أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

'كلنا عيال قرية': القصبي والسدحان يصرفان من رصيد طاش ما طاش

'قمر بني هاشم': أداء لا يتأثر ولا يؤثر!

كثير من نجوم الكوميديا العرب، يعانون بعد أن يحققوا النجاح والنجومية من أسر الأعمال والتجارب التي حققت لهم ذلك النجاح...

فالنجم الكوميدي الذي يذوق لذة الأضواء والشهرة وحب الجماهير بسرعة تفوق كثيرا ما يتحقق للنجم الدرامي، يصبح جباناً بطبعه، ويعد للألف قبل أن يفكر أن يقدم على تجربة جديدة يمكن أن تهز عرشه... وعلى سبيل المثال فقد ظل نجم الكوميديا السوري ياسر العظمة لفترة تقترب من ربع قرن، يلوك نجاحاته وخيباته وتكراره لذاته في مسلسل (مرايا) رغم الإعلانات الكثيرة التي أطلقها عن إيقاف هذه السلسلة منذ أكثر من عشرة أعوام...

 ورغم أنه بدأ العام الماضي بتصوير مسلسل تلفزيوني مختلف عن تركيبة (مرايا) بعنوان: (رجل الأحلام) إلا أنه بعد أن صور نصفه تقريباً، قرر وضع الأشرطة في العلب... وحفظ التجربة وإرجاءها ريثما تتوفر لديه شجاعة أكبر للتغيير والتجريب من جديد!


أسوق هذه المقدمة لأشيد من حيث المبدأ على الأقل، بجرأة الثنائي الكوميدي عبد الله السدحان وناصر القصبي، في التجديد والتغيير، وفي الخروج من أسر (طاش ما طاش) بعد خمس عشر عاماً من تقديم هذه السلسلة الكوميدية الناقدة، التي بدأت صغيرة وبسيطة ثم كبرت وتطورت... وحققت جمهوراً عربياً لهذه الكوميديا السعودية الناقدة، وحركت المياه الراكدة في المجتمع السعودي، عبر جرأتها في تناول قضايا هذا المجتمع إلى درجة خلقت اتجاهات في الرأي العام وفي الصحافة السعودية بين مؤيد ومعارض...


لكن لأن العبرة هي في النتائج وليس في النوايا أو جرأة التغيير فقط... فقد بدا العمل البديل لـ (طاش ما طاش) هذا العام، والذي أطلق عليه صناعه (كلنا عيال قريّة) مملاً ومخيباً للآمال، ليس لأن السدحان والقصبي، قررا السباحة فيه خارج دراما اللوحات الانتقادية التي قام عليها عملهما الأسبق (طاش ما طاش) لسنوات طويلة...

فدراما اللوحات أو غيرها هي خيار فني قابل للنجاح أو الفشل، وحتى حين كانا يقدمان ذلك النوع، لم يكن الأمر يخلو من انتقادات، وخصوصاً في السلسلة الأخيرة من (طاش ما طاش) التي غلبت عليها الجدية والتفلسف والخوض في القضايا الكبرى بمعالجات غير ناجحة كوميدياً... إلا أن مشكلة (كلنا عيال قريّة) تبدو متعددة الوجوه...

فعلى الصعيد الأول ثمة مشكلة في الكاركترات الجديدة التي تقمصها السدحان والقصبي طيلة حلقات هذا العمل: (كريّم) و(سليّم) الشقيقان اللذان يتلازمان على الدوام... حيث يجمع الأول بين الجدية والالتزام مع قليل من السذاجة... فيما يبدو الثاني على قدر من الكسل مع قدر وافر من البلاهة والبلادة في تحمل مسؤوليات العمل والحياة.

لكن المشكلة أن هذين الكاركترين، لا يتطوران ولا تتطور تجربتهما في الحياة مع توالي الحلقات، وفي أحيان كثيرة يتشابهان حتى ليبدوان كاركترا واحداً... وبالتالي يدوران في المكان ويراوحان كوميدياً ضمن نفس ردود الأفعال، ونفس الآليات الذهنية، ونفس التعابير التي تتقلب بين السذاجة والبلاهة... وعلى صعيد آخر يعاني (كلنا عيال قرية) من ضعف حبكة النص، الذي أنتجته ورشة كان السدحان والقصبي جزءا منها، ويكاد هذا النص يكون أشبه بدراما الحياة اليومية منه إلى نص مسلسل كوميدي، وهذا اللون الذي أثبت نجاحه في الدراما الاجتماعية، سوف يبدو مملا وباهتاً للكوميديا التي تحتاج إلى التصعيد عوضاً عن السرد... وإلى الحدث الذي يعد بتحولات وانعطافات مثيرة... لا إلى تراكم التفاصيل الصغيرة مهما كانت مؤثرة.


صحيح أن (سليم) و(كريم) ينتقلان جغرافيا ووظيفياً من حال إلى حال... ويخرجان من بيئة إلى أخرى... لكن هذا الانتقال يبدو ذا طابع درامي أكثر منه كوميدياً... والمشكلة أن أسلوب الأداء التمثيلي يسعى لتأكيد الهوية الكوميدية للعمل، في حين أن النص يسير في اتجاه آخر!


أيضاً افتقد عبد الله السدحان وناصر القصبي في (كلنا عيال قرية) الحلول الإخراجية الكوميدية المبدعة لمخرج سلسلة (طاش ما طاش) عبد الخالق الغانم، الذي كان برأيي- ركنا من أركان نجاح تجربة (طاش ما طاش) فيمـــا بــدا (موفق الصلاح) مخرج (كلنا عيال قـــــــرية) بعيداً كـــل البعـــــد عن تكريس الهوية الكوميدية للعمل، وعن محاولة معالجة مشاكله النصيــــــة ضمن ما يعرف بـ (المعالجة الإخراجية للنص) ناهيك عن ضعف أدائه الإخــراجي عمـــــــــوماً، وسيطرة اللقـــطات الواسعة في المشاهد الخارجية، وعدم اهتمامه بإبراز التفاصيل، وجعلها جزءا من كوميدية المشهد أو الحالة.


لقد سعى ناصر القصبي وعبد الله السدحان أن يقدما بديلا جديداً لـ (طاش ما طاش) بعد أن شعرا أن كثيرا من الموضوعات والقصص قد استنفدت... حاولا أن يتجددا، وأن يصنعا عملا يضاف إلى مسيرتهما... ولكن خانتهما العناصر الفنية... لم يدرسا النص جيداً، فبدا عملهما غريباً عن جمهورهما القديم، وغير قادر على أن يكسب جمهورا جديداً خاصاً به...


ظل السدحان والقصبي مشغولين بنقد المجتمع السعودي، ولم ينسيا هنا أيضاً موضوعهما الأثير (نقد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وتصوير فظاظة بعض منسوبيها، لم ينسيا حالة الكسل التي تعتري الموظف السعودي في الدوائر الحكومية وغياب الإحساس بالمسؤولية... ولا حياة الترفيه الفارغة والمحدودة التي يعيشها مجتمع يعاني شرخاً بين رفاهية معاشة وقيم مفروضة، وبين جوع إلى الانفتاح على العالم وتذوق ملذات العصر...

لكن كل هذه الهواجس، رافقتها موضوعات هامشية نافلة، كانت تغرق في الثرثرة بلا هدف واضح، وكانت تفتقر إلى معادل فني قادر على تقديمها بثوب جديد على الأقل... وعلى إيصالها إلى الجمهور بشيء من المتعة الفنية التي تتبلور فيها هوية العمل وتوجهه وقدرته على انتزاع حيزه في زحمة أعمال رمضانية كثيرة، ليس بالاعتماد على رصيد نجميه السابقين، بل بقدرته على صناعة رصيد خاص به، وهو ما لم يتحقق على النحو المتوقع.. والذي كانت توحي به دعاية (الأم. بي. سي) الملحاحة التي كانت تعد هذا العام، بأكثر مما تحتمله الأعمال التي تبنتها وروجت لها!

ممثلون يتحولون إلى شخصيات كارتونية!

في مسلسل الكارتون (سوبر هنيدي) الذي تنفرد قناة (دبي) بعرضه، يتحول الممثلون النجوم إلى شخصيات كارتونية... فيغدو محمد هنيدي محققاً عبقرياً، وطلعت زكريا وحسن حسني وحنان الترك شخصيات حاضرة في هذه الدراما برسومات كارتونية كاريكاتورية!


العمل الذي كتبه الزميل الصحافي عمر طاهر، يحمل الكثير من عناصر النجاح والجاذبية، وهو يبدو خفيف الظل، ويحمل قدراً من التسلية التي يحتاجها المشاهد في زحمة هذه المسلسلات الدرامية التي ابتليت الشاشات باجترارها على عجرها وبجرها في هذا الشهر الكريم.


أجمل ما في (سوبر هنيدي) إيقاعه الكارتوني السريع، وأجواؤه التي تعكس خصوصية النكتة المصرية وتدفقها على ألسنة الشخصيات... وأعتقد أن جزءا كبيراً من النجاح يرجع إلى النص الذي يتيح للشخصيات مجالا حيوياً للفكاهة والظرف وفق فهم عميق لخصوصية العلاقات في دراما الكارتون.


وبالمنطق نفسه... أي تحويل الشخصيات التمثيلية إلى كارتونية، تتحول شخصيتا (أبو بدر) و(أم بدر) من مسلسل (باب الحارة) إلى شخصيتين كارتونيتين في مسابقة خاطفة اسمها (فزورة فوزية) وتعرضها قناة (إل. بي. سي)... ولا ندري إذا كانت الأعوام القادمة ستشهد موجة مسلسلات كارتون للكبار... فالدراما العربية عموماً، تعمل وفق مبدأ الموجات المستنسخة تبعاً للرواج التجاري...

لكن إن حدث هذا الشيء فربما سيكون أكثر إقناعاً من كثير من المسلسلات الدرامية العادية، والتي تشبه في علاقاتها وشخصياتها أفلام الكارتون!

'قمر بني هاشم': أداء لا يتأثر ولا يؤثر!

مشكلة المخرج محمد الشيخ نجيب في مسلسل (قمر بني هاشم) الذي كتبه محمود عبد الكريم، نقلاً عن (السيرة النبوية) لابن هشام، أنه يهتم بالمشهدية والجموع والأجواء التاريخية واللقطات الجمالية، وينسى إدارة ممثليه... فيتحول الأداء التمثيلي لدى كثيرين منهم، إلى درس استظهار مدرسي... لا أثر فيه للحظات الإيمانية، ولا للتفاعل العميق مع مجريات وأحداث الرسالة... التي قام نجاحها بالتأكيد على إيمان أتباعها الأوائل أكثر من أي شيء آخر!


ينسى الكثير من ممثلي (قمر بني هاشم)، وخصوصاً الشباب... أن هناك لحظات تأثر وخشوع ورهبة... وأن هناك منطقاً روحانياً يحكم هذه الشخصيات، وإلا لما آمنت ولما ثبتت على إيمانها في ظل ظروف صعبة وتحديات وحروب لم تقتصر على السيف وإنما تعدتها للحروب النفسية والاقتصادية والمقاطعة والنفي والطرد والتعذيب والتجريد من الأموال!


لقد كانت الإدارة التمثيلية، وعمل بعض الممثلين على شخصياتهم، إحدى العيوب القاتلة في عمل، يوحي أنه ينتمي إلى نوعية الأعمال التي بذلت فيها جهوداً كبيرة... إنما من دون أن تصل إلى النتائج التي كان يمكن أن تصل إليها.


كاتب من سورية
[email protected]

محمد منصور
(321)    هل أعجبتك المقالة (239)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي