أشبه بلعبة أوجد الفروق العشرة بين رسمين متقاربين للغاية، يجد المرء صعوبة في إيجاد فروق بين نظامي الأسد والملالي.. لعبة تتحول مع الوقت إلى "مهمة مستحلية" لشدة تطابق النظامين-الرسمين، واشتراكهما حتى في التفاصيل الدقيقة.
جديد التفاصيل التي تعزز هذا التطابق، جملة قالها مبشر مسيحي أطلقت طهران سراحه مؤخرا، ومرت مرور الكرام بين ثنايا كلامه الذي أرداته الصحافة الغربية أن يكون مسلطا على اضطهاد نظام خامنئي للمسيحيين في إيران.
ففي مقابلته الحصرية مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، ذكر المبشر "سعيد عبديني" المحرر من سجون الملالي قبل أيام، أن "أسوأ" مشهد رآه طوال فترة اعتقاله (مدة 4 سنوات) هو مشهد اقتياد "السنة" لتنفيذ حكم الإعدام فيهم.
وأكد "عبديني" أن "العشرات من السنة" كان يقتادون "أمام عينيه"، لتنفيذ حكم الإعدام فيهم ضمن ساحة سجن رجائي شهر "كل أربعاء".
"كل أربعاء"، هذه العبارة الصغيرة المؤلفة من كلمتين بـ8 أحرف فقط، تعني الكثير الكثير في ملف التفاصيل التي تجعل نظامي الأسد والملالي، أقرب شيء إلى رسمتين متطابقتين كليا، نشرهما رسام محترف، وطالب الجمهور "بخبث" أن يوجدوا الفروق العشرة بينهما، وهو يعلم أنهم لن يجدوها.
ففي "كل أربعاء" كانت دفعة من معتقلي سجن تدمر الرهيب على موعد مع تعليق المشانق، هناك كانت الحبال تلتف على رقاب المعتقلين، وكان يبدو لهم -ولنا نحن المراقبين- أنهم يشنقون بحبال من "صناعة وطنية" وبـ"أيد سورية"، حتى جاءت الثورة الأكبر (باعتبار وجود ثورة كبرى سبقتها) فقلبتنا عقبا على رأس، لنرى الصورة كما ينبغي أن نراها، ونحن في وضعيتنا الصحيحة، فتطابق المعنى العربي للثورة مع المعنى الفارسي "انقلاب"!
لكن شهادة "عبديني" أتت لتعطي الصورة الواضحة بعدا إضافيا، وعميقا، فربطت بعبارة واحدة (كل أربعاء) أرجاء جمهورية الموت والخوف، وأزالت الحدود الموهومة بين "أقاليمها"، وأعادت تركيب بعض المربعات المغيبة عنّا مخافة اكتمال المشهد.
مع شهادة "عبديني" اكتشفنا أن الرسمين المطلوب منا أن نجد الفروق بينهما هما رسم واحد، وأن النظامين نظام واحد، وأن الحبل الذي يشنق به "السني" في "رجائي شهر" ينتهي طرفه الآخر في "تدمر" أو "صيدنايا" ليخنق شخصا آخر، يهدد وجود إيران ومشروعها كـ"إمبراطورية" ذات حدين ديني وقومي، لأنه يهدد بإطاحة وكيلها الحصري ومقاولها الأكبر في المنطقة العربية.. فلا حد يباعدنا/ ولا سجن يفرقنا/ وهذا الحبل يجمعنا/ بإعدام وإعدام.
إيثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية