يعيش المعتقلون في سجن حمص المركزي منذ إعلانهم العصيان المدني في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2012، أوضاعاً مأساوية جداً، وبعضهم مضى على وجوده في السجن قرابة 5 سنوات دون محاكمة، لاسيما أن النظام زجّ في السجن المذكور، منذ العام 2011، بأكثر من 3 الآف شاب على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية.
يقول حسان عبد المعطي (30 عاما) من ريف حمص، وأحد المعتقلين المفرج عنهم منذ أيام لمراسل "زمان الوصل" في حمص "خرجت من سجن حمص المركزي، والذي يسمى "سجن الموت"، بداية الشهر الحالي، بعدما بقيت فيه 38 شهراً، إضافة إلى 4 أشهر بالأفرع الأمنية في حمص، دون أي تهمة ضدي".
وأشار إلى أن شبيحة النظام في قرية "مريمين" الموالية اعتقلوه أثناء سفره إلى لبنان بقصد العمل، وأن عدد المعتقلين بالمبنى، الذي كان فيه، وهو خارج عن سيطرة النظام قرابة 1500 معتقل، منهم 1000معتقل متهمون بقضايا "الشغب"، والـ"500" الآخرون معتقلون قبل الثورة السورية بتهم مختلفة، أهمها: (تنظيمات إسلامية ــ مخدرات ــجرائم قتل ـ لواطة…)، لافتاً إلى أن الجرائم المسماة بـ"الشغب"، تندرج تحتها تهم عدة، أهمها: الانضمام إلى منظمات إرهابية، وضرب حواجز النظام، وتمويل وإيواء المسلحين.
وأكد "عبد المعطي"، أن معظم هذه الاتهامات شملها العفو، الذي أصدره رأس النظام منتصف العام 2014، إلا أن إدراة السجن، لم تنفذه بحجة أن السجن خارج عن سيطرتها، ومعظم المعتقلين فيه، لم يصدر بحقهم أحكام قضائية.
*أسرى بين الجرذان
وعن كيفية خروجه من السجن وطبيعة الحياة فيه قال المعتقل "عبد المعطي": دفعت 2،5 مليون ليرة لأحد المحامين الموالين للنظام بمدينة حمص، حتى تمكنت من الخروج بسلام من "سجن الموت"، مضيفاً بأن تهمته (الشغب) شملها العفو منذ العام 2014، وأن 90% من المساجين، الذين خرجوا من سجن حمص خلال هذا العام، دفعوا رشى مالية، للسماسرة والمحامين، تتراوح قيمتها ما بين مليوني ليرة لتهمة "الشغب" و6 ملايين ليرة لتهمة "الجنايات"، منوها بأن الحياة داخل سجن حمص المركزي، بقسميه الجديد والقديم، تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، وخاصة بعدما منعت إدارة السجن دخول الأطباء لمعاينة المرضى، كما منعت دخول المنظفات، والمعقمات، بحجة استخدامها في صناعة المتفجرات، ما أدى لانعدام النظافة داخل المهاجع وحمامات المساجين، وبالتالي انتشار الأمراض الوبائية المعدية بين النزلاء، وخاصة مرض "السل"، وانتشار القوارض (الجرذان) بكثرة، هذا بالإضافة إلى غياب التدفئة كلياً في فصل الشتاء عن السجن.
ورداً على سؤال آخر لـ "زمان الوصل"، عن الأسباب التي دفعتهم إلى الاعتصام مؤخراً، وحدوث مواجهات دامية مع حامية السجن قال المعتقل "حسان" إن السبب المباشر للمواجهات التي حدثت بالسحن مؤخراً، سوق 30 سجينا ممن أفرج عنهم إلى الخدمة العسكرية بجيش النظام، بعدما أخبرهم بأنهم سيذهبون إلى أسرهم، إضافة إلى إجراءات جديدة بحق المساجين، منها تقليل كمية الطعام وسوء نوعيته، وخاصة مادة الخبز، وعدم السماح لفوج الإطفاء بالدخول إلى السجن، عندما تعرض أحد المهاجع، قبل شهرين لحريق كبير، ما أدى إلى وفاة أحد السجناء، وإصابة العديد من السجناء بحروق متعددة، وخسائر مادية كبيرة، مؤكداً أن إدارة السجن، ومن خلفها النظام، يتمنون أن يتدمر السجن فوق السجناء.
*سيوف وخناجر
ورداً على سؤال آخر لـ"زمان الوصل"، عن طبيعة العلاقة بين السجناء وحامية السجن حاليا قال: منذ أكثر من سنتين، لم يدخل أي عنصر أمن، أو شرطي إلى مهاجع المساجين، وتفصلنا عن شرطة السجن عدة أبواب، وحواجز.
وأكد أن السجناء حطموا الأبواب والشبابيك التي تفصل بين السجن القديم والسجن الحديث، وبين مهاجع السجن، منذ أكثر من عامين، وأصبح كافة السجناء (شغب - قتل - تنظيمات إسلامية - مخدرات)، كأنهم في مهجع واحد، وحوّلوا أبواب السجن الداخلية وشبابيكه، والمصنوعة من الحديد إلى أسلحة بيضاء، عبارة عن "سيوف" و"خناجر"، بيد المعتقلين، يدافعون بها عن أنفسهم في حال تعرضهم للهجوم من قبل حامية السجن، أو ميليشيات طائفية تابعة للنظام، كما حوّل السجناء، رخام الحمامات وبلاط أرضيات المهاجع، إلى قطع صغيرة (حجارة)، للدفاع عن أنفسهم.
وأضاف يقول: حاول بعض السجناء بالأدوات الحادة، التي يملكونها حفر نفق تحت الطابق الأرضي للسجن، إلا أن إدارة السجن، كانت متوقعة ذلك، وأفشلت العملية، عندما حفرت خندقاً عميقاً حول سور السجن الخارجي بكامله.
وختم المعتقل حديثه لـ"زمان الوصل" بقوله: منذ أكثر من عامين، لم يدخل سجين جديد إلى القسم الخاضع لسيطرتنا (المبنى القديم والجديد)، بهدف التخفيف من أعداد السجناء إلى الحد الأدنى، وبالتالي سهولة اقتحامه من قبل حامية السجن، أو جيش النظام.
ولفت إلى أن إدارة السجن، جهّزت مبنى جديدا بالقرب من المبنى الخارج عن سيطرتها، وخصصته للمعتقلين الجدد.
وتوقّع "عبد المعطي" حدوث مجزرة كبيرة في حال حاولت قوات النظام، اقتحام السجن المركزي بحمص، لأن السجناء بجميع تهمهم، مستعدون للدفاع عن أنفسهم حتى الموت، لأنهم يعرفون بأن مصيرهم الإعدام في حال تمكّن النظام من اعتقالهم.
حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية