تتسابق الولايات المتحدة حليفة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) مع روسيا حليفة نظام بشار الأسد والحزب الكردي ذاته، في إنشاء قواعد عسكرية ومناطق نفوذ في محافظة الحسكة، في وقت كفت إيران يدها عن المنطقة بعد إنهاء وجود قياديي حزب الله في القامشلي نهاية 2015.
تعقد المشهد وتشابك المصالح وتعارضها يعمق مأساة السوريين، ويطيل أمد الحرب بإطالة عمر النظام، الأمر الذي ينعكس على تطورات الوضع في الحسكة الغنية بالثروات الباطنية وأهمها النفط، حيث تحث أمريكا الخطى لإنشاء مطار عسكري بجوار حقول نفط رميلان قرب الحدود مع العراق، بينما بدأت روسيا ترسل جنوداً عبر مطار القامشلي الدولي، الذي يسيطر عليه النظام لتتدخل فيما يخطط للمنطقة التي باتت غرفة عمليات دولية لإدارة معاركها ومصالحها في سوريا.
وتُرجم الوجود الروسي بإيقاف حملة تحالف "قوات سوريا الديمقراطية" باتجاه منطقة الشدادي النفطية، وتحويلها إلى جبهات التنظيم في ريف حلب، حيث تواجه قوات النظام ورسيا مقاومة عنيدة من الثوار ومن تنظيم "الدولة الإسلامية" على جهات متفرقة.
وأكد الناشط "أبو قاسم الجزراوي" في حديث لـ"زمان الوصل"، أن المطار الزراعي الواقع بين بلدتي اليعربية ورميلان شمال شرق الحسكة، بدأ باستقبال الطائرات المحملة بالسلاح منذ أكثر من شهر، حيث استطاع أن يصور بهاتفه المحمول الطائرات قبل هبوطها هناك.
وقال الناشط إن طائرة شحن عسكرية أمريكية وطائرتي أباتشي حطت في المطار الزراعي قرب اليعربية، لإفراغ حمولتها من ذخائر وأسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطي والميليشيات التي يقودها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بإشراف ثمانية ضباط وخبراء عسكريين أمريكيين"، مشيراً إلى أن الأمر بدأ يتكرر بين فترة وأخرى حيث يستخدمون بتنقلاتهم الطريق باتجاه بلدة رميلان ثم مدينة المالكية.
من جهته، صحفي ينحدر من قبيلة "شمر" –طلب عدم ذكر اسمه- قال إن الأمريكان وحلفاءهم في الإدارة الذاتية، استولوا على مساحة 200 هكتار من أراضي الأهالي بمحيط المطار الزراعي، الواقع قرب قرية "الجفال"، وذلك دون أي تعويض لأصحابها.
وأضاف الصحفي في حديثه لـ "زمان الوصل"، أن 7 سيارات غريبة توجهت الليلة الماضية (الاثنين) على المطار قادمة من مدينة المالكية، وسط حراسة أمنية مشددة، تبين فيما بعد أنها تقل مسؤولين من إدارة PYD الذاتية وضباط أمريكان، عائدين من اجتماع لهم في المالكية لبحث عمليات تحصين القاعدة العسكرية الجديدة.
مسؤولو الإدارة الذاتية، لم ينفوا أو يؤكدوا هذه الأنباء، عن إقامة القاعدة الجوية الأمريكية في تلك المنطقة، المهمة في محافظة الحسكة، والتي تحوي حقول رميلان النفطية، حيث يبعد المطار، الذي يعده الجيش الأمريكي ليكون قاعده لقوات أرسلها قبل أسابيع، (15 كم) عن محطة ضخ النفط في قرية تل عدس، حيث يتجمع فيها إنتاج أكثر من 1700 بئر من النفط، قبل ضخها عبر أنابيب إلى مصفاة حمص وميناء طرطوس، وهي أول منشأة نفطية تركها النظام لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في كانون الثاني 2013، حيث تحولت لمنطقة عسكرية يمنع الدخول إليها.
*روسيا موجودة أيضاً
أفاد الناشط محمود الأحمد، المنحدر من مدينة القامشلي، بوصول 100 جندي روسي بينهم 10ضباط برتب مختلفة فجر الاثنين، إلى مطار القامشلي على متن طائرة عسكرية سورية خاصة، لينتقلوا بعدها وسط حراسة وحماية مشتركة من الوحدات الكردية وعناصر الأمن العسكري إلى الفوج 154 التابع للفرقة 17 من قوات النظام في منطقة طرطب جنوب القامشلي.
وحسب الأحمد، أن مستشارين من الاستخبارات الروسية زاروا مدينة القامشلي، الأسبوع الماضي، للاتفاق حول نشر قوات عسكرية برية في المنطقة، حيث تم عقد عدة لقاءات مع قيادات عسكرية من مليشيات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وأخرى من قوات النظام، للاتفاق على نشر هذه القوات في مناطق سيطرة قوات النظام دون مناطق سيطرة الحزب الكردي، فيما تتنقل في مناطق الأخير دون إزعاج.
وكان اجتماع جمع ضباطا روس مع قادة من تحالف "القوات الديموقراطية "، المدعومة من الولايات المتحدة في بلدة تل حميس، خلال توجه رتل عسكري روسي مكون من 60 سيارة إلى البلدة، في الأسبوع الأخير من كانون الأول/ديسمبر 2015، وهو الوقت ذاته، الذي تحولت فيه الحملة العسكرية لحلفاء أمريكا على نواحي الريف الجنوبي، لانتزاع حقول نفط جديدة من يد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهذا ما اعترض عليه نظام الأسد وحلفاؤه الروس، لتنتقل المعركة إلى ريف حلب.
يذكر أن الولايات المتحدة شكلت تحالفاً جديداً، تحت اسم "قوات سورية الديمقراطية"، في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وزودته بالأسلحة التي أسقطتها جواً في الحسكة، بهدف محاربة تنظيم "الدولة"، حيث سيطر مسلحو التحالف الجديد، بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، خلال أولى حملاتهم العسكرية بدعم جوي من التحالف الدولي على ناحية "الهول" قرب الحدود مع العراق في ريف الحسكة الشرقي، وذلك في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي.
محمد الحسين -الحسكة -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية