أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"السوق العتيق".. كان هنا

"السوق العتيق".. من أهم معالم دمشق، وذاكرة رائحة الماضي القديم - زمان الوصل

لم يهدم النظام بيوت السوريين بالدبابات والطائرات التي تلقي البراميل المتفجرة فقط، ولكنه على مدار 50 سنة من الحكم قضى بسياسة ممنهجة على كل معالم مدنهم، وهتك ذاكرتهم الثقافية والاجتماعية، وحاول كل ما في جهده عبر قوانين تدعي العصرية في نسف كل أماكن عيشهم وتاريخهم.

*البلدوزر..يحسم
من أهم معالم دمشق، وأحد أبواب رزق مواطنيها البسطاء، وذاكرة رائحة الماضي القديم..."السوق العتيق" الذي كان يعيل آلاف الأسر السورية، وفيه عدد هائل من المحال التجارية.

بكل بساطة أصدر النظام قراره بأن يهدم، وبالرغم من كل الدعوات من مؤسسات حماية دمشق القديمة، ومنظمة اليونسكو إلا أن البلدوز كان له الكلمة الفيصل، وتحول السوق الأثري إلى كومة تراب ما لبثت أن صارت مزبلة قذرة وسط حديقة كانت للمشردين واللصوص وأصبحت مأوى للمهجرين والمطرودين من بيوتهم.

و"السوق العتيق" واحد من أهم أسواق دمشق القديمة، وهو مبني على أساس نسيج متكامل من الأقواس الأثرية الرومانية التي تعكس تاريخاً عريقاً عرفته مدينة دمشق على مدى الأجيال، ويحتوي على ركائز أثرية هامة منها حمام القرماني ومدرسة سيد قريش المؤلفة من فسحة سماوية على جوانبها يقوم بناء المدرسة بحجارتها الهندسية وأقواسها الجميلة وزخرفتها المميزة.

*تجارة عقارات وطائفية نائمة
عام 2007 وفي ذروة نشاط تجار العقارات الذين دفعوا الرشاوى إلى مديرية التنظيم العمراني -وبالتحديد للمهندس "عبد الفتاح إياسو" مفتاح محافظ العاصمة "بشر الصبان"- باشرت حينها المحافظة بمجموعة من مشاريع الاستملاك منها شارع الملك فيصل الذي تم ايقافه، وطريق كفرسوسة الذي تشرد بسببه آلاف المواطنين، وهذه المشاريع كانت تهدف لزيادة ثروة الحيتان المالية وتبييض أموالها، وأيضاً نسف الوجه الجميل لدمشق.

"السوق العتيق" وقع في قلب التجار، وزبانية المستشارية الإيرانية وقرروا هدمه، وبالرغم من كل الحملات الإعلامية، والمناشدات، وتدخل اليونسكو لم تلق السلطات الحاقدة سمعاً لأحد، وقررت إزالة السوق الأثري.
إحدى أساتذة التاريخ قالت حينها في جلسة عقدت في المحافظة إن العمل على شق شارع الملك فيصل يصب في مطلب إيراني هو هدم المساجد السنية بدمشق القديمة وإبراز الأضرحة الشيعية، وحينها لم يؤخذ رأيها إلا في كونه يعكس حقداً طائفياً إلا أن السنوات الخمس الأخيرة من عمر ثورة الشعب السوري أبرزت مدى الحقد على الشام وتاريخها من قبل نظام ولاية الفقيه.

*ماذا بقي؟
اليوم "السوق العتيق" حديقة قذرة وبشر يفترشون الأرض، باعة بسطات يبيعون الدخان المهرب وعرانيس الذرة، وبعض الأدوات الكهربائية، وفي صدر المكان الحمّام الأثري آخر ما تبقى من حطام السوق.

باعة أسماك ملونة، كومة من القمامة قرب سور الحديقة، إضافة إلى بنائين حديثين لباعة الحلويات وأجهزة المويايل، وفي ظهر السوق مجمع "يلبغا" الذي لم يكتمل إنجازه منذ أكثر من 30 عاماً بانتظار أن ترسو مناقصاته على أحد يقبل أن يقتسم الغنيمة مع النظام ولصوص المحافظة.

*قلب ملوث
السوق ليس مرتعاً للباعة الجوالين والمهجرين، بل زادت مهمته كما يشاء النظام إذ تحول إلى شبه (ماخور) رسمي برعاية الأمن والشبيحة، ويحكى عن كل الموبقات في ليل دمشق البارد حيث لا أحد يجرؤ على الخروج من بيته سوى المجرمين والعاهرات، كما تقول مصادر من داخل العاصمة.

وتضيف المصادر "السوق نهاراً حيث يقع بين المرجة وفنادقها، وكل هذا التجمع البشري الكثيف يصبح مكاناً لتجمع النشالين واللصوص والمجرمين، ومعهم من يستثمرهم من شرطة ورجال أمن، وهنا تعقد المقايضات والصفقات حول المختفين والمختطفين والمسجونين بجرائم أخرى".
"السوق العتيق" قلب ملوث بأصابع فقط تشير إلى النظام وحاشيته.

سيف عبد الله - زمان الوصل
(242)    هل أعجبتك المقالة (310)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي