فجأة خرج كل هؤلاء إلى العلن، وصاروا يمتلكون أهمية في بلد دخلته الفوضى من كل الجهات، من فتيان يحملون عبوات الغاز الصغيرة ويثيرون شفقة الناس بما يوحيه منظرهم العام من بؤس وقلة حيلة، وكانت عبارة (جيش أبو شحاطة) تلازمهم أينما حلوا، وتصفهم بدقة متناهية، هم عساكر الوطن وكل من ارتدى بزتهم العسكرية فيما بعد.
اليوم يمارس هؤلاء الحمقى الدراويش دور القائد والقاتل وحامي الحمى...وصولاً إلى رتبة عاشق في آخر درجات سلم مهماتهم، وصار الواحد منهم الآن (زير نساء) يحظى باهتمام طالبات المدارس وسيدات البيوت التي يحمونهن بحواجز صارت مصدر أهميتهم ورزقهم.
*حواجز...للحب
هم يستثمرون الحواجز، فكل من يمر من هنا يجب أن يبرز هويته، وعسكري الحاجز وحده من يقرر مصير العابرين مشاة كانوا أم ركابا، وهنا يبدأ (بازار) العبور، سيفعل العسكري ما يجعل الآخرين يشعرون بمكانته وسلطته، والبعض سيشعره بذلك كي لا يجبر على تفييش هويته وهذا يتطلب ساعات من الانتظار، وربما يكون أحد ما من المطلوبين يحمل نفس كنيته أو رقم خانته، وهذا يعني أنه سيعتقل ويقاد إلى الأفرع الأمنية بالتسلسل وهو ما يستمر لأشهر قد يكون مصيره قبل انتهاء هذه الجولة...الموت.
النسوة والفتيات لن يكون بمقدورهن سوى الالتفات جانباً أو الابتسام، وهنا يبدأ العسكري باستعراض مهاراته وتوجيه عبارات غير مباشرة لهن ليجتذبهن إليه، وهذا ما يتكرر يومياُ وعلى مدار الساعة.
الطالبات الجامعيات يتعرضن للتحرش في الذهاب والإياب في الرحلة بين الريف والعاصمة، والفتاة المضطرة للدوام اليومي هي هدف العساكر على حواجز قد يصل عددها في بعض الطرق إلى 20 حاجزاً من كافة الأصناف (حرس جمهوري- ف4- شبيحة- دفاع وطني) ولكل منهؤلاء عقليته وطريقته الفظة في التعاطي.
الموظفات لهن نفس النصيب من التحرش والانتظار، وحتى الخط المخصص لعبور الباصات التي تقلهن مع زملاء في الوظيفة يتم تفتيشه.
*حاجز للشكاوى
الحاجز حل مكان الشرطة والمحكمة والقاضي، فمن تغضب من زوجها تشتكيه للحاجز، وإن حصلت مشاجرة يتدخل الحاجز، وإن اختلف مؤجر ومستأجر يتدخل الحاجز، وهكذا تحل مشاكل الحي من قبل العساكر والضابط المشرف عليهم وهذا يقود إلى علاقات خاصة بينهم، وينتج عنها علاقات مشينة لا يستطيع الزوج وصاحب البيت والشباب التدخل لأنهم خصمهم على استعداد لاستخدام السلاح وإلصاق التهم التي تصل للتعاون مع العصابات المسلحة لمجرد خلاف بسيط.
*ابتزاز نساء المعتقلين..وأبنائهم
أقام عناصر الحواجز في بعض القرى علاقات مريبة ومشينة مع نسوة اتهمن بانتماء أبنائهن وإخوتهن للثورة ومساندتها، وفتيات تم اغتصابهن من عناصر وضباط دون أن يقدمن أي شكوى بحقهم كونهن أخوات مطلوبين وأو سجناء لدى النظام بتهم مختلفة، وغيرهن دفعن من عفتهن من أجل أن يطلق سراح ذويهن من قبل ضباط ادعوا أنهم يعرفون عناصر أمن ورؤوساء أفرع أمنية، وأن بإمكانهم التوسط لإطلاق سراحهم...هكذا يتحول الحاجز في سوريا (الأسد) إلى مكان لممارسة الابتزاز الأخلاقي والاعتداء على شرف السوريات وإذلالهن.
*حدائق الحب في العاصمة
كل من يعرف الشام يقف مستغرباً من مشاهد الغرام الفاجرة التي تجتاح حدائقها، وقد تحولت مقاعدها إلى جلسات عشق وقبل، والأغرب هي أن العشاق هم عساكر الوطن وحراس حواجزه، وهذا ما يجعل مواطناً يسأل باستغراب: متى يدافع هؤلاء عن وطنهم؟.
بعض الحدائق تصبح في الليل مقراً للمارسات الشاذة، وبعضها لا يدخله إلا الشبيحة بعد منتصف الليل ومعهم المحظيات ومن تيسر لهم من فتيات تائهات أو مهجرات أو مخطوفات.
فلسفة الحب الجديدة التي تقتحم عالم الشبيحة والفوضى الأخلاقية التي أحدثوها في البلد تشي بمستقبل مجهول لأجيال سورية قادمة تائهة ببحر أخلاق جديدة يبنيه أصحاب القلوب والأحقاد السوداء...سوريا كما تراها عيون الرعاع وقادتهم.
سيف عبد الله - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية