" غاضبة: "ثلاثة أطفال قتلوا...ألا يحق لهم أن يكونوا مثل محمد الدرة؟".
واعتقل على خلفية هذه الاحتجاجات مجموعة من طلاب الجامعة بينهم، زملاء لنا في الإعلام، ثم فصلوا من كلياتهم، لكن بعضهم أصر على إعادة الثانوية للدخول من جديد في القسم ذاته، وكدنا أنا وابن عمي نفصل، فقط لأننا من الحسكة، لكنهم اكتفوا بالتحقيق معنا والفصل من السكن الجامعي.
وقال التلفزيون وقتها: إن "أعمالا مفتعلة قام بها بعض الغوغاء في محافظة الحسكة، ضد استقرار الوطن والمواطن وأمنهما وهما من ثوابت المصلحة الوطنية ولا يجوز العبث بها تحت أي ذريعة، وأن استغلال ما جرى في الملعب البلدي من بعض المدسوسين للقيام بأعمال شغب تخريبية طالت بعض الممتلكات الخاصة والعامة هو ترجمة لأفكار مستوردة".
الانتفاضة الكردية، التي عرفت سوريّاً باسم "أحداث القامشلي"، اندلعت بتاريخ 12 مارس/آذار عام 2004 م في مدينة القامشلي شمال الحسكة، قبيل انطلاق مباراة كرة قدم بين فريق نادي "الجهاد" من أبناء المدينة، وفريق "الفتوة" القادم من دير الزور، سرعان ما تدخلت فيها قوات الأمن، فسقط 6 شبان برصاصها، ثم امتدت الاضطرابات إلى بقية المدن واستمرت 6 أيام، لتخلف 40 قتيلا وفق مصادر كردية، و25 قتيلا وفق حصيلة رسمية، ومئات الجرحى، ونحو 2000 معتقل في سجون الأجهزة الأمنية.
الحسكة - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية